اختتمت قمة العشرين، التي تضم قادة اقتصاد العالم، اليوم في إندونيسيا، فيما يترقب العالم نتائج اجتماع هذا الثقل الاقتصادي.
وقال زعماء مجموعة العشرين اليوم الأربعاء إن البنوك المركزية في اقتصاداتهم الكبرى ستواصل تقييم وتيرة تشديد السياسة النقدية، مع مراعاة الحاجة إلى الحد من "التداعيات عبر الدول".
وفي إعلان للزعماء، أكد أعضاء مجموعة العشرين مجددا التزامهم بتجنب التقلبات المفرطة لأسعار الصرف، مع الاعتراف بأن "أسعار الكثير من العملات قد تحركت بشكل كبير" هذا العام.
وقال البيان "البنوك المركزية لمجموعة العشرين... تراقب عن كثب تأثير ضغوط الأسعار على توقعات التضخم، وستواصل التقييم المناسب لوتيرة تشديد السياسة النقدية بطريقة واضحة تعتمد على البيانات".
واجتمع زعماء العالم، يوم الثلاثاء، في لحظة من الاضطرابات الجيوسياسية الشديدة، حيث ينحدر الاقتصاد العالمي نحو الركود، متأثرا بالتضخم المرتفع والندرة المتزايدة للغذاء.
دفع الرئيس بايدن ونظراؤه في العديد من دول مجموعة العشرين، والتي تشمل الدول الغنية مثل بريطانيا واليابان والأسواق الناشئة مثل الهند والبرازيل، من أجل رد منسق على تلك التهديدات الاقتصادية.
إلا أن المؤشرات تشي بأن الأزمات الاقتصادية ستبقى على حالها دون أية معالجات من جانب المجموعة التي وجدت أصلا لمواجهة التحديات الاقتصادية العالمية في نهاية تسعينات القرن الماضي.
إنهم يأملون في التوسط في اتفاقيات تهدف إلى خفض أسعار النفط العالمية، ومساعدة الأسواق الناشئة على الهروب من الديون المتدهورة وزيادة الإمدادات الغذائية للدول الفقيرة، حيث ارتفعت تكلفة الحبوب والأرز والسلع الأساسية الأخرى منذ الحرب الروسية الأوكرانية، وفق مراقبين.
لكن جهود الإدارة واجهت معارضة قوية من الدولتين اللتين تهيمنان على اهتمام بايدن في القمة "روسيا والصين"، ويمكن القول إن ذلك يمكن أن يفعل أكثر من غيره الآن لرفع التوقعات الاقتصادية للعالم.
كانت الحرب الروسية في أوكرانيا مسؤولة عن الكثير من حالة عدم اليقين الاقتصادي التي تواجه العالم، ودعا زعماء العالم يوم الثلاثاء إلى إنهاء الحرب وتخفيف حدة الصراع العالمي.
ويعيش العالم اليوم لحظة فاصلة حيث يؤدي ارتفاع أسعار الفائدة في جميع أنحاء العالم إلى تباطؤ النمو ويفاقم ارتفاع الدولار الأمريكي أعباء ديون الاقتصادات النامية، مما يزيد من فرص تخلف الحكومات عن السداد.
ويتوقع صندوق النقد الدولي، الذي خفض توقعاته للنمو الشهر الماضي، أن يظل الإنتاج العالمي بطيئا هذا العام وفي عام 2023. وتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 3.2% هذا العام وأن يتباطأ إلى 2.7% في عام 2023.
فيما قال البنك الدولي في تقرير منفصل صدر، فجر الثلاثاء، إن انعدام الأمن الغذائي ما يزال يمثل مشكلة كبيرة على الرغم من الدلائل على أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد تراجع في الأشهر الأخيرة.
وقال: "من المتوقع أن يعاني أكثر من 200 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد في عام 2022.. يستمر تضخم أسعار الغذاء المحلي في الارتفاع".
أما الرئيس بايدن، فقد أصر في أكثر من مناسبة أن الاقتصاد الأمريكي قوي بما يكفي لتحمل الرياح الاقتصادية المعاكسة.
في المقابل، حذر ريشي سوناك رئيس الوزراء البريطاني الجديد، في مقال رأي نُشر في صحيفة وول ستريت جورنال الثلاثاء، من أن زعماء العالم يجب أن يجدوا طريقة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي الذي اهتز بسبب الحرب.
"لقد تعرض أمننا الاقتصادي الجماعي للتهديد من جراء هذه الحرب.. لذلك نحن بحاجة إلى المضي قدما في المهمة التي تم إنشاء مجموعة العشرين للقيام بها، في إدارة الاقتصاد العالمي من خلال الاضطرابات التي أحدثتها الحرب".
في أعمال قمة العشرين، ظهرت بوادر حل للعقوبات الغربية على النفط الروسي، من خلال بعض المصادر التي تحدثت لصحيفة نيويورك تايمز، بشأن استمرار انسياب النفط الروسي.
إذ يعمل المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون على إنهاء التفاصيل المتعلقة ببرنامج من شأنه أن يسمح للنفط الروسي بتجاوز تلك العقوبات بشكل فعال ولكن فقط إذا تم بيعه بخصم أكبر مما تطلبه الدول بالفعل من موسكو.
ويقوم المفاوضون بصياغة التفاصيل النهائية للخطة، بما في ذلك مستوى سقف السعر، قبل موعد 5 ديسمبر/كانون أول المقبل، موعد فرض الحظر الأوروبي على النفط الروسي.
وفي جزئية أسعار الفائدة، ترفع البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم أسعار الفائدة بسرعة، من أجل ترويض التضخم الجامح الذي تغذيه جزئيا نقص الإمدادات الذي سببته الحرب الروسية.
وتساعد هذه الزيادات في الأسعار على تقوية الدولار مقابل العملات الأجنبية، كما أنها تضر ببلدان مثل سريلانكا وتشاد وغانا ومصر وعشرات الدول الأخرى، التي تقترض بالدولار لجلب الغذاء والوقود والضروريات الأخرى لشعوبها.
في المقابل، قيّم المستشار الألماني أولاف شولتس قمة الدول الصناعية والناشئة العشرين الكبرى في إندونيسيا بأنها ناجحة.
وقال شولتس اليوم الأربعاء بعد انتهاء القمة في جزيرة بالي الإندونيسية: "عُقدت قمة استثنائية لمجموعة العشرين هنا في إندونيسيا... وجود تفاهمات هنا تجاوز بكثير ما كان متوقعا. يظل هذا نجاحا للقمة".