الإمارات تشارك الكويت أعيادها الوطنية.. أخوة تتوثق وعلاقات تترسخ
تشارك دولة الإمارات، الكويت احتفالاتها بأعيادها الوطنية، في وقت تمضي فيها العلاقات الأخوية التاريخية بين البلدين إلى آفاق أرحب.
تعاون متنامٍ في أمور عدة، لعل أبرزها مشاركة الكويت لأول مرة في معرض الدفاع الدولي "آيدكس" بدولة الإمارات العربية المتحدة الذي اختتم الجمعة، وتعاون بين البلدين لإطلاق أول قمر صناعي كويتي قبل نحو شهر.
برز التعاون المتنامي بين البلدين أيضا في تبادل الزيارات وتواصل المباحثات وتعزيز التعاون بما يصب في صالح دعم أمن واستقرار وازدهار البلدين والمنطقة.
وقبل أيام، أجرى الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس وزراء دولة الكويت، زيارة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، أعقبها زيارة للشيخ طلال خالد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع بالإنابة بدولة الكويت.
وضمن أحدث خطوات التعاون بين البلدين، تم الإعلان عن استكمال الربط الثنائي للأنظمة المرورية ضمن مشروع خليجي متكامل يهدف لتبادل المعلومات وتوحيد الإجراءات وتسهيل الخدمات المقدمة.
احتفالية مشتركة
وتحتفل الكويت السبت بالعيد الوطني الـ62، بمناسبة ذكرى استقلالها عن الاستعمار البريطاني عام 1961، فيما تحيي الأحد يوم التحرير الـ32 الذي يصادف ذكرى تحريرها من الغزو العراقي 26 فبراير/شباط 1991.
وتشارك دولة الإمارات العربية المتحدة، الكويت احتفالاتها بعيدها الوطني الـ62، في تجسيد لعمق العلاقات الأخوية والإستراتيجية التي تربط القيادتين والشعبين الشقيقين.
وتتحول تلك المناسبات المهمة إلى احتفالية مشتركة تجسد أواصر الأخوة والمحبة والمصير المشترك الذي يجمع بين البلدين، والعلاقات الأخوية والروابط التاريخية التي تتوثق وتزداد تلاحما وقوة عاما تلو الآخر.
وتشهد الإمارات في تلك المناسبة إقامة مجموعة من الفعاليات والعروض المميزة احتفاء بالعيد الوطني لدولة الكويت، ومنها إضاءة عدد من أبرز معالم الدولة العمرانية بألوان علم دولة الكويت، ووضع الشعارات ولافتات التهاني في مراكز التسوق في جميع إمارات الدولة، إضافة إلى تنظيم احتفالات ثقافية وتراثية خاصة بالمناسبة.
كما أصدرت مجموعة بريد الإمارات طابع بريدي تذكاري بتلك المناسبة، وذلك تجسيداً لعمق العلاقات بين البلدين الشقيقين واحتفاءً بالروابط الراسخة التي تجمعهما.
وتم إطلاق الطابع التذكاري ضمن احتفال سفارة دولة الكويت في أبوظبي، ويحمل الطابع شعار "الإمارات تحب الكويت"، وهو مزيَّنٌ بعلمي البلدين وأبرز معالمهما العمرانية.
وفي مثل تلك المناسبات الهامة، يستذكر الكويتيون وقفة دولة الإمارات وجيشها الباسل إلى جانبهم في محنة الغزو العراقي عام 1990 والشهور التي تلتها وصولاً إلى تحريرها، حيث قدّمت دولة الإمارات 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
زيارات ومباحثات
يأتي الاحتفال بتلك المناسبة الهامة في وقت تتواصل فيه وتيرة العلاقات المتنامية بين البلدين في نسق تصاعدي يتجسد من خلال اللقاءات المتواصلة والزيارات المتبادلة.
وقبل أيام، التقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح رئيس وزراء دولة الكويت، وذلك على هامش القمة العالمية للحكومات التي استضافتها دبي 13-15 فبراير/ شباط الجاري.
وجرى خلال اللقاء بحث علاقات التعاون المشترك خاصة في المجالات الاقتصادية والتنموية وغيرها من المجالات الحيوية التي تقوم عليها جهود التنمية والاستدامة بما يخدم المصالح المشتركة ويعود بالخير على البلدين.
كما استقبل الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، وذلك على هامش المناسبة نفسها.
ورحّب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، برئيس مجلس الوزراء الكويتي ومشاركته في أعمال القمة، مؤكداً عمق العلاقات الأخوية التي تربط دولة الإمارات بشقيقتها الكويت، ومدى الترابط بين الشعبين الشقيقين، وخصوصية تلك العلاقة الممتدة بين البلدين والتي تشكل ركيزة أساسية للعمل الخليجي المشترك.
واستعرض اللقاء عدداً من الموضوعات والقضايا الإقليمية والدولية محل الاهتمام المشترك، والمستوى المتقدم الذي بلغه التنسيق بين الدولتين بقيادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الإمارات وأخيه الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت.
