ذكرى "مجزرة الزيتون" بالعراق.. "الطرف الثالث" بلا حساب
رغم مرور 3 سنوات على واقعة "مجزرة الزيتون"، التي راح ضحيتها عشرات المتظاهرين بجنوب العراق، إلا أن الجناة لا يزالون فارين من العدالة.
ويصادف اليوم الإثنين، الـ28 من نوفمبر، الذكرى الثالثة لتلك الحادثة التي وقعت عند جسر الزيتون وسط مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار، حين هاجمت قوات أمنية متظاهرين كانوا ينددون بالفساد والتبعية وحقهم في الحياة.
وجاءت الاحتجاجات الغاضبة استكمالاً للاحتجاجات الشعبية التي عمت أرجاء البلاد في خريف 2019، والتي دفعت لاحقاً حكومة عادل عبد المهدي إلى تقديم استقالتها والمضي نحو انتخابات تشريعية مبكرة.
وأسفرت موجة العنف التي واجهها المتظاهرون عند جسر الزيتون عن مقتل 120 قتيلا وجريحا بعد أن فتحت القوات الأمنية الرصاص الحي والقنابل المسيل للدموع ضد المحتجين.
وسجلت مظاهرات أكتوبر حينها والتي جاءت احتجاجاً على سوء الأوضاع العامة وضياع الدولة العراقية وتسلط المليشيات المسلحة على مصادر القرار السيادي والسياسي، عن مقتل أكثر من 600 شخص وإصابة الآلاف.
ولاحقاً وصفت السلطات الحكومية الجهات التي تورطت بقتل المتظاهرين بـ"الطرف الثالث"، في إشارة إلى قوى مغرضة تحاول إثارة الفتنة وجر البلاد إلى حرب أهلية.
وفيما جاءت تلك التسمية كدلالة على "المليشيات"، المسلحة المقربة من إيران التي توجه أصابع الاتهامات إليها بقتل وترويع المتظاهرين وممارسة عمليات الاغتيال بحق عديد رموز الحركة الاحتجاجية والمناهضين للوجود الإيراني في العراق.
وعلى وقع إحياء الذكرى الثالثة لمجزرة الزيتون نظم ناشطون ومحتجون في محافظة ذي قار مسيرة باتت شبه سنوية انطلقت من جسر الزيتون، فضلا عن إقامة مجالس عزاء على أرواح "شهداء تشرين".
محمد نصرالله، أحد المحتجين الذين شاركوا في مسيرة إحياء الذكرى الثالثة، يقول إن "المطالب التي رفعناها بالأمس واليوم ستستمر ولن تنازل عنها حتى يتم تقديم المتورطين جميعهم بقتل المتظاهرين إلى القضاء".
ويضيف نصرالله، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إن:"ما يجري محاولات لتسويف مطالب المتظاهرين وتضيع لدماء الشهداء من خلال المماطلة وعدم الجدية من قبل السلطات الحاكمة بفتح ملف قتلة المتظاهرين"، مستدركاً بالقول: "سنبقى على طريق الثوار الذين ضحوا من أجل تحرير العراق من التبعية والفساد".
من جانبه يقول مازن رحمن، أحد ناشطي الحركات الاحتجاجية في ذي قار، إن "إرادة الجماهير أكبر من كل محاولات الإخماد والقسوة التي مارستها السلطات القمعية بغية ثنيهم عن مطالب التحرر والتغيير".
ويشير رحمن، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، إلى أن "مسيرة أكتوبر جاءت لتبقى وقد ثبتت وتجذرت في حاضر العراق وتاريخه لتكون شعلة تضيء بمبادئ الحرية والتغيير والتعبير عن أصوات الفقراء وممن أفسدت عليهم الحياة الطغمة الفاسدة من الأحزاب والسلطات".
وكان مجلس النواب العراقي قد قرر في جلسته المرقمة (22) في 18/12/2019 اعتبار محافظة ذي قار مدينة منكوبة، وذلك على خلفية الهجوم الذي شنته القوات الأمنية على المتظاهرين وخلف 50 شهيداً ونحو 500 جريح في مجزرة مروعة عرفت فيما بعد باسم مجزرة جسر الزيتون.
ومثلت محافظة ذي قار، أهم المعاقل الرئيسة لاندلاع التظاهرات في العراق والتي سرعان ما تمتد وتتسع باتجاه محافظات الجنوب والوسط.
وكان المئات من الأهالي وأسر شهداء "انتفاضة تشرين" في الناصرية نظموا وقفة احتجاجية على جسر الزيتون في أغسطس/ آب الماضي بالتزامن مع الجلسة الرابعة لمحاكمة المقدم عمر نزار أحد أبرز المتهمين بارتكاب المجزرة، مطالبين بالقصاص من المتورطين بقمع المظاهرات.
وإبان حكومة مصطفى الكاظمي، كان الأخير توعد بملاحقة الجناة وتقديمهم إلى القضاء من خلال تشكيل لجنة رفيعة المستوى برئاسته لتعقب الجناة والاقتصاص منهم.