شعبان عبدالرحيم.. رحيل صاحب فلسفة "التخلي عن الأشياء"
المطرب الشعبي شعبان عبدالرحيم يترك لأبنائه سمعة طيبة ورصيدا من الأغاني والمسلسلات والأفلام لن تسقط في وعاء النسيان
كانت ملامح شعبان عبدالرحيم الحادة تخفي طيبة قلب وأحاسيس فطرية لا تملك إلا احترامها والتفاعل معها، وكل من تعامل معه خلال مشواره الفني أشاد بإنسانيته في مساعدة الآخرين، وتعامله مع الجميع بالطريقة المصرية المعتادة، مؤكدين أنه لم يكن يتعامل مع أي شخص باعتباره نجما.
كان بابه مفتوحا دائما لجيرانه في حي الهرم بمحافظة الجيزة المصرية، يشاركهم آلامهم وأفراحهم، وكثيرا ما روى جيرانه مساعدته للمحتاجين في الحي، والذهاب معهم إلى قسم الشرطة لتسوية الخلافات بين الناس.
فى الوسط الفني، عرف عن شعبان عبدالرحيم بساطته في التعامل بتلقائية شديدة، ولم يدخل في صراع واحد مع أي فنان من قبل طوال مشواره الفني، لذا أحبه الجيل الجديد واعتبره أبا وأخا كبيرا.
قبل أن يرحل عن دنيانا، اتصل شعبان عبدالرحيم تليفونيا بالفنان هاني شاكر نقيب المهن الموسيقية المصرية، وطلب منه منح الفنان الشعبي حمو بيكا تصريحا للغناء، وقال له "ساعده ياكل عيش بالحلال وماتقفلش بابك في وشه"، حسب ما قاله حمو بيكا في أحد المقاطع المصورة على "فيسبوك".
إنسانية شعبان عبدالرحيم جعلته يتربع في قلب محبيه، كما أن حديثه الدائم في أي لقاء تلفزيوني عن دعم زوجته له ووقوفها بجانبه في بداية حياته أكسبه الاحترام والتقدير، تماما كما أكسبه تعامله بالفطرة مع الحياة حب الجميع، وكأن القدر منحه فلسفة التخلي عن الأشياء.
في السنوات الـ5 الأخيرة من عمر المطرب الشعبي الراحل شعبان عبدالرحيم تردد على مستشفى المعادي العكسري أكثر من 10 مرات، لتدهور حالة الرئة إثر التدخين المستمر.
ونصحة الأطباء بالتوقف عن التدخين كثيرا حتى تسترد الرئة عافيتها، لكنه لم يلتزم بتعليمات الأطباء وواصل التدخين بشراهة، وشأن كل أب يريد تأمين حياة أولاده راح يضاعف عدد ساعات العمل ليوفر المال لأسرته.
المجهود الزائد أثر على وظائف الرئة للحد الذي منعه من الغناء أكثر من 6 أشهر عام 2018، وعندما تحسنت حالته استأنف نشاطه الفني في الفنادق والأفراح، ولكن لم يستطع التخلي عن عادة التدخين السيئة، وفي عيد الأضحى تعرض لكسر في الساق اليمنى عندما دفعه خروف اشتراه ليذبحه في عيد الأضحى.
على أثر ذلك أصبحت حركة شعبان عبدالرحيم صعبة، وساءت حالته النفسية وارتبك جهازه التنفسي أكثر، وعندما تم اختياره للغناء في موسم الرياض للترفيه رحب بالعرض رغم حالته الصحية السيئة، وكأنه أراد أن يخرج من عزلته ويسترد عافيته، وسافر للغناء لكنه فشل في الوقوف على قدمية وطلب كرسيا طوال الحفل.
وفي مساء الإثنين الماضي تعرض الفنان شعبان عبدالرحيم لوعكة صحية شديدة وتوقف جهازه التنفسي عن العمل، وتم نقله بسرعة إلى مستشفى المعادي العسكري، وتم حجزه في غرفة العناية المركزة، أملا في أن يحط طائر الشفاء على جسده، ولكنه لفظ أنفاسه الأخيرة صباح اليوم التالي.
مات المطرب الشعبي، وترك خلفه سمعة طيبة ورصيدا من الأغاني والمسلسلات والأفلام، رحل عن عالمنا لكن ذكراه لن تسقط في وعاء النسيان.
ولد شعبان عبدالرحيم في 15 مارس/آذار عام 1957، وعمل في بداية حياته بكي الملابس، واحترف الغناء الشعبي وعرفه الجمهور بعد ألبومه الأول الذي حمل عنوان "أحمد حلمي اتجوز عايدة"، إلا أن شهرته ملأت الدنيا وشغلت الناس بعد أغنية "أنا بكره إسرائيل".
خفة ظل شعبان عبدالرحيم وحضوره دفع عددا من مخرجي السينما إلى الاستعانة به، إذ شارك في 10 أفلام سينمائية و17 مسلسلا تلفزيونيا و7 مسرحيات.
رحل شعبان عبدالرحيم عن عمر ناهز الـ62 عاما، ومنحه محبوه ألقابا كثيرة، منها "شعبولا، مصدر البهجة، حبيب الكل"، وتكمن عبقريته في أنه صنع نجوميته بلحن واحد وأغنيات ذات موضوعات سياسية واجتماعية شائكة.
aXA6IDMuMjIuNDIuMTg5IA== جزيرة ام اند امز