من جهته، أعرب الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، عن تقديره لدولة الإمارات المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي، وما تقدمه من نموذج للتنمية الشاملة المستدامة، ضمن كافة المجالات الحيوية بما في ذلك مجال التطوير الحكومي والتي تعد استضافة القمة العالمية للحكومات، ثمرة هذه الجهود بما تمثله كمنصة فعالة لتبادل الأفكار والخبرات والاطلاع على نماذج ناجحة من السياسات والبرامج والخدمات الحكومية.
وأعرب عن أمله أن تشهد علاقات التعاون بين البلدين مزيداً من التطور خلال المرحلة المقبلة في ضوء الرغبة المشتركة في الوصول إلى آفاق أرحب من النجاحات المشتركة ضمن مختلف المجالات.
وترجمة لهذا التعاون المتنامي، شاركت الكويت للمرة الأولى في معرض الدفاع الدولي "آيدكس 2023" الذي يُعد أحد أهم المعارض الدفاعية على مستوى العالم وأكبرها على مستوى المنطقة، وذلك خلال الفترة من 20 إلى 24 فبراير/شباط الجاري.
والتقى الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات في المعرض الشيخ طلال خالد الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدفاع بالإنابة بدولة الكويت، حيث تطرق اللقاء إلى مشاركة بلاده في المعرض وأهمية الفرص التي يقدمها " آيدكس" لتبادل الخبرات والرؤى بين المشاركين.
أيضا التقى الفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، على هامش معرض "آيدكس 2023" مع الشيخ طلال خالد الصباح.
بحث الجانبان عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك وسبل تعزيز التعاون القائم في المجالات الشرطية والأمنية بين البلدين الشقيقين.
تعاون برلماني
على صعيد التعاون البرلماني، أجرى وفداً من الأمانة العامة لمجلس الأمة بدولة الكويت زيارة للإمارات قبل نحو أسبوع.
والتقى الدكتور عمر عبدالرحمن النعيمي الأمين العام للمجلس الوطني الاتحادي، في مقر الأمانة العامة في دبي 16 فبراير/شباط الجاري، الوفد الكويتي.
النعيمي أكد حينها أهمية هذه الزيارات التي تأتي في إطار تبادل المعلومات والخبرات والتفاعل المباشر بين الأمانات العامة لمجالس الأمة والوطني والشورى والنواب في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والاطلاع على التجارب والممارسات البرلمانية والدعم الذي تقدمه الأمانات العامة لتمكين المجالس التشريعية من ممارسة اختصاصاتها.
ولفت خلال اللقاء إلى عمق العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت الشقيقة، وكذلك مستوى العلاقات البرلمانية المتميزة التي تربط المجلس الوطني الاتحادي ومجلس الأمة الكويتي، من خلال أوجه التنسيق والتعاون في مختلف المحافل البرلمانية الإقليمية والدولية، ومدى تقارب وجهات النظر وتطابق الرؤى والمواقف بين الجانبين في العديد من الملفات والقضايا الخليجية والعربية المشتركة.
بدوره أعرب وفد الأمانة العامة لمجلس الأمة الكويتي عن تثمينه للنتائج التي تحققت من هذه الزيارة، من خلال الاطلاع على طبيعة عمل الأمانة العامة للمجلس الوطني الاتحادي، بجوانبه المختلفة التشريعية والرقابية والدبلوماسية البرلمانية، ومدى التطور الذي وصلت له على الصعد الفنية والتقنية والتواصل مع الأعضاء والمجتمع، ومختلف المؤسسات داخل الدولة وخارجها.
قمر صناعي .. وربط مروري
تأتي تلك الزيارة بعد يومين، من الإعلان في أبوظبي عن تدشين الربط الثنائي للأنظمة المرورية بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت.
جاء ذلك في اجتماع ثنائي عقد في العاصمة أبوظبي بين وفدي البلدين جرى خلالها بحث سبل تعزيز التعاون القائم بين البلدين في المجالات الشرطية والأمنية، وتم الإعلان عن استكمال الربط الثنائي للأنظمة المرورية ضمن مشروع خليجي متكامل يهدف لتبادل المعلومات وتوحيد الإجراءات وتسهيل الخدمات المقدمة.
خوة استبقها بعدة أسابيع، إطلاق أول قمر صناعي كويتي بالتعاون مع الإمارات.
وتم إطلاق القمر الاصطناعي الكويتي الأول (كويت سات 1) إلى الفضاء 3 يناير الماضي من قاعدة (كيب كانافيرال) للقوات الجوية بولاية فلوريدا الأمريكية وذلك عبر صاروخ (فالكون 9) التابع لشركة (سبيس إكس).
ويأتي المشروع التابع لجامعة الكويت والممول من مؤسسة الكويت للتقدم العلمي تحت شعار (الكويت إلى الفضاء) بعد عمل دؤوب استمر ثلاث سنوات وبفريق كويتي شاب إذ هدف المشروع إلى بناء قدراتهم في مجال بناء وتصميم إدارة الأقمار الاصطناعية واكسابهم الخبرات التدريبية والميدانية اللازمة.
يأتي هذا المشروع ايضا نتاج تعاون إقليمي مع مركز محمد بن راشد للفضاء وتعاون عالمي مع جامعة بولدر في ولاية كولورادو اضافة لعدة أقسام في كليتي العلوم والهندسة والبترول في جامعة الكويت.
ويعد المشروع خطوة هامة على طريق بناء قدرات الكوادر الوطنية وتدريبها على تصميم الأقمار الاصطناعية، بما تتماشى مع رؤية كويت 2035 الهادفة لدعم رأس المال البشري الإبداعي.
التغير المناخي
وفي خطوة تبرز التعاون المتنامي بين البلدين والثقة الكويتية في الإمارات وكفاءاتها، رحبت دولة الكويت 16 يناير الماضي بقرار دولة الإمارات تكليف الدكتور سلطان الجابر، المبعوث الخاص للتغير المناخي، بمهام الرئيس المعين للدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في إتفاقية الأمم المتحدة الاطارية بشأن تغير المناخ Cop 28 والتي تستضيفها الإمارات خلال الفترة من 30 نوفمبر وحتى 12 ديسمبر 2023.
وأعربت وزارة الخارجية الكويتية في بيان لها عن ثقة الكويت الكبيرة لما تمتلكه دولة الإمارات العربية المتحدة من إمكانيات بارزة وطاقات بشرية مؤهلة لاستضافة هذا المؤتمر الدولي المهم، منوهة بما يتمتع به الدكتور سلطان بن أحمد الجابر من مكانة مهنية عالية وخبرات متراكمة في مجال الطاقة والصناعة تخوله في إدارة هذا الحدث العالمي.
كما أعربت عن تمنياتها لدولة الإمارات قيادةً وحكومةً وشعباً دوام التقدم والازدهار والتوفيق والنجاح في استضافة هذا المؤتمر وفي تحقيق أهدافه المنشودة.
علاقات تاريخية
تعود العلاقات الإماراتية-الكويتية إلى أكثر من 6 عقود وقد تميزت منذ البداية بزخم كبير؛ حيث بدأت البعثة التعليمية الكويتية في دولة الإمارات خلال عام 1955 بإنشاء العديد من المدارس وتجهيزها قبل إعلان الاتحاد.
كما دشنت البعثة الطبية الكويتية عملها في دولة الإمارات في أوائل الستينيات من القرن الماضي بإنشاء العديد من المراكز والمستشفيات.
وفي سبعينيات القرن الماضي، تعمقت العلاقات الأخوية المستندة على روابط الدم والإرث والتاريخ المصير المشترك وزادت قوة ورسوخا بدعم المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ جابر الأحمد الصباح.
وترجمت دولة الإمارات حجم ومتانة العلاقات التي تربط البلدين الشقيقين بموقفها المشرف أثناء احتلال الكويت، حيث استضافت الإمارات عشرات الآلاف من الأسر الكويتية على أرضها، بينما شاركت القوات المسلحة الإماراتية في حرب تحرير الكويت.
ولا تنسى الكويت وأهلها وقفة دولة الإمارات وجيشها الباسل إلى جانبهم في محنة الغزو العراقي عام 1990 والشهور التي تلتها وصولاً إلى تحريرها، حيث قدّمت دولة الإمارات 8 شهداء و21 جريحاً دفاعاً عن الحق والشرعية، ومبادئ حسن الجوار.
وشهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا في عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات الراحل، والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الراحل.
وتكريسا لمتانة العلاقات بين البلدين، والرغبة في الانطلاق بها نحو آفاق واسعة من التعاون والتنسيق، وقع البلدان على اتفاقية إنشاء "اللجنة المشتركة" للتعاون الثنائي عام 2006 في مدينة الكويت، وعقدت اللجنة عددا من الاجتماعات التي تم خلالها التوقيع على برامج واتفاقيات عدة لتعزيز التعاون بين البلدين.
وترتبط دولتا الإمارات والكويت بالعديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الاقتصادية والتجارية التي أسهمت في زيادة حجم الاستثمارات والتبادل التجاري بين البلدين إلى مستويات متقدمة.
كما تمتلك دولتا الإمارات والكويت علاقات استثمارية متميزة في العديد من القطاعات الاقتصادية وفي مقدمتها السياحة والإنشاءات والتطوير والخدمات المالية وخدمات التجزئة.
ونمت التجارة الخارجية غير النفطية بين الإمارات والكويت خلال السنوات العشر الماضية بنسبة 87% لتصل إلى 43 مليار درهم بنهاية 2022، مقابل 23.3 مليار دَرْهم في العام 2013، وفق بيانات أولية صادرة عن المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء.
وتمضي الدولتان نحو مزيد من العمل المشترك على الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فيما تحافظ العلاقة التاريخية على متانتها وثباتها في ظل القيادة الرشيدة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، وأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح.