أرباح التجّار في "زمن الغلاء والاحتكار" تحت مجهر رجال الدين (خاص)
تعاني بعض الدول العربية من ارتفاعات متتالية للأسعار في ظل أوضاع اقتصادية غير مستقرة نتجت عن عوامل عدة من بينها الحرب الروسية والأوكرانية وجائحة كورونا.
ويعزو البعض الارتفاع الجنوني للأسعار إلى ما يسمّونه "جشع التجار" وهو ما فتح نقاشاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي حول حدود الربح التي حددتها الشريعة الإسلامية للتجار في أوقات مثل هذه.
"العين الإخبارية" تواصلت مع عدد من رجال الدين في مصر لسؤالهم: هل الشريعة الإسلامية حددت هامش ربح معين للتجار؟ وإذا لم تحدد فما هو الحد المناسب؟.
الشريعة تركته للعرف
يقول الدكتور السيد سليمان، من علماء الأزهر الشريف، إن الشريعة الإسلامية لم تحدد هامشاً معيناً للربح تلزم به التجار، ولا يتم ذلك إلا في حالة التسعير الجبري الذي تحدده الأنظمة.
ويستدرك سليمان في حديثه مع لـ"العين الإخبارية": "ليس معنى هذا أن الأمور تُترك لطمع التجار، فقد وضعت الشريعة ضوابط من بينها العدل ومراعاة ظروف الناس".
ويوضح أن الحكم هنا يرجع للعرف والعرف مصدر من مصادر التشريع الإسلامي، وما يقره العرف بأنه طمع وجشع وأنانية فهو "حرام"، وما يقره بأنه عدل فهو "حلال".
آداب البيع والشراء
ويقول الدكتور مصطفى سعفان، من علماء وزارة الأوقاف المصرية: رُغْم أن الشريعة لم تحدد هامشاً للربح إلا أنها اشترطت آداب البيع والشراء، وعلى رأسها تحري الحلال وعدم الطمع والجشع.
ويضيف سعفان لـ"العين الإخبارية" أن الشريعة حذّرت من الاحتكار، وخصوصاً إذا اقترن بنية رفع الأسعار لحاجة الناس للسلع، وقد دلت الكثير من الأحاديث النبوية على حرمة الاحتكار وآثاره السلبية في الدنيا والآخرة.
التحريم يأتي من أبواب أخرى
ويقول الدكتور سامي العسالة، مدير إدارة التفتيش الديني بوزارة الأوقاف المصرية سابقًا، إن الشريعة لم تحدد ربحاً معيناً، والتاجر حتى لو اشترى السلعة بجنيه وباعها بعشرة لن يُحاسب على زيادة ثمنها، لكنه سيحاسب على استغلال العباد.
ويوضح العسالة لـ"العين الإخبارية" أنه حتى ولو لم يوجد في الشريعة تحديد معين للمكسب والربح، إلا أن التحريم يأتي من أبواب أخرى من بينها: تحريم الاستغلال، وعدم الرحمة، وعدم مراعاة ظروف الآخرين.
ويشير إلى أن الله حثنا على التعاون على البر والتقوى، وهذا الاستغلال ضد مبدأ التعاون الإسلامي، موضحاً أن القرآن والسنة النبوية حذّر المطففين في الكيل والميزان، وهذا يندرج تحت منه رفع الأسعار واستغلال الظروف الحالية والاحتكار.
وطالب العسالة التجار بأن يراعوا أوضاع الناس ووطنهم ودينهم، وأن يرحموا عباد الله، لأن "التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ"، كما أخبر رسول الله.
aXA6IDMuMTQ5LjIzLjEyNCA= جزيرة ام اند امز