جرائم "9 طويلة" تتفشى في السودان.. والشرطة ترد على اتهامات التقصير
لم يخلُ مجلس في السودان هذه الأيام من الحديث عن "9 طويلة" وهي عملية نهب وسرقة علنية للمقتنيات بالطريق والأماكن العامة.
وتصاعدت وتيرة هذه الجريمة خلال الشهر الجاري كأحد تجليات سيولة أمنية يعيشها السودان.
ويلقي البعض باللائمة في هذه الأزمة على السلطات الأمنية وسط اتهامات بالتراخي في حسم الظاهرة الإجرامية ما أسهم في تناميها بشكل مثير للقلق، بينما تنفي الشرطة أي قصور.
ويروي ضحايا الجريمة قصصاً مروّعة تعرّضوا لها من عصابات بالطرق والأماكن العامة فقدوا فيها هواتف محمولة أحياناً عن طريق الخطف وأحياناً أخرى تحت السرقة بالإكراه.
وبحسب روايات متطابقة، فإن جريمة "9 طويلة" تنفِّذها عصابات تستغل دراجات نارية تختار ضحاياها بعناية فائقة، وفي برهة يختطفون الهاتف المحمول أو الحقيبة من الشخص أثناء وقوفه على جانب الطريق منتظراً المواصلات العامة أو في الأسواق.
الفئات الهدف الأبرز
وتعد الفتيات الفئة الأكثر عرضة لهذا النوع من الجرائم التي يتخللها في بعض الأحيان تهديد بالسلاح الأبيض والضرب حال أبدت الضحية أي نوع من المقاومة والتمسك بمقتنياتها، وفق فتحية عبدالله.
تقول فتحية وهي فتاة في مقتبل العمر لـ"العين الإخبارية": "تعرّضت لعملية (9 طويلة) الأسبوع الماضي.. لقد انتزع هؤلاء الأشرار حقيبتي من يدي عنوة أثناء وقوفي بمحطة المواصلات، وبداخلها هاتفي الذكي وبعض النقود".
وأضافت: "تركوا لي فقط الدموع وأنا أبكي بحسرة ولم يتحرك أحد للحاق بالمجرمين رغم نواحي بشدة حرقةً وألماً لما فقدته من مقتنيات تفوق مبلغ 50 ألف جنيه، بما يعادل راتب ثلاثة أشهر".
وتابعت: "من المؤلم أن تتركنا الأجهزة الأمنية نهباً لهؤلاء الأشرار دون أن تتحرك بشكل جدي للقبض عليهم. قمة المأساة أن نفقد كل ما ادخرناه واستقطعناه من قوتنا في لمحة بصر، في ظل أوضاع معيشية سيئة، إنني أشعر بالأسى والألم".
أصل التسمية
وتبدو تسمية هذا النوع من الجرائم غريبة بعض الشيء، لكنها لم تأتِ من فراغ وفق أحمد خليل، الذي أشار إلى أنها مستقاة من أحد أنواع لعبة الورق "الكوتشينة" تُعرَف بالسودان باسم "الوست".
ويقول خليل وهو أحد ضحايا هذه الجريمة لـ"العين الإخبارية": "(9 طويلة) تعود تسميتها إلى لعبة (الوست) التي يمارسها أربعة أشخاص ينقسمون إلى فريقين في كل منهما لاعبان، ومَن يختار الرقم 9 يشكِّل خطورة على خصمه أو يأخذ (سيك) وهي أقسى مراتب الهزيمة بأن يخرج من اللعبة بدون أي مكسب".
وينبه إلى أن الذي يتعرّض لعملية "9 طويلة" يفقد إما هاتفه المحمول أو أمواله أو مقتنياته كلها دفعة واحدة، و"هذا ما حدث معي بالضبط".
ولم يكن تزايد ظاهرة "9 طويلة"، سوى تجلٍ لحالة السيولة الأمنية التي تعيشها البلاد في الوقت الحالي، وفق رئيس جمعية "صحفيون ضد الجريمة السودانية"، الدكتور طارق عبدالله، الذي أكد ضرورة حسمها في إطار كلي.
ويقول عبدالله في حديثه لـ"العين الإخبارية" إنه "ينبغي إعادة صياغة الخطط الأمنية بما يتماشى مع الجرائم المستحدثة ليتسنى حسمها بشكل نهائي".
ويضيف: "من المعلوم أن تراجع الأوضاع المعيشية يمثل أحد العوامل الرئيسية لتنامي الظواهر الإجرامية، وتشير بعض التقارير إلى ارتفاع معدل الجريمة في السودان إلى نحو 27% خلال الشهرين الماضيين".
وخلال الأسبوع الماضي، أعلنت الشرطة السودانية عن خطة للقضاء على ظاهرة "9 طويلة" عبر نشر دوريات في الطرقات والأماكن الحيوية مع تخصيص أرقام للإبلاغ الفوري عن مثل هذه الحوادث.
ونفى مصدر مسؤول بالشرطة تحدّث لـ"العين الإخبارية" أن يكون هناك قصور من جانبهم أدى لازدياد جرائم "9 طويلة"، مشيرا إلى أنَّ ما يحدث الآن يمثل أحد مظاهر الاستغلال السيئ لمناخ الحريات العامة في السودان.
وأشار إلى أنَّ الشرطة في حالة استعداد 100% منذ أيام رغم الكلفة المالية العالية لهذا الإجراء، وذلك من أجل حسم جميع التفلتات الأمنية خاصة في العاصمة بمدنها الثلاث، "الخرطوم، أمدرمان، بحري".