الإمارات في اليوم الدولي للسلام.. سجل مضيء في تاريخ الإنسانية
تحتفل دولة الإمارات، الخميس، باليوم الدولي للسلام، فيما تواصل جهودها لنشر السلام في العالم، التي يسجلها تاريخ الإنسانية بأحرف من نور.
وتحل المناسبة التي يحتفل بها العالم، في 21 سبتمبر/أيلول من كل عام، فيما تواصل دولة الإمارات استعداداتها لاستضافة قمة المناخ "COP28"، المعنية بمكافحة التغيرات المناخية التي تشكل مخاطر حقيقية على السلم والأمن الدوليين .
- أزمات العالم ومسارات السلام.. حراك إماراتي على هامش مداولات أممية
- الإمارات وقمة العشرين.. دبلوماسية السلام تعزز جهود التنمية
وضعٌ أدركته دولة الإمارات جيدًا، فشحذت هممها، ووضعت القضية على طاولة مجلس الأمن الدولي الذي ترأسته في يونيو/حزيران الماضي، وأدرجته ضمن أجندتها في الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 المقرر عقدها في مدينة إكسبو دبي، خلال الفترة من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول من العام الجاري.
قرار تاريخي
مجلس الأمن الدولي الذي تحظى الإمارات بعضويته على مدار عامي 2022 و2023 كان شاهدا على جهود الدولة المتواصلة لنشر الأمن والسلم الدوليين وتعزيز التسامح، عبر مبادرات رائدة.
مبادرات كانت أحدثها اعتماد مجلس الأمن في يونيو/حزيران الماضي قراراً تاريخياً، اشتركت في صياغته كل من دولة الإمارات وبريطانيا، حول التسامح والسلام والأمن الدوليين، والذي يقر للمرة الأولى بأن خطاب الكراهية والتطرف يمكن أن يؤدي إلى تفشي هذا الداء وتصعيده، وتكرار النزاعات في العالم.
حراك دبلوماسي متواصل
ويحل اليوم العالمي للسلام، فيما تواصل دولة الإمارات جهودها لتعزيز التعاون الدولي لدعم الأمن والسلم الدوليين.
وضمن أحدث تلك الجهود، يواصل الوفد الإماراتي الذي يترأسه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، مباحثات واجتماعات متواصلة مع مسؤولين في دول العالم المشاركة في الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة حاليا في نيويورك.
وإلى جانب ملفات عديدة، هيمن "دعم السلم والأمن الدوليين" على لقاءات وزير الخارجية الإماراتي مع نظرائه في العديد من الدول، بنيويورك، ومسؤولين آخرين.
حل الأزمات الدولية
وتتواصل عضوية دولة الإمارات في مجلس الأمن الدولي على مدار عامي 2022-2023، في وقت تواصل فيه الدولة جهودها كشريك بنّاء في المجتمع الدولي للتعامل مع التحديات الراهنة مثل الحفاظ على السلام، وتعزيز التسامح، والتغير المناخي، بما يسهم في تعزيز الأمن والسلم الدوليين.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، تقوم دولة الإمارات بجهود بارزة للبحث عن حل للأزمة الأوكرانية.
وسبق أن أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات نهج الدولة الثابت في دعم السلام والاستقرار على الساحتين الإقليمية والدولية والحلول السياسية للنزاعات والصراعات، بما في ذلك الأزمة الأوكرانية من خلال خفض التصعيد والحوار والدبلوماسية.
ومنذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، يقود رئيس دولة الإمارات، وعلى أكثر من صعيد، جهودا للدفع بحل سلمي ينهي الأزمة، آخرها زيارته لروسيا في يونيو/حزيران الماضي، بعد أقل من عام من زيارته لها في 11 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
زيارتان التقى خلالهما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتصدرت أجندة المباحثات الأزمة الأوكرانية، إضافة إلى إجرائه مباحثات هاتفية مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر من مرة، وترحيب الزعيمين بوساطة دولة الإمارات لإنهاء الأزمة.
وأثمرت تلك الجهود خطوة مهمة بنجاح وساطة دولة الإمارات لتبادل الأسرى بين البلدين قبل 7 أشهر.
ونجحت وساطة إماراتية في فبراير/شباط الماضي في إنجاز صفقة تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا، تم بموجبها عودة 63 أسير حرب "من الفئة الحساسة" إلى روسيا، مقابل استعادة أوكرانيا 116 أسيرا.
وبموازاة جهودها الدبلوماسية والسياسية المتواصلة لحل الأزمة، تنشط أيضا الجهود الإنسانية لدولة الإمارات للتخفيف من وطأتها، عبر تسيير جسر جوي إنساني لدعم اللاجئين الأوكرانيين والمتضررين من الأزمة.
أيضا تواصل دولة الإمارات جهودها للبحث عن حلول سلمية لأزمات منطقة الشرق الأوسط، وعلى رأسها الأزمة السودانية.
وأكدت دولة الإمارات على موقفها الثابت المتمثل بضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار والعمل على إيجاد حل سلمي للأزمة بين الأطراف المعنية، بما يعزز استقرار السودان ويلبّي تطلعات شعبه الشقيق في التنمية والتطور والنماء.
ومنذ بداية الأزمة بالسودان قبل 5 أشهر وحتى اليوم، لم تتوقف جهود دولة الإمارات لوقف التصعيد وإنهاء الأزمة بالحوار والطرق السلمية.
وبموازاة جهودها الدبلوماسية، كانت دولة الإمارات حاضرة بل ورائدة في مبادراتها الإنسانية، الهادفة لتخفيف وطأة الأزمة على المدنيين، سواء من أهل السودان أو من الرعايا الأجانب المقيمين به.
أيضا يحل اليوم الدولي للسلام في وقت يواصل فيه العالم حصد ثمار جهود دولة الإمارات الرائدة لتصفير الأزمات بالمنطقة وبناء جسور التعاون مع مختلف الدول.
المرأة وبناء السلام
ومن أبرز المبادرات الرائدة التي تقودها دولة الإمارات لنشر السلام بالتعاون مع الأمم المتحدة، مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك “أم الإمارات” رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، لتمكين المرأة في السلام والأمن.
وتعد الإمارات الدولة الأولى على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي تمتلك برنامجا وطنيا لدعم تنفيذ الالتزامات العالمية بشأن المرأة والسلام والأمن مع إطلاقها في 2019 "مبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن"، وذلك تنفيذا للقرار 1325 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تأكيداً على أهمية الدور الذي تلعبه المرأة في قطاعي السلام والأمن.
ويهدف البرنامج التدريبي الرائد إلى بناء وتطوير قدرات المرأة في مجال العمل العسكري وقطاعي الأمن والسلام حول العالم.
ويستند البرنامج إلى مذكرة تفاهم تم توقيعها عام 2018 بين كل من وزارة الدفاع والاتحاد النسائي العام وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، الأمر الذي يؤكد ثقة المؤسسات الدولية بقدرة دولة الإمارات على بناء وتطوير قدرات المرأة ليس على المستوى المحلي فقط بل إقليمياً وعالمياً.
وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، احتفل الاتحاد النسائي العام بتخريج 159 مشاركة من 15 دولة عربية وأفريقية بالدورة التدريبية العسكرية الثالثة لمبادرة الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة في السلام والأمن، ليرتفع إجمالي المتدربات ضمن المبادرة إلى 516 متدربة.
3 أعوام على اتفاق السلام
كما يحل اليوم الدولي للسلام هذا العام تزامنا مع مرور 3 أعوام على توقيع الاتفاق الإبراهيمي للسلام بين دولة الإمارات وإسرائيل، في 15 سبتمبر/أيلول عام 2020، الذي شكّل بارقة أمل وفرصة حقيقية لدول منطقة الشرق الأوسط بأن تنعم بالسلام والاستقرار بعد عقود طويلة من الصراعات والتوترات التي أثرت على مستقبل شعوبها.
3 أعوام مضت على توقيع اتفاق السلام الإبراهيمي بين الإمارات وإسرائيل، شهدت تبلور أسس ورؤية متكاملة لتحقيق سلام مستدام.
رؤية صاغتها دولة الإمارات عبر مواقف ورسائل ومبادرات ومباحثات واتفاقيات وضعت من خلالها أسسا واضحة لتحقيق سلام شامل وعادل ومستدام، يشمل مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والعلمية، وتجني ثماره المنطقة والعالم.
إنهاء أطول نزاع في أفريقيا
أيضا لا ينسى العالم في هذه المناسبة، الجهود الإماراتية البارزة لإنهاء أطول نزاع في أفريقيا، بين إثيوبيا وإريتريا.
وفي 9 يوليو/تموز 2018، وقّع أسياس أفورقي رئيس إريتريا وآبي أحمد رئيس وزراء إثيوبيا إعلانا حول السلام، ينهي رسميا عقدين من العداء بعد آخر مواجهة عسكرية عام 2000 بين الجانبين، والتي خلفت نحو 100 ألف قتيل وآلاف الجرحى والأسرى والنازحين.
وتوج الاتفاق عددا من الخطوات الإيجابية بمبادرة إماراتية ومساندة سعودية لإنهاء الصراع بين إثيوبيا وإريتريا من خلال قمة ضمت الزعيمين في العاصمة أبوظبي، لتشكل هذه الجهود، التي أسهم فيها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، انتصارا لدبلوماسية السلام التي تقودها الإمارات والسعودية.
وثيقة الأخوة الإنسانية
كما لا ينسى العالم أيضا دور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في رعاية وثيقة "الأخوة الإنسانية"التي وقّعها قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم 4 فبراير/شباط 2019، وتحول يوم توقيعها ليوم عالمي للأخوة الإنسانية يٌحتفى به دوليا كل عام.
ووثيقة الأخوة الإنسانية تؤسس دستورا جديدا للتعايش السلمي يجمع الشرق بالغرب، يتضمن عدداً من الثوابت والقيم، منها قيم السلام وثقافة التسامح وحماية دور العبادة وحرية الاعتقاد ونشر الأخلاق ومفهوم المواطنة.
وترجمة لأهداف تلك الوثيقة، تم افتتاح بيت العائلة الإبراهيمية الذي يضم كنيسة ومسجداً وكنيساً بأبوظبي، في 16 فبراير/شباط الماضي.
ويجسد "بيت العائلة الإبراهيمية" رسالة الإمارات للإنسانية بأهمية التعايش والأخوة بين الجميع، بغض النظر عن الأديان والمعتقدات واللغات والجنسيات.
عمليات حفظ السلام
ومنذ عهد القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كرّست دولة الإمارات نفسها لاعبا أساسيا وشريكا هاما في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي وذلك انطلاقا من إرثها الإنساني ورسالتها الحضارية القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح ونبذ التعصب
وخلال العقود الماضية شاركت الإمارات في عمليات لحفظ السلام في عدة مبادرات دولية، حيث شاركت في 1976 بقوة ضمن قوات الردع العربية في لبنان في محاولة لدرء مخاطر تفجر الحرب الأهلية وحفظ السلام.
وانطلاقا من وفاء الدولة بعهودها والتزاماتها المؤيدة لقضايا الحق والعدالة، شاركت الإمارات ضمن قوات درع الجزيرة في عملية تحرير الكويت مع دول مجلس التعاون الخليجي عام 1991 ضمن التحالف الدولي.
وترجمة لالتزام الدولة بمد يد العون لإعادة بناء ما دمرته الصراعات في الصومال واستقراره، أرسلت الإمارات عام 1993 كتيبة من القوات المسلحة إلى الصومال للمشاركة في "عملية إعادة الأمل" ضمن نطاق الأمم المتحدة بناء على قرار مجلس الأمن الدولي.
كما وقفت دولة الإمارات في عام 1994 بصورة واضحة إلى جانب البوسنة، بعدما تفجر الصراع بين البوسنيين والصرب، وأعربت للعالم عن قلقها العميق لما يجري للمسلمين في البوسنة.
وأقامت القوات المسلحة الإماراتية عام 1999 معسكرا لإيواء آلاف اللاجئين الكوسوفيين الذين شردتهم الحروب في مخيم "كوكس" بألبانيا، كما شاركت في عمليات حفظ السلام في كوسوفو.
وفي عام 1999 كانت الإمارات هي الدولة المسلمة الوحيدة التي قامت بإرسال قوات لتنضم إلى القوات الدولية لحفظ السلام في كوسوفو بموافقة قيادة حلف شمال الأطلسي.
وفي عام 2003 شاركت دولة الإمارات ضمن قوات حفظ السلام في أفغانستان "إيساف"، وبلغ عدد أفراد قواتها المسلحة المشاركة في القوة أكثر من 1200، حيث لعبت هذه القوات دورا حيويا في تأمين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني، فضلا عن قيامها بدور مواز في خطط إعادة الإعمار والحفاظ على الأمن والاستقرار هناك.
وبعد الأحداث التخريبية التي شهدتها البحرين ومحاولات التدخلات الخارجية في شؤونها في مارس/آذار 2011، شاركت دولة الإمارات بفاعلية ضمن قوات درع الجزيرة التي حافظت على أمن واستقرار ووحدة الشعب البحريني ودرأت عنه مخاطر الفتن المذهبية.
وانضمت دولة الإمارات إلى التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في عام 2014، وشاركت بفاعلية في العمليات العسكرية الموجهة ضد عناصر هذا التنظيم في سوريا مع مجموعة من الدول العربية والأجنبية
على صعيد جهود مكافحة الإرهاب تتواصل جهود الإمارات محليا ودوليا في هذا الصدد، على مختلف الأصعدة.
وضمن أحدث تلك الجهود، وقعت الإمارات وإثيوبيا 18 أغسطس/آب الماضي مذكرة تفاهم للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.