توغو والإرهاب.. من منطقة عبور إلى «قاعدة عمليات»؟

الإرهاب يعبر أسوار معاقلة التقليدية بساحل أفريقيا إلى توغو، الجارة التي يخشى مراقبون أن تتحول من منطقة عبور لقاعدة عمليات.
فبعد أن استفاد من الأزمات الأمنية والسياسية في كل من مالي وبوركينا فاسو غربي أفريقيا، مدد تنظيم القاعدة الإرهابي هجماته إلى توغو لتصبح ساحة لاستهدافات متكررة.
تمدد لم يقتصر على تنظيم القاعدة فقط، بل على الضفة الأخرى من المشهد، يتراءى داعش، التنظيم الإرهابي الذي لم يفوت فرصة توسيع هجماته أيضا ومنافسة غريمه على ربح مساحات أكبر في منطقة الساحل والصحراء.
- شبح انهيار دول الساحل.. الإرهاب يهدد خارطة غرب أفريقيا
- موارد ساحل أفريقيا.. من «كنوز منهوبة» إلى «سلاح سيادي»
«تقدم واضح»
يشكل الوضع الأمني في أقصى شمال توغو محور تقرير نشرته مؤخرا مؤسسة «كونراد أديناور»، ويتناول أيضا التهديد الإرهابي في بنين.
وإجمالا، تواجه الدول الساحلية تهديدا إرهابيا امتد من منطقة الساحل منذ عدة سنوات، فيما يشير التقرير إلى أن التنظيمات الإرهابية حققت مكاسب «واضحة» في بنين وتوغو، مع تزايد انعدام الأمن.
وفي تعقيبه على التهديد، يقول ماتياس خلفاوي، وهو مستشار توغولي مستقل ومؤلف التقرير: «في الواقع، فإن المحافظة التي تعاني أكثر من غيرها من انعدام الأمن في توغو هي محافظة كبيندجال، والتي كانت تُعرف باسم مخزن السافانا».
ويضيف خلفاوي، في حديث لإذاعة فرنسا الدولية «آر أف آي»، أن «تواتر الهجمات الإرهابية، بات السكان يخشون الخروج للعمل، في المقابل ارتفعت الأسعار جراء تراجع مردود القوة البشرية، وهو ما أفرز في النهاية معادلة مختلة تجلت بوضوح في تدهور القدرة الشرائية وتنامي الإحباط بصفوف السكان».
ويتابع: «كما لا نغفل حقيقة أن الكثير من البضائع تستوردها توغو من بوركينا فاسو المجاورة، وخصوصا عبر الطرق البرية، ومع تنامي الإرهاب، بات من الصعب تأمين هذه الإمدادات».
وموضحا: «سائقو الشاحنات باتوا يدركون الخطر الكامن على الطريق، ولذلك وجدوا أنفسهم أمام خيارات صعبة، فإما المجازفة بحياتهم عبر سلك الطريق التقليدية وإما المرور عبر طرق أخرى تكون في الغالب غير معبدة وطويلة، ما يكلفهم أعباء إضافية على جميع الأصعدة».
وبحسب التقرير، تواجه المناطق الشمالية من البلدان الساحلية، منذ سنوات، التهديد الإرهابي القادم من منطقة الساحل الأفريقي، مشيرا إلى أن «تقدم الجماعات الإرهابية في بنين وتوغو واضح، حتى وإن كان من الممكن أن يمر دون أن يلاحظه أحد لأنه بطيء».
ولفت إلى أنه على الجانب التوغولي، حدث أول هجوم إرهابي في مايو/أيار 2022، واستهدف حينها موقعا عسكريا في منطقة سافانا، على الحدود مع بوركينا فاسو.
ووفق التقرير، فإن أطول فترة زمنية بين الهجمات في أقصى شمال توغو تم قياسها بالأسابيع وليس بالأشهر، ما يعني أن الفاصل الزمني قصير، ويؤشر لتركيز من جانب الإرهابيين على المنطقة.
وغالبا ما تستهدف هذه الهجمات المواقع العسكرية، ولكن أيضا القرى، وتترافق مع استخدام العبوات الناسفة، مما يجعل السفر خطيرا في بعض مناطق كبندجال، وهي المحافظة الأكثر تضررا من انعدام الأمن.
ويتابع النص أن منطقة عمل الإرهابيين اتسعت منذ العام الماضي، حيث كان الأمر يقتصر في السابق على المناطق الحدودية، لكن مجال العمليات توسع ليصل الآن إلى بورغو هي بلدة صغيرة في شمال توغو، وتقع في منتصف الطريق الرابط بين دابونج بماندوري.
وفي هذه القرية، يتمركز إرهابيون تابعون لجماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم القاعدة.
وأشار التقرير إلى أن توغو بدأت بتأمين حدودها الشمالية في نهاية عام 2018، كما نفذت الحكومة عملية كوندجوار العسكرية وخطة طوارئ لمنطقة سافان.
لكنه حذر من أن صعود الإرهابيين في المنطقة، والذي يصفه النص بأنه بطيء ومنهجي، أدى إلى تعطيل أنماط حياة السكان في منطقة هشة بالفعل.
ويترتب على ذلك عواقب عديدة على الاقتصاد المحلي، وخاصة الزراعة، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق، في حين تتضاءل الفرص المهنية.
مركز «الإرهاب»
بشكل عام، تمثل منطقة الساحل مركز "الإرهاب" العالمي للعام الثاني على التوالي، مع تركز أكثر من نصف ضحايا العالم فيها العام الماضي، وفق مؤشر الإرهاب العالمي.
وأظهرت دراسة أعدها معهد الاقتصاد والسلام ومقره في سيدني، أن من بين 7555 قتيلا بسبب "الإرهاب" في العالم في 2024، سُجلت 3885 حالة في منطقة الساحل، أي ما يعادل 51%.
ويصنف المؤشر 163 دولة سنويا وفقا لتأثير "الإرهاب" مستندا إلى عدد الهجمات والقتلى والإصابات والرهائن.
واشارت الدراسة إلى أن خمسة من البلدان العشرة الأكثر تضررا في 2024 تقع في منطقة الساحل، حيث لا تزال بوركينا فاسو ومالي والنيجر من بين البلدان الأكثر تضررا منذ 2017، وفقا للمؤشر.
واوضحت الدراسة أن "هذا يشير إلى انتقال المركز الجغرافي للإرهاب بعيدا من الشرق الأوسط باتجاه منطقة الساحل" خلال العامين الماضيين.
ويعزو مؤشر الإرهاب العالمي غالبية الهجمات في منطقة الساحل إلى جماعة «نصرة الاسلام والمسلمين» أو جماعات إرهابية مرتبطة بتنظيم داعش في الساحل.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTIxIA== جزيرة ام اند امز