شعب قطر، مثله مثل كل الشعوب العربية، شعب عربي أصيل لا يمكن أبدا أن يقبل أن يبتعد عن أمته
استطلاع آراء الشعب القطري الذي نشر نتائجه معهد واشنطن للأبحاث، ونشرناها في «أخبار الخليج»، له أهمية استثنائية.
للعلم بداية، هذا الاستطلاع أجرته شركة رائدة متخصصة في هذا المجال، وأجري في خلال شهر أغسطس الماضي، وفق معايير دقيقة، وشمل استطلاع آراء عينة روعي أن تكون ممثلة لكل القطريين، كما استند أيضا إلى مقابلات وجها لوجه.
بعبارة أخرى، روعي أن يكون الاستطلاع معبراً فعلا عن آراء ومواقف الشعب القطري.
"هل يمكن أن يتخلى النظام عن مكابرته وعناده ويستجيب لإرادة الشعب، ويقبل بالمطالب العربية كي ينهي هذه الأزمة ويحفظ لشعب قطر إرادته العربية؟ بالطبع، الكل يتمنى هذا، ولو أنه للأسف الشديد ليس هناك ما يشير إلى احتمال أن يفعل النظام هذا، ولا ما يشير إلى أن النظام معني أصلا بإرادة شعب قطر".
نتائج الاستطلاع تتلخص في أن شعب قطر يرفض بأغلبية واضحة سياسات إيران وما تفعله في المنطقة العربية، كما يرفض عملاءها وجرائمهم وبالأخص حزب الله والحوثيون. كما يرفض شعب قطر أي دعم للإخوان المسلمين وإيواءهم، ويريد أن تنتهي الأزمة بتقديم تنازلات والتوصل إلى تسوية. وأظهر الاستطلاع أن شعب قطر يريد تعاوناً عربياً قوياً في مواجهة النظام الإيراني وأجندته.
هذه النتائج يمكن تلخيصها في نتيجة واحدة كبرى.. أن شعب قطر يرفض أية سياسات تبعده عن أمته العربية، ويرفض التواطؤ مع أية دولة أو قوة على حساب مصالح أمته العربية.
لا غرابة إطلاقاً في أن تأتي نتائج الاستطلاع على هذه النحو، ويجزم المرء أنها تعبر فعلاً عن شعب قطر وإرادته.
شعب قطر، مثله مثل كل الشعوب العربية، شعب عربي أصيل لا يمكن أبدا أن يقبل أن يبتعد عن أمته، ولا يمكن أبدا أن يقبل إلحاق الأذى بأمته العربية وبأشقائه العرب.
شعب قطر انتماؤه الأول والأخير هو لأمته العربية.
بطبيعة الحال، النظام في قطر مدعو إلى التوقف مطوّلا أمام نتائج هذا الاستطلاع وما تعنيه، وأن يتأملها جيدا ويتصرف على أساسها، فهذه النتائج هي في حقيقة الأمر بمثابة رسالة مباشرة إلى النظام في المقام الأول.
هذه الرسالة التي تحملها نتائج الاستطلاع تتلخص ببساطة في أن السياسات التي اتبعها النظام القطري خلال السنوات الطويلة الماضية، والمواقف التي تبناها، وما أقدم عليه من تصرفات ومن دعم وتمويل لجماعات إرهابية كالإخوان وغيرهم، لا تعبر عن إرادة الشعب القطري.
والرسالة أيضا أن النظام في قطر حين يكابر اليوم ويصرّ على تعنته وعلى المضي قدما في نفس السياسات، فإنه يتحدى إرادة شعب قطر قبل أن يتحدى الإرادة العربية للدول الأربع.
وإذن، لو أن النظام في قطر حريص فعلا على الشعب ومواقفه وإرادته ومصلحته، فانه يجب أن يستجيب لهذه الإرادة، وأن يوقف سياساته التي تهدد بفصل قطر عن أشقائها وعن محيطها العربي، ولا تخدم أحدا إلا أعداء الأمة.
ديفيد بولوك الخبير في معهد واشنطن كاتب التقرير الذي تضمن نتائج الاستطلاع، خلص في قراءته لهذه النتائج إلى القول إنه «رغم أن قطر يقينا ليست دولة ديمقراطية، فإن نظام الحكم من المفروض أن يهتم بالمواقف الشعبية التي عبّر عنها هذا الاستفتاء».
وقال إن نتائج هذا الاستطلاع تؤكد أن الشعب يريد من النظام أن يقدم تنازلات من أجل الوصول إلى حل وسط للأزمة الراهنة. كما أن هذه النتائج تشير إلى رغبة الشعب في أن يبتعد النظام عن إيران وعن الإخوان المسلمين في إطار أي تسوية محتملة للأزمة.
هذه هي النصيحة التي قدمها محلل ومراقب أجنبي للنظام في قطر.
هل يمكن أن يستجيب النظام لمثل هذه النصيحة، على ضوء نتائج الاستطلاع المهم؟
هل يمكن أن يتخلى النظام عن مكابرته وعناده ويستجيب لإرادة الشعب، ويقبل بالمطالب العربية كي ينهي هذه الأزمة ويحفظ لشعب قطر إرادته العربية؟
بالطبع، الكل يتمنى هذا، ولو أنه للأسف الشديد ليس هناك ما يشير إلى احتمال أن يفعل النظام هذا، ولا ما يشير إلى أن النظام معني أصلا بإرادة شعب قطر.
نقلا عن "أخبار الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة