الطب التقليدي يعالج 80% من مصابي "كورونا" في الصين
بدايات الطب الصيني التقليدي ظهرت في المجتمع البدائي وخلال عصر تشوان تسيو والممالك المتحاربة تشكلت نظريته التقليدية بشكل أساسي.
حرب شرسة شنها الأطباء الصينيون على فيروس كورونا المستجد، الذي تفشّى في الدولة منطلقا من مدينة ووهان ديسمبر/كانون الأول، لم تخلُ من بعض الوسائل التقليدية في العلاج، خاصة في ظل عدم التوصل للقاح فعال يقضي على المرض الغامض.
ولجأ الأطباء لعلاج المرضى بالطب الصيني التقليدي مع الأخذ في الاعتبار بعض تدابير الطب الغربي، المتمثلة في تناول المضادات الحيوية وعلاج استنشاق الأكسجين وغير ذلك؛ ما أسهم كثيرا في تحسن أعراض نسبة كبيرة من المرضى بشكل ملحوظ.
وأصاب الفيروس الذي يسبب التهابا رئويا حادا ويعرف علميا باسم "كوفيد- 19"، أكثر من 78 ألفا و724 شخصا، نصيب الصين وحدها نحو 76 ألفا و936 شخصا، بينما تعافى نحو 23 ألف حالة حتى الآن.
والتطبيق المبكر لأساليب العلاج الطبي الصيني التقليدي أو تنفيذ تدابير تكامل الطب الصيني التقليدي والطب الغربي الحديث لمكافحة كورونا، كان له تأثير إيجابي كبير في تحسين أعراض المرضى ذوي الحالات الخفيفة، ومنع انتقال المرضى من ذوي الحالات الخطيرة إلى الحالات الحرجة.
نتائج مبهرة
تحكي السيدة الصينية بينج: "عندما تمكّن مني المرض بشكل خطير، كان من الصعب عليّ أن أتنفس بشكل طبيعي. لكنني بدأت أشعر بتحسن أعراض ضيق الصدر والتجشؤ والسعال بعدما تناولت العقاقير الصينية التقليدية بضعة مرات".
وأضافت السيدة البالغة 64 عاما: "كما تحسنت مؤشرات جسمي الحيوية بشكل ملحوظ في فحص التصوير المقطعي المحوسب (سي تي)".
وفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، نقلت بينج إلى جناح وحدة العناية المركزة بمستشفى "ديتان" في بكين يوم 20 يناير/كانون الثاني، وتلقت العلاج بأسلوب الطب الصيني التقليدي مع تناول المضادات الحيوية وعلاج استنشاق الأكسجين وغير ذلك، وأسهم كثيرا في تحسن أعراضها؛ ما دفع الأطباء لنقلها إلى الجناح العام 6 فبراير/شباط.
وحسب نتائج بيانات أصدرتها إدارة للطب والصيدلة التقليدية الصينية، شارك الطب الصيني التقليدي في علاج أكثر من 85.2% من إجمالي المرضى المصابين بكوفيد-19 حتى 17 فبراير/شباط، وأكثر من 90% في بعض المناطق مثل مقاطعة شنشي الواقعة في شمال غربي البلاد، ومقاطعة هيلونججيانج بشمال شرقيها.
وأكدت الحكومة المركزية الصينية في بداية المعركة مع فيروس كورونا الجديد أهمية الالتزام بتطبيق أساليب علاج متكاملة بين الطبين الصيني والغربي. ونفذت مختلف المناطق هذه السياسة وحققت مشاركة شاملة للطب الصيني التقليدي في الوقت المناسب، خاصة في عمليات التشخيص والعلاج السريري.
وبفضل الجمع بين الطبين، لم تنجح المستشفيات المعنية بشكل فعال في الحد من تدهور حالات المرض الخفيف لتصبح حالات خطيرة فقط، بل تمكنت أيضا من انتشال الكثير من المرضى المصابين في الحالات الخطيرة إلى مرحلة المرض الخفيف، وتحسين معدلات الشفاء.
وفي بعض المناطق، يتم استخدام العقاقير الصينية التقليدية أيضا في مجال الوقاية، لتحقيق هدف تجنب العدوى العابرة بين العامة.
ظهرت بدايات الطب الصيني التقليدي في المجتمع البدائي، وخلال عصر تشوان تسيو والممالك المتحاربة (770 قبل الميلاد - 221 قبل الميلاد)، تشكلت نظرية الطب الصيني التقليدي بشكل أساسي، وكان لها تأثير بعيد المدى على دول الدائرة الثقافية الصينية التقليدية.
فعلى سبيل المثال، تم تطوير الطب الياباني الصيني التقليدي، والطب الكوري التقليدي، والطب الفيتنامي الشرقي على أساس الطب الصيني التقليدي.
يعتمد الطب الصيني التقليدي على نظرية "يين" و"يانج" في تشخيص الأمراض، ويستخدم أساليب العلاج التقليدية المتمثلة في الوخز بالإبر، والتدليك، والحجامة، وتشيقونج، والعقاقير الطبيعية، والعلاج الغذائي وغيرها من العلاجات لتمكين الجسم البشري من تحقيق التوازن بين "يين" و"يانج" في داخله وخارجه، ومن ثم التعافي من الأمراض.
وأدرجت منظمة الصحة العالمية الطب الصيني لأول مرة في مخططها الطبي العالمي مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2018.
قال وانج شيان بو، مدير مركز تجميع وتكامل الطب الصيني والطب الغربي في مستشفى ديتان المتخصص لعلاج الأمراض المعدية: "منذ استقبال أول مريض مصاب بكوفيد-19 حرصنا على تطبيق سياسة مشاركة أطباء الطب الصيني التقليدي في عمليات العلاج".
وأشار إلى أن نتائج العلاج كشفت عن أن الطب الصيني حسن الأعراض المتمثلة في تخفيف الحرارة، وتخفيف السعال، وتحسين مستوى التعب للمرضى الذين يعانون من المرض بشكل خفيف بشكل ملحوظ.
وأضاف: "بالنسبة للمرضى من ذوي الحالات الخطيرة والحرجة، فتم تنفيذ نظام فحص مزدوج لطبيبين من الطب الصيني والطب الغربي، لضمان استخدام المرضى العقاقير الصينية التقليدية في الوقت الحقيقي، على أساس العلاج بالطب الغربي، فتحسنت حالة بعض المرضى من ذوي الحالات الحرجة بشكل كبير بفضل ذلك".
أنشأت مقاطعة تشجيانج الواقعة في شرقي الصين، نظاما كاملا يشمل تدابير متنوعة لمواجهة تهديد الفيروس، وتتمثل في استخدام الوصفات الطبية الصينية الجاهزة للوقاية والسيطرة على انتشار الفيروس بين الذين كانوا على اتصال وثيق مع العامة المعرضين للخطر.
وشملت توفير الظروف للاعتماد على الطب الصيني التقليدي في معالجة الحالات المشتبه فيها، فضلا عن ضمان مشاركة عاملي الطب الصيني في جميع الحلقات لعمليات علاج المرضى المصابين بالفيروس.
أما في مقاطعة قوانجدونج بجنوبي الصين، فنُفذت سياسة دقيقة تحت اسم "وصفة طبية صينية منفردة لشخص واحد" لجميع المرضى الذين يعانون من الفيروس، إضافة إلى تنفيذ التدخل المبكر للطب الصيني في علاج المرضى المشتبه بإصابتهم أو الذين أصيبوا به بشكل خفيف بعد تصنيف أعراضهم المختلفة.
نظرية الطب الصيني
قال هو تشنج شي، أستاذ الطب الصيني-الغربي المتكامل في المستشفى التابع لجامعة الطب الصيني التقليدي في تشنجدو، إن نظرية الطب الصيني التقليدي تؤكد تعديل استراتيجيات تشخيص وعلاج الأمراض التي تصيب الناس وفقا لظروف أجسامهم وعقولهم بشكل منفرد ومتنوع.
وتابع: "إضافة إلى الظروف الخارجية مثل الخصائص المناخية الموسمية، والظروف المحلية، والبيئة الجغرافية، أي وفقا لإجمالي حالات الأفراد المختلفين التي تتجسد في تمايز المتلازمات وعلاجها. وتتركز النظرية على تعديل حالات العوامل المسببة للأمراض، من خلال العمل على تنشيط الوظائف الكلية لجسم الإنسان".
وأكد لي هاو، المسؤول في مصلحة الدولة للطب والصيدلة الصينية التقليدية، أن لجنة الصحة الوطنية والمصلحة المذكورة أصدرتا بلاغا مشتركا في 6 فبراير/شباط، أوصتا فيه باستخدام نوع من العقاقير الصينية التقليدية تحت اسم "حساء تنظيف الرئة والتخلص من السم" بجميع أنحاء الصين، بعد حصول الحكومة على نتائج ممارسات العلاج لـ214 حالة سريرية باستخدام العقاقير هذه.
وأضاف: "أظهرت نتائج استخدام العقاقير بعد 10 أيام علاج 701 حالة مؤكدة للإصابة بكوفيد - 19 في 57 مؤسسة طبية مخصصة بـ10 مقاطعات، وغادرت 130 حالة منها المستشفيات بعد تماثلها للشفاء، واختفت الأعراض لدى 51 حالة منها، وتحسنت الأعراض في 268 حالة، بينما لم تتفاقم الأعراض بشكل مطرد في 212 حالة".