نهيان بن مبارك يدعو لتحويل المدارس إلى مؤسسات فاعلة في نشر التسامح
الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح الإماراتي شدد على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لطرح مواد إيجابية تحارب الأفكار الهدامة
أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح الإماراتي، أهمية دور التعليم في تنمية قيم التسامح والتعايش لدى أفراد المجتمع، داعيا إلى جعل المدارس مؤسسات فاعلة لنشر التسامح، ومنع الطلاب من الانجذاب إلى العنف أو الإرهاب أو السلوك المعادي للمجتمع.
وشدد في حوار خص به وكالة أنباء الإمارات "وام"، بمناسبة اليوم الدولي للتسامح، الذي يصادف 16 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، على ضرورة استخدام تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي لطرح مواد إيجابية لمحاربة الأفكار الهدامة وتعزيز الانتماء والولاء لقيم ومبادئ الوطن، مشيرا إلى ضرورة تعزيز دور الأسر ورجال الدين ورجال الأعمال والمدارس والجامعات والوزارات ومؤسسات المجتمع المدني في هذا الإطار.
وكشف الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، عن إعداد المعهد الدولي للتسامح لخطة عمل تشمل مجالات التعليم والتوعية والدراسات والبحوث والمؤتمرات والحوارات والتواصل الفعال مع كافة مؤسسات المجتمع والمؤسسات الدولية، تمهيدا لتنفيذها في العام القادم.
وفيما يلي نص الحوار:
- بذور التسامح تغرس في عقول النشء من البدايات، كيف تقيمون جهود الدولة في تعزيز مفاهيم التسامح لدى الطلبة وأجيال المستقبل ومدى التنسيق مع الجهات التعليمية؟
إنني أوافقكم تماما على أن التعليم له دور حيوي في تنمية قيم التسامح والتعايش لدى أفراد المجتمع، ولابد أن تسعى برامج التعليم إلى أن يكون كل طالب لديه فهم واحترام للثقافات والحضارات والأديان المختلفة.
كما لابد أن تكون المدارس مؤسسات فاعلة لمنع الطلاب من الانجذاب إلى العنف أو الإرهاب أو السلوك المعادي للمجتمع، فنحن نريد أن يكون كل فرد في المجتمع قادرا على معرفة الحكمة الإلهية الكامنة وراء اختلاف البشر، وأن يشترك مع الجميع في الحياة ولا ينعزل عن أحد لمجرد الفروق في لون أو جنس أو لغة أو دين أو اتجاه.
حتى تنجح المدارس في أداء هذا الدور لابد من التضافر والعمل المشترك من قطاعات المجتمع كافة، الأسرة وقطاع الأعمال ووزارة التسامح والمؤسسات الأخرى التي يجب أن تعمل معا في سبيل تحديد ونقل الرسالة التي يرغب المجتمع في أن ينقلها إلى الجيل الجديد.
لعلكم توافقونني على أن هذه الرسالة في الإمارات هي أن المجتمع يتوقع أن يأخذ كل شاب نفسه بالجد والاجتهاد في خدمة الوطن، وأن يحافظ على قيم ومبادئ المجتمع، وأن يبني على إنجازات ونجاحات دولة الإمارات في تنمية السلام والرخاء والتفاهم والتعايش سواء داخل الدولة أو عبر أقطار العالم كله.
إننا نحمد الله أن نظام التعليم في الدولة يدرك تماما مسؤولياته في هذا المجال، ويقوم بعمل جيد في سبيل أداء هذه المسؤولية، يحضرني هنا كمثال على ذلك المبادرة الرائدة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بإدخال مادة "التربية الأخلاقية" كمقرر دراسي في مدراس الدولة كافة، وما تمثله هذه المبادرة من حرص كبير على تنمية القيم الإنسانية المتميزة، ودعم الأخلاق الرفيعة وقواعد السلوك الحكيم، وهذه كلها صفات تشجع جميع أبناء وبنات الوطن على تبني التسامح والتعايش والابتعاد عن الطائفية والتعصب.
نحن في وزارة التسامح نسعى إلى أن نكون مسهمين نشطين في هذا الجهد المجتمعي لإعداد أجيال المستقبل، وسوف نقدم برامج للتوعية المجتمعية، يتم توجيهها لكافة فئات السكان بمن فيهم الأطفال والشباب، وسوف تكون هذه البرامج بإذن الله قائمة على مبدأ "التعلم بالممارسة"، حيث يتعلم الأفراد قيم التسامح والتعايش من خلال مشروعات وبرامج عملية يشتركون فيها لخدمة المجتمع والوطن والعالم.
- كيف يمكن استغلال وجود أكثر من 200 جنسية في دولة الإمارات في إيصال رسالتها بالتسامح والوسطية إلى العالم أجمع؟
إن وزارة التسامح هي وزارة الجميع "المواطن والوافد.. الشباب وكبار السن.. المرأة والرجل" جميعهم يعملون معًا بعزم والتزام.
