بولتون عكف فور إقالته على تأليف كتاب أعده للنشر، يتضمن معلومات مهمة عن هذه القضية
الحرب المُستعرة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره السابق للأمن القومي جون بولتون تكشف عن جانب مهم من كيفية معالجة إدارة البيت الأبيض للسياسة الخارجية، والملفات المتصلة بالأزمات الدولية، ومحاولات توظيفها في الداخل الأمريكي.
عكف بولتون فور إقالته على تأليف كتاب أعده للنشر، يتضمن معلومات مهمة عن هذه القضية، يمكن أن تلحق ضرراً كبيراً بترامب، بينها أن ترامب قال له في أغسطس 2019 إنه لا يريد الإفراج عن مساعدة عسكرية لأوكرانيا
لم يكن متوقعاً أن ينفجر الصراع بين الصديقين الحميمين، وكلاهما من صقور الإدارة، على هذا النحو المكشوف في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة لترامب، الذي يخضع لمحاكمة في مجلس الشيوخ، تستهدف عزله عن السلطة من جانب الديمقراطيين. وعلى الرغم من أن بولتون معروف بشراسته، ومواقفه العدوانية في معظم الملفات الدولية، فإنه اختلف هذه المرة مع ترامب، بعدما رفض تعيينه سفيراً للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، وتمت إقالته في سبتمبر/أيلول الماضي، فقرر الانتقام من صديق الأمس؛ عندما وجد الفرصة سانحة أمامه، لشحذ كل أسلحته في هجوم مضاد، مُبدياً استعداده للإدلاء بشهادته فيما يُسمى "قضية أوكرانيا" التي يحاكم ترامب على خلفيتها، بتهمة استغلال السلطة، وعرقلة عمل مجلس الشيوخ.
ففي البداية، عكف بولتون فور إقالته على تأليف كتاب أعده للنشر، يتضمن معلومات مهمة عن هذه القضية، يمكن أن تلحق ضرراً كبيراً بترامب؛ بينها أن ترامب قال له في أغسطس/آب 2019 إنه لا يريد الإفراج عن مساعدة عسكرية لأوكرانيا، طالما لم تحقق سلطات كييف في ملف نائب الرئيس الديمقراطي السابق جو بايدن، وهو الأوفر حظاً لمنافسته في الانتخابات الرئاسية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ما يعد انتهاكاً للدستور الأمريكي.
وبالمقابل لم يتردد ترامب في فتح النار على حليفه السابق بولتون، متهماً إياه بنكران الجميل، وأنه توسل إليه، لكي يعطيه عملاً، مشيراً إلى أنه "نال العمل، ثم تحدث خطأ عن (النموذج الليبي) على التلفزيون، وارتكب هفوات أخرى كثيرة، ثم طُرِد؛ لأنه، صراحة، لو استمعت إليه لكنا الآن في الحرب العالمية السادسة، ثم يذهب ليكتب كتاباً كاذباً وشريراً. كلها معلومات متعلقة بالأمن القومي. من يفعل ذلك؟".
وأضاف متسائلاً: "لماذا صمت كل هذه الفترة، إن كان ما تفوه به من مغالطات في قضية أوكرانيا صحيحاً، لماذا لم يستقل حينها؟". ومع ذلك، لم يجد البيت الأبيض من خيار أمامه سوى العمل على محاصرة المتمرد بولتون، ومنع نشر كتابه، باعتباره يتضمن معلومات سرية تضر بالأمن القومي، إلى جانب الضغط على مجلس الشيوخ، لمنع استدعاء الشهود، وبالتالي عدم إطالة المحاكمة، غير أن ذلك يستدعي تصويتاً في مجلس الشيوخ، وهو الأمر الذي حسمه المجلس بأغلبية 51 صوتاً، مقابل 49، ما يعني أن بولتون خسر الرهان على الإدلاء بشهادته، وأن المحاكمة قد لا تطول كثيراً، وفق ما كان يرغب الجمهوريون، وأن الاتجاه يذهب إلى تصويت نهائي من الواضح أنه سيفضي إلى إنهاء إجراءات عزل ترامب، على الرغم من اتهامات زعيمة الديمقراطيين نانسي بيلوسي، للكونجرس بالتستر على ترامب، من دون أن يعني ذلك تبرئة ترامب، وأن حسم هذه القضية سيترك لصناديق الاقتراع.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة