"المينيماليزم" أسلوب حياة.. دعوات مصرية لمواجهة ارتفاع الأسعار بالاستغناء (خاص)
من ترشيد الاستهلاك إلى تعزيز ثقافة الاستغناء، يتنامى اتجاه البساطة "المينيماليزم" بين المصريين وسط ارتفاع غير مسبوق في الأسعار.
وظهر "المينيماليزم" لأول مرة في فترة الستينيات من القرن العشرين، ولكن كحركة فنية خرجت من عباءة المدرسة التجريدية، وتميزت بالتقليل في استخدام العناصر والألوان، والاستغناء عن التفاصيل.
وبدءا من 2005، جرى تطوير المينيماليزم كأسلوب حياة "لايف ستايل" في جامعة إلينوي الأمريكية، وفرقت دراسة وقتها بين ما تقدمه الخبرات والتجارب من قيمة للإنسان، مقابل الأشياء المادية والممتلكات.
وفي مصر، ظهرت دعوات لتطبيق "المينيماليزم" في جميع المجالات، بدءا من التصميم الداخلي للمنازل، وثقافة الاستهلاك، وتعاظمت هذه الدعوات بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، وما تبعها من تغييرات اجتماعية.
وعلى موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أنشأ مصريون مجموعات لنشر ثقافة "المينيماليزم" والدعوة إلى الاستغناء عن ثقافة اقتناء الأشياء غير الضرورية، مثل مجموعتي "بالعربي.. بساطة" و"السعادة في البساطة".
السعادة في البساطة
وقبل 4 سنوات، أنشأت مصممة الديكور المصرية آلاء حافظ مجموعة "minimalists hub" لنشر ثقافة المينيماليزم تحت شعار "السعادة في البساطة"، بعد نجاحها في تطبيقها مع أسرتها الصغيرة بالتعاون مع زوجها.
وتقول "حافظ" لـ"العين الإخبارية": "السعادة والراحة ليست متعلقة بالأشياء المادية التي نستهلكها يوميًا، من هنا بدأت رحلتنا في التبسيط والاستمتاع بتفاصيل حياتنا"، مشيرة إلى أن تطبيق البساطة يختلف من شخص لآخر.
وبعد إنجابها طفلتيها التوأم قررت "حافظ" اتباع أسلوب "المينيماليزم"، وتقول: "البساطة تسهل تربية الأطفال، وتضمن تحقيق التوازن في حياتي"، مشيرة إلى دور زوجها عبدالرحمن في تشجيعها وتأسيس المجموعة.
وأردفت: "التبسيط أو التقليل ليس هدفا، ولكنه رحلة حياة كاملة، ويجب على الأسر أن تربي أبناءها على التبسيط وتوعيتهم بضرورة الحفاظ على البيئة، ولذلك قررنا نشر فكرتنا عن البساطة لكي يستفيد منها الآخرون".
وتعرف المصممة المصرية المينيماليزم بأنه "التخلص من الأشياء الزائدة، وتعزيز ثقافة شراء المستعمل للحفاظ على البيئة؛ لأن إعادة التدوير تقلل من تكلفة الإنتاج، وتقلل من المخلفات الناتجة عن الأشياء التي يتم التخلص منها".
وبسبب ارتفاع الأسعار، أنشأت "حافظ" سوقا لبيع الأشياء المستعملة على المجموعة، وتقول: "يعرض أعضاء المجموعة ملابس وأدوات مكتبية وإلكترونية مستعملة، ونظمنا قبل ذلك سوقًا للمستعمل في حديقة الأسماك بمحافظة القاهرة".
المينيماليزم.. أسلوب حياة
بالطريقة نفسها، أنشأت المعالجة النفسية ياسمين مدكور مجموعة "بالعربي.. بساطة" لنشر ثقافة البساطة بين الأعضاء، وتقول لـ"العين الإخبارية" "العين الإخبارية" إن مجموعتها على "فيسبوك" مجرد شغف تشاركه مع الآخرين، لكن مجالها وتخصصها هو العلاج النفسي.
وتقوم فكرة المجموعة على نشر الوعي ومشاركة التجارب في خلق حياة بسيطة، وتقول: "المينيماليزم أو البساطة هي أسلوب حياة يتنامى عالميًا لتقليل المخلفات والقلق والقرارات التي يتخذها الشخص يوميًا، وتساعد على الشعور بالشكر والامتنان".
وتضع المجموعة لعدة قواعد عامة، منها: "كونك شخصا بسيطا أو بتنتهج منهج تقليل المخلفات لا يعطيك الحق في الحكم على أي شخص لا يتبع نفس المنهج في حياته، بالتالي غير مسموح بالسخرية أو التقليل أو الإهانة لأي شخص ينتقد منهج البساطة".
الاستغناء بديلًا للاقتناء
من جهته، انتقد الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، بعض العادات الاستهلاكية بين المصريين، معتبرًا أن بعض العادات اليومية والموسمية المتعلقة بالاستهلاك في مصر تحتاج إلى التقويم وإعادة النظر.
ويضيف لـ"العين الإخبارية" أن بعض النساء في مصر اعتدن على شراء كميات معينة من الملابس طوال السنة، متسائلًا: "قد تجد سيدة تشتري 10 فساتين في السنة فلم لا تكتفي بـ3 أو 4؟ وبعض ربات البيوت اعتدن كذلك على شراء مواد غذائية بكميات كبيرة، وينتهي الأمر بهدر الكثير من الطعام".
واستبعد أستاذ علم الاجتماع أن تحقق الدعوات إلى تقليل الاستهلاك وانتهاج البساطة رواجًا بين المصريين، مشيرًا إلى فشل دعوات سابقة لمقاطعة بعض السلع، قائلًا: "تعبئة الجماهير لتقليل العادات الاستهلاكية المتجذرة أو مقاطعة سلعة بعينها لا يجدي نفعا مع المصريين، لأن معظمهم يؤمنون بضرورة الاقتناء وليس العكس".
aXA6IDE4LjE5MS4yMDAuMTE0IA== جزيرة ام اند امز