إن دور الوافدين في الدولة في نقل رسالة التسامح من الإمارات إلى العالم كله هو دور مهم، نعمل في الوزارة على تفعيله وجعله أسلوبا مهما للتعريف بالدولة وإنجازاتها الكبيرة في هذا المجال، ولعلكم لاحظتم أنني شاركت في الشهر الماضي في المؤتمر العالمي للتعددية الثقافية والتعايش السلمي في اليونان، وقد ضم وفد الدولة ممثلين عن بعض الطوائف من بين المقيمين وتحدثوا بشكل جيد عن تجربتهم الطيبة في الإمارات، وكيف أنهم يمارسون شعائرهم الدينية بحرية كاملة، وكانت لإسهاماتهم آثار طيبة على المشاركين في المؤتمر، وقد كان ذلك أحد الأمثلة لكيفية الاعتماد على الوافدين في إيصال رسالة الإمارات في التسامح إلى العالم أجمع.
بالطبع هناك أمثلة أخرى تشمل تنظيم برامج مشتركة بين أبناء الإمارات وأبناء دول الجاليات، سواء في داخل الدولة أو خارجها لنشر مفهوم التسامح ورعاية المؤتمرات واللقاءات داخل وخارج الدولة ودعوة المختصين من بلادهم لزيارة الدولة وتنظيم زيارات أبناء الدولة لهم، بالإضافة إلى تنظيم المهرجانات المشتركة داخل وخارج الدولة وتسهيل الاتفاقات والشراكات بين الدولة والدول الأخرى، وتشجيع التبادل بين الدولة والدول الأخرى، بما في ذلك تبادل التجارب والتبادل الفكري والفني والثقافي.
باختصار نحن نريد من الجاليات المختلفة في الدولة القيام بدور حلقة الوصل بين أنشطة التسامح في الدولة والأنشطة النظير في دول العالم كله، ولدينا في الوزارة خطط محددة لعمل ذلك، سوف نبدأ في تنفيذها بشكل تدريجي بإذن الله.
- مع تطور وسائل التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، تعاظم تأثير خطاب الكراهية والتعصب والتشدد، كيف يمكننا الحد من هذه الظاهرة؟
هذه قضية عالمية، حيث نجد أن منصات التواصل الاجتماعي تكون في كثير من الأحيان مجالًا لعرض محتويات ومعلومات رديئة ومشبوهة قد تشجع على ممارسات ضارة وخطيرة، وهناك الآن قناعة عامة في معظم دول العالم بضرورة استخدام هذه التقنيات من جانب الجهات المسؤولة في المجتمع لطرح مواد إيجابية لمحاربة الأفكار الهدامة وتعزيز الانتماء والولاء لقيم ومبادئ الوطن.
إننا في وزارة التسامح نأمل في أن يكون لنا وجود إيجابي في هذا المجال يتحدد فيه أدوار واضحة للأسر ولرجال الدين ورجال الأعمال وللمدارس والجامعات والوزارات ولمؤسسات المجتمع المدني، وأيضًا لجميع قادة المجتمع وأفراده، حيث يعمل الجميع معا من أجل نشر ودعم قيم التسامح والتعايش في المجتمع.
نحن ندرك تماما أن الأجيال الجديدة نشأت في زمن الهواتف الذكية هي أجيال توجد داخل شبكة الإنترنت التي أصبحت وسيلة أساسية في حياتهم، هي أجيال عالمية النظرة يتواصلون مع زملائهم عبر الدول والحدود، وسوف نأخذ ذلك كله في الاعتبار من أجل إيجاد قنوات فعالة للتواصل مع هذه الأجيال.
إن تجربتنا حتى الآن تشير إلى أهمية توفير محتوى ثقافي ومعرفي جيد أمام هذه الأجيال، وإتاحة الفرص أمامهم أيضًا للإسهام في إضافة محتويات جديدة ونافعة لزملائهم، بما يسهم في التواصل المفيد بينهم ويتيح المجال لمناقشة قضايا المجتمع وتقوية الالتزام بمبادئ التسامح والتعايش في الدولة، ومناقشة ذلك كله بانفتاح وموضوعية، ولعلكم تعلمون أن تطوير المحتوى الثقافي والمعرفي عن التسامح هو أحد المحاور الرئيسية للعمل في البرنامج الوطني للتسامح وهو محور نوليه أهمية كبرى في عمل وزارة التسامح سواء كان ذلك في المطبوعات الورقية أو في المواد المطروحة في وسائل التواصل المجتمعي.
-كيف تصفون لنا التسامح في فكر القيادة الرشيدة لدولة الإمارات منذ عهد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وصولًا إلى عهد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة؟
نحن في الإمارات، نحظى بحمد الله بقادة حكماء يقودون الدولة بقدرة فائقة ليس فقط في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية الناجحة، بل أيضا في الأخذ بمختلف الأساليب والأدوات الضرورية لتحقيق السلام والتفاهم والتسامح والاستقرار في ربوع الوطن والعالم.
إن مسيرة وإنجازات مؤسس الدولة -المغفور له- الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، قد جاءت في كافة جوانبها تأكيدا مستمرا لاعتقاد راسخ بأن التسامح والتعايش والحوار بين أشخاص وجماعات تمثل ديانات وثقافات وخلفيات متنوعة، من شأنها جميعا تحقيق التقدم والنماء والسلام في المجتمع، ومن شأنها كذلك أن تؤدي إلى وجود عالم أفضل أكثر سلاما وأكثر رخاء واستقرارا.
