ترامب.. كلمة السر في الولاية الثانية لفون دير لاين
ستعتمد العلاقة بين الولايات المتحدة وأوروبا على قدرة رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين على تهدئة غضب ترامب تجاه الاتحاد الأوروبي.
ولطالما هاجم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الاتحاد الأوروبي ففي ولايته الأولى عام 2018، وصف التكتل بأنه «عدو رئيسي» للولايات المتحدة، وهاجمه لاستغلاله أمريكا في التجارة بينما يعتمد على واشنطن للدفاع عنه.
ومع استعداده للعودة للبيت الأبيض، يهدد ترامب بفرض تعريفات تجارية على أوروبا، وخفض الدعم لأوكرانيا، وتقليص دورها في أمنها الإقليمي.
وبالتزامن بدأت أوروسولا فون دير لاين اليوم ولايتها الثانية لمدة خمس سنوات على رأس المفوضية الأوروبية فيما يعلم فريقها أن يتوقع ما هو غير متوقع من الرئيس الأمريكي وتحديد المصالح المشتركة بين الجانبين وذلك وفقا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
في العام الأول لفون ديرلاين في رئاسة المفوضية الذي تزامن مع آخر 12 شهرًا لترامب في منصبه، توصل الاتحاد الأوروبي إلى تفاهم تجاري لخفض التعريفات الجمركية مع واشنطن وبدأ الزعيمان حوارًا مشتركًا بشأن الصين، التي ينظر إليها كل منهما على أنها تهديد محتمل.
فون دير لاين (66 عاما) وزيرة الدفاع الألمانية السابقة التي كان يُنظر إليها باعتبارها خليفة محتملة للمستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، لا تبتعد أبدًا عن الانضباط في الرسائل فأحكمت سيطرتها على البيروقراطية في بروكسل وتكره أي تلميح للفوضى وأقامت أماكن للنوم في مكتبها حتى تعمل على مدار الساعة.
وبصفتها حليفة وثيقة للرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن، فقد أزعجت فون دير لاين بعض العواصم الأوروبية بسبب تجنبها للمعارك مع واشنطن خلال السنوات الأخيرة.
ومع فوز ترامب في الانتخابات، أوضحت أنه من مصلحة أوروبا تكوين علاقة بناءة مع الإدارة الأمريكية المقبلة وتجنب ما قد يصبح صدامات كبرى حول التجارة ومصير أوكرانيا وأمن أوروبا.
وعقب مكالمات ما بعد الانتخابات مع ترامب، قال زعماء الاتحاد الأوروبي، إنهم سيسعون بشكل استباقي إلى مجالات يمكنهم التعاون فيها لكنهم يضعون أيضًا خططًا للدفاع عن مصالحهم.
ومنذ الصيف الماضي، عمل فريق من الاتحاد الأوروبي على تحليل مقترحات ترامب ووضع التدابير المضادة والحوافز المحتملة لتجنب الصدام وركزت المناقشات الأولية إلى حد كبير على التجارة والتعريفات الجمركية وبحثت المفوضية خيارات لزيادة واردات السلع الأمريكية وتضييق الفائض التجاري للاتحاد الأوروبي مع الولايات المتحدة.
ومؤخرا، اقترحت فون دير لاين شراء المزيد من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي ليحل محل الغاز الروسي الذي لا تزال بعض الدول تستخدمه وكان الاتحاد الأوروبي قد ضاعف وارداته من الغاز الأمريكي ثلاث مرات تقريبًا منذ حرب أوكرانيا وقال مسؤولون ودبلوماسيون إن الكتلة قد تنظر أيضًا في شراء المزيد من المنتجات الزراعية والدفاعية الأمريكية.
وإذا فرضت الولايات المتحدة تعريفات جمركية، فإن المفوضية ستستهدف القطاعات الحساسة والدوائر الانتخابية الأمريكية للتعريفات المضادة، كما فعلت بعد أن فرضت إدارة ترامب الأولى رسومًا جمركية على الصلب والألمنيوم على الاتحاد الأوروبي في عام 2018.
ويرى المسؤولون الأوروبيون أن بناء علاقة عمل مع الإدارة الجديدة سيتطلب حزمة من التدابير التي تتجاوز التجارة، مثل تحمل المزيد من العبء المالي لدعم أوكرانيا وتعزيز الإنفاق العسكري، بما في ذلك على المعدات العسكرية الأمريكية.
خطة دفاع أوروبية
وتستعد فون دير لاين لخطة دفاع أوروبية جديدة يمكن أن تصب مليارات اليورو في صناعة التكتل ومشاريع الدفاع المشتركة.
وبالفعل، تعهد الاتحاد الأوروبي بتقديم ما يصل إلى 35 مليار يورو (37 مليار دولار)، لقرض مجموعة السبع لأوكرانيا وما زال لديه معظم حزمة دعم ميزانية أوكرانيا البالغة 50 مليار يورو لصرفها.
وحاليا، يلبي ثلثا أعضاء منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) النسبة المطلوبة 2٪ من الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق العسكري التي يستهدفها الحلف لكن مايك والتز مستشار ترامب للأمن القومي قال الأسبوع الماضي إن "نسبة 2٪ هي الحد الأدنى".
وقد يؤدي دفع الأهداف إلى الارتفاع إلى خلق مشاكل عميقة لبعض الحكومات الأوروبية، التي تواجه مزيجًا من عدم الاستقرار السياسي والنمو الضعيف والديون المرتفعة.
وانضم إلى فون دير لاين في قيادة الاتحاد الأوروبي، كلا من رئيسة الوزراء الإستونية السابقة كايا كالاس، التي تحل محل مسؤول السياسة الخارجية جوزيب بوريل ورئيس وزراء البرتغال السابق أنطونيو كوستا، الذي تولى رئاسة المجلس الأوروبي.
وبدأت كالاس وكوستا يومهما الأول في كييف في إشارة إلى تعهد أوروبا بمواصلة دعم أوكرانيا. وقالت كالاس إن الاتحاد الأوروبي سيحتاج إلى التحدث "بلغة المعاملات" مع ترامب وإقناعه بأن التخلي عن أوكرانيا سيضر بمصالح الولايات المتحدة وحذرت من مخاطر التركيز على وقف إطلاق النار السريع لإنهاء الحرب.
وقالت سابين وياند مسؤولة التجارة في الاتحاد الأوروبي إن المسؤولين الأوروبيين يواصلون تحليل جميع التحركات التجارية المحتملة لفريق ترامب وأوضحت أن "هدف التكتل هو التعاون (..) نحن مستعدون للسيناريوهات التخريبية".
ممارسة النفوذ
وقال بعض الدبلوماسيين والمسؤولين في أوروبا إن الاتحاد يحاول ممارسة النفوذ على واشنطن من خلال عرض التعاون مع الولايات المتحدة في نهج مشترك تجاه الصين حيث يتشارك التكتل وفريق ترامب المخاوف بشأن بكين بما في ذلك تصدير السلع عالية التقنية إلى الصين والمستويات العالية من الصادرات الصينية الرخيصة التي يقول المسؤولون إنها تغمر أسواق أمريكا الشمالية وأوروبا.
ورغم معارضة ألمانيا، اتخذ الاتحاد الأوروبي بقيادة فون دير لاين أشد إجراءاته التجارية ضد بكين مع فرض رسوم جمركية إضافية تصل إلى 35% على المركبات الكهربائية المصنوعة في الصين.
لكن الاتحاد الأوروبي لا يزال متمسكًا إلى حد كبير بقواعد التجارة العالمية، وتعتمد بعض أكبر اقتصاداته على العلاقات العميقة مع بكين. وتخشى الدول الأعضاء أن تتحمل الشركات الأوروبية جزءًا من فاتورة التعريفات الجمركية الأمريكية على الصين لأن بكين ستعيد توجيه المزيد من الصادرات الصينية إلى أوروبا.
وقد تتسبب اللوائح الرقمية للكتلة أيضًا في حدوث احتكاك حيث انتقد ترامب جهود الاتحاد الأوروبي لمراقبة شركات التكنولوجيا الأمريكية في الماضي.