الغذاء والموضة والأعياد.. ثلاثي يدمر جهود المناخ
أغنى 1% من سكان العالم يصدرون أكثر من ضعف الكمية التي يصدرها أفقر 50% حول العالم.
هل تعلم أن الأمريكيين ينتجون نفايات أكثر بنسبة 25% من المعتاد بين عيد الشكر ويوم رأس السنة الجديدة، ويرسلون مليون طن إضافي في الأسبوع إلى مدافن النفايات؟
كذلك في موسم العطلات هذا، يتم إرسال أكثر من ملياري بطاقة عيد الميلاد بالبريد كل عام، مع ما يكفي من الورق لملء ملعب كرة قدم يبلغ ارتفاعه 10 طوابق.
وخلال فترة الأعياد، يتخلص الأمريكيون من نصف إجمالي نفاياتهم الورقية السنوية، ومعظمها أغلفة وأوسمة العطلات حجمها حوالي تسعة مليارات طن؛ وكل شخص يهدر ما يقرب من 100 كغم من الطعام سنويا.
وهنا الحديث فقط عن الولايات المتحدة، فكيف سيكون الحال في أكثر من 200 دولة أخرى حول العالم، تمارس واقعا شبيها بذلك الذي تمارسه العائلات الأمريكية؟
ما علاقة كل هذا بتغير المناخ؟
تؤدي عادات المستهلك إلى تغير المناخ؛ إذ وجدت دراسة أجريت عام 2020 عن المنتدى الاقتصادي العالمي، أن إنتاج واستخدام السلع والخدمات المنزلية كان مسؤولاً عن 60% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
ووجد تقرير جديد للأمم المتحدة صدر في نهاية عام 2021، أن أغنى 1% من سكان العالم يصدرون أكثر من ضعف الكمية التي يصدرها أفقر 50% حول العالم.
علاوة على ذلك، كلما أصبح الناس أكثر ثراءً، كلما زاد استخدامهم للطاقة؛ فعلى سبيل المثال، انبعاثات الكربون السنوية للأمريكيين العاديين هي خمسة أضعاف ما ينبعث منه الشخص العادي في العالم.
وبعد تلبية الاحتياجات الأساسية للأفراد، يبدأ المستهلكون في شراء سلع لتحسين الوضع الاجتماعي؛ وبينما يحاولون اكتساب المزيد والمزيد من المكانة، هناك حاجة إلى المزيد والمزيد من المنتجات باهظة الثمن.
ينتج عن إنتاج كل هذه الأشياء انبعاثات غازات الدفيئة المتغيرة للمناخ.
وأظهر شكل الحياة الذي عاشته البشرية خلال كوفيد، أنه من الممكن أن يعيشوا حياة أكثر سعادة وبساطة وأقل مادية، فالتغيير الأول الذي قال الناس إنهم يريدون الحفاظ عليه بعد الوباء هو تقليل نزعتهم الاستهلاكية.
الموضة والتلوث
أجمعت تقارير صحفية وتحقيقات نشرتها واشنطن بوست وBBC وCNN، على أن صناعة الأزياء مسؤولة عن 10% من الغازات الكربونية الضارة حول العالم.
وأصبح لغز الاستدامة هو المشكلة التي تؤثر على كل ركن من أركان صناعة الأزياء حول العالم، إذ إن سلسلة الإنتاج العالمية للأزياء تلوث البيئة من خلال مصانعها.
ونظرا لأن مبدأ الأزياء يعتمد على التقادم المخطط لها، فإن العلامات التجارية في دورة غير متتالية من الاستبدال والتجديد؛ ووظيفة الموضة هي الذهاب إلى الرغبة، والحاجة إلى المزيد.
إذن، كيف يمكن أن تكون الملابس مدمرة للبيئة؟
عندما تجمع بين انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناتجة عن صناعة الأزياء، وكتلة نفايات الملابس التي يتم التخلص منها حول العالم، فإن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ستكون في ازدياد.
وأدى الارتفاع في الموضة السريعة إلى ارتفاع معدل دوران الملابس؛ كما أن مواكبة اتجاهات الموضة تعني أن 85% من المنسوجات تذهب إلى مكب النفايات كل عام، بمجرد أن ينتهي الناس من ارتداء أفضل ملابس الموسم، فإنهم يرتدون الملابس التالية.
وأظهرت دراسة صادرة عن مؤسسة "ماكينزي وشركاه"، أن المستهلك يشتري أكثر بنسبة 60% من الملابس في الوقت الحالي، عما كان عليه قبل 15 عاما.
وتمثل صناعة الأزياء حوالي 10% من انبعاثات الكربون العالمية، وحوالي 20% من مياه الصرف الصحي؛ وعلى الرغم من أن التأثير البيئي للطيران معروف جيدا، فإن الأزياء تمتص المزيد من الطاقة أكثر من كل من الطيران والشحن مجتمعة.
وتعتبر صناعة الملابس بشكل عام إحدى أبرز الإمدادات العالمية المعقدة من حيث صعوبة حساب جميع الانبعاثات التي تأتي من إنتاج زوج من السراويل أو معطف جديد، أو حرقها إن كانت قديمة، أو نقلها من قارة إلى أخرى.
في حين أن معظم البضائع الاستهلاكية تعاني من مشكلات مماثلة، فإن ما يجعل صناعة الأزياء مشكلة خاصة هي وتيرة التغيير وتقليب الملابس للحاق بالموضة العالمية، إذ يتم دفع المستهلكين إلى شراء أحدث العناصر للبقاء على اتجاه الموضة.
وتقدر الأمم المتحدة أن صناعة زوج واحد من الجينز يتطلب كيلوغراما من القطن؛ ولأن القطن يميل إلى أن يزرع في البيئات الجافة، يتطلب إنتاج هذا الكيلو حوالي 7500- 10،000 لتر من الماء. هذا حوالي 10 سنوات من مياه الشرب لشخص واحد.