لقد كان الشيخ زايد بن سلطان يقول لنا دائما إن واجبنا في الإمارات وفي العالم كله هو أن نسعى إلى تحقيق العدل والتسامح والتفاهم والسلام، وأن تحقيق ذلك كله متطلب أساسي لتحقيق التنمية الشاملة في المجتمع والعالم، كما كان يؤكد لنا أيضا أن التشدد والتطرف والمغالاة ظواهر بغيضة تنشأ نتيجة الفشل والتشاؤم، بينما التسامح والتعايش والتفاؤل ظواهر محمودة تحقق الثقة والأمل في المستقبل، لذلك نجد دولة الإمارات وهي في المقدمة والطليعة بين دول العالم كله في الالتقاء بين البشر وفي التفاهم والتعايش بينهم، وكذلك في العمل المشترك معهم؛ من أجل تحقيق الخير والرخاء للفرد وللمجتمع وللعالم كله.
إننا نحمد الله كثيرا أن قادة دولة الإمارات يسيرون على هدي رؤية الشيخ زايد بن سلطان، وكان لذلك أثره الكبير في حدوث تقدم اقتصادي واجتماعي مرموق، أدى إلى توفير فرص واسعة للعمل المنتج والرقي الدائم أمام جميع السكان في الدولة، وإننا نحمد الله على أن الوالد الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، يرى نفس الرؤية للقائد المؤسس، حيث يجد في التعايش والتسامح وسيلة أكيدة لمكافحة الجهل بالآخر وأداة مهمة لتحقيق السلام والوفاق في أي مجتمع إنساني.
إن رئيس الدولة يرى كذلك أن التعايش والتسامح هما مكونان أساسيان في سعي دولة الإمارات إلى أن تكون دولة ناجحة بكل المقاييس، كذلك فإن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وأخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وإخوانهما أعضاء المجلس الأعلى حكام الإمارات، يشاركون ويدعمون رؤية رئيس الدولة في هذا المجال، ويؤكدون بالقول والعمل أننا في عصر يجعل من التعايش والتسامح ضرورة أساسية لتقدم العالم، وأن معطيات هذا العصر بما في ذلك تداخل الاهتمامات والمصالح للدول المختلفة وانتشار تقنيات المعلومات والاتصال وسهولة التنقل بين بلدان العالم تستلزم منا جميعا العمل بكل جد وإخلاص على بناء جسور التفاهم والتعايش والتواصل والحوار الإيجابي بين الجميع.
وأريد هنا أن أؤكد أن القيم والمبادئ التي يدعمها قادة دولة الإمارات بحكمة وقدرة وشجاعة لها أثرها الكبير في تحقيق نمو اقتصادي هائل في الدولة، يصاحبه تقدم اجتماعي واضح واستقرار سياسي متين، أدى إلى أن أصبحت الإمارات نموذجًا فريدًا في التنمية والتقدم على مستوى العالم كله.
-ما أبرز الأطروحات والمبادرات على أجندة المعهد الدولي للتسامح؟
المعهد الدولي للتسامح هو مبادرة مهمة للغاية للشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ومن ضمن أهداف هذا المعهد الرائد بث روح التسامح والألفة في المجتمع ونبذ كافة مظاهر التمييز أو العنف أو الكراهية، وتأكيد مكانة الدولة كنموذج يحتذى به في التسامح وتشجيع الحوار بين الأديان وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام باعتباره دين تسامح وسلام.
كذلك يقوم المعهد بعقد المؤتمرات الدولية والدخول في شراكات مع المؤسسات الثقافية المعنية في الدولة والعالم لنشر مبادئ الوئام وقيم التسامح بين الأجيال.
ويرتبط بالمعهد كذلك "جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للتسامح"، وهي جائزة عالمية بكل المقاييس تسهم بفاعلية في نشر ثقافة التسامح والتعايش على مستوى العالم كله.
ويقوم المعهد حاليا بإعداد خطط العمل تمهيدًا لتنفيذها في العام المقبل بإذن الله، وتشمل هذه الخطط مجالات التعليم والتوعية والدراسات والبحوث والمؤتمرات والحوارات والتواصل الفعال مع كافة مؤسسات المجتمع والمؤسسات الدولية، بالإضافة إلى دور المعهد في تنفيذ البرنامج الوطني للتسامح والإعداد للمؤتمرات واللقاءات العالمية المثمرة وإدارة جائزة محمد بن راشد للتسامح، وإبرام وتنفيذ المعاهدات ومذكرات التفاهم مع المنظمات الوطنية والدولية، ونحن متفائلون للغاية بالدور المهم الذي سيقوم به المعهد في أن تكون الإمارات دائما في الطليعة والمقدمة في تأكيد قيم التسامح والتعايش السلمي في العالم كله.
aXA6IDE4LjExNy4xNDUuNjcg جزيرة ام اند امز