من قِمَّة إلى قمة، ومن قِيمة إلى أخرى؛ قِمَمٌ وقِيَمْ، وهمم وشمم؛ يرفل بها الوطن في أمجاده، ويُبهج أبناءَه، ويُبدع في مسيرته ومسعاه، ودائمًا يستعين أهل القيم في الوصول إلى القمم بالقيم.
من قِمَّة إلى قمة، ومن قِيمة إلى أخرى؛ قِمَمٌ وقِيَمْ، وهمم وشمم؛ يرفل بها الوطن في أمجاده، ويُبهج أبناءَه، ويُبدع في مسيرته ومسعاه، ودائمًا يستعين أهل القيم في الوصول إلى القمم بالقيم.
إنه جسر ممتد ومتواصل من القِيم المتعانقة، والمبادرات الحثيثة، تتواءم معًا لتشكل فسيفساء الوطن المرصع بتلك المبادرات، من عام الخير الذي هو منبع الفضائل والمكرمات، إلى عام زايد الذي هو معدن القيم ورمزها، والناهض بلوائها، إلى عام التسامح الذي نعيش على مشارف أبوابه المشرعة بقيم التصافي والاحترام، والحب والوئام.
عام أتى واضح الصلة، قوي الرابطة بين التسامح وأيقونته، بل ومعجزته المعاصرة الشيخ زايد -طيب الله ثراه- في سيرته الفذة، ورؤيته التسامحية المتقدة، وتجربته التعايشية المتبصرة، التي نبصر من خلالها مراسي هذه القيمة، ومناراتها ومعالمها، ابتداءً من شخصيته التي جمعت معاقد الفضائل، وأمهات الشيم والشمائل، وانطبعت فيها عادات الأجداد، وكرائم أهل المروءات، ونفائس أخلاق العرب الأصيلة، حتى غدت واحة غناء ينظر إليها العالم بعين الإجلال والاقتداء.
الإيمان بالتسامح في هذه الأرض ركن أصيل في تاريخها العريق، وحاضرها المجيد، ومستقبلها الوضاء المشرق، وإرثه في دولة الإمارات ممتد بإذن الله تعالى، ووارف بأفيائه جمالًا وتنمية، يقول للجميع: ليس التسامح وليد اليوم في هذا الوطن بل نما ونشأ وترعرع؛ جذوره ثابتة، وأفنانه باسقة
إن الإعلان الذي أعلنه سيدي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد -حفظه الله ورعاه- بجعل عام 2019 عامًا للتسامح؛ يعد تصديقًا لإيمان آمن به زايد، وتنفيذًا لرؤية خططها زايد، وبلورةً لنهجٍ رسمه زايد، فقد كان التسامح البلسم الشافي الذي بثه -رحمه الله- في أقواله وأفعاله، والإنجاز الشامخ الذي بناه، والإنسان الواعي الذي أحبه وصنعه على عينه، وغرسه الممتد فينا والذي يوحي لنا بدلالاته الكبرى ورمزيته المتجذرة؛ فالإيمان بالتسامح في هذه الأرض ركن أصيل في تاريخها العريق، وحاضرها المجيد، ومستقبلها الوضاء المشرق، وإرثه في دولة الإمارات ممتد بإذن الله تعالى، ووارف بأفيائه جمالًا وتنمية، يقول للجميع: ليس التسامح وليد اليوم في هذا الوطن بل نما ونشأ وترعرع؛ جذوره ثابتة، وأفنانه باسقة، وظلاله يستظل بها الجميع في هذه الدولة، مبادرات وأنشطة، ومؤسسات متخصصة، وأفكار إبداعية مبتكرة، ومسيرة موفقة؛ لنصل إلى ما يمكن أن ندعوه: "عقيدة التسامح" التي بها تتوثق عرى الأنسنة، وترتوي جذور شجرة الإخاء الإنساني أعوامًا متطاولة، وأزمنة ممتدة، وتُستأنف حضارة الإنسان العربي.
إن اختيار عام 2019 عامًا للتسامح نرى ملامح التوفيق عليه بادية، فكل الظروف والسياقات تدعو لهذا التخصيص؛ إذ التسامح في عمقه ولبِّه ما هو إلا علاقات متميزة بين الإنسان وأخيه الإنسان، ونحن في دولة الإمارت يشهد لنا العالم اليوم بأننا رسل تسامح وسلام، كيف وقد تُوّج الجواز الإماراتي بالمرتبة الأولى عالميًا، وفي فبراير من عام التسامح سيحل البابا فرنسيس بابا الفاتيكان على أرض دولة الإمارت، ليسطر إنجازًا تسامحيًا آخر لهذه الأرض الطيبة، وسنرى المبادرات تلو المبادرات آخذة بالترادف والتناسق والتكامل في ميدان التسامح ومسرحه في هذه الدولة يلوح وميضه في كل بقعة من أرجاء هذا الوطن؛ مخلدًا ذكراه، ومثريًا جنباته ثراء البحر بالماء والصحراء بالرمل.
وإننا إذ نتلقى عام التسامح فإنه علينا أن ندرك ما فيه من رسائل وقيم؛ فنفتح قلوبنا لقيمة التسامح ونُعمِّقها، ونجعلها واقعًا عمليًا في كل زاوية من زوايا هذا الوطن، وعلينا أن نحمل مشعل هذه القيمة إلى العالم ليلتفت إلى التسامح؛ فهو الدواء لأمراضه المعضلة، وهو الجو النقي الذي لا تلوثه عوادم الطائفية ولوثات الإرهاب والتطرف.
علينا جميعًا أن نعي بأن التسامح مسؤولية والتزام، وتَنَزُّهٌ عن سفاسف الأمور، وتعلقٌ بفضائل القيم، وأفعالٌ وتصرفات تَزرع الحب في هذه الأرض فتحصد الخير والنماء والسعادة، والحمد لله على فضله وتوفيقه لدولتنا التي تقتطف اليوم ثمار القيم التي أرساها المؤسسون الأوائل، فأضحت تسير بنا من قمة إلى قمة، ومن قيمة إلى أخرى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة