إيران الأولى في تجارة الأعضاء.. ما دور داعش في هذا؟
وزارة الصحة الإيرانية تفتتح مستشفى لزراعة الأعضاء وتعلن أرقامًا هائلة عن معدل العمليات وسط تقارير عن مصادر محرّمة لها وعلاقة داعش بها
افتتحت وزارة الصحة الإيرانية مستشفى متخصصا في زراعة الأعضاء، الخميس، وسط تصاعد التساؤلات حول مصادر الأعضاء التي حولت إيران إلى واجهة عالمية لزراعة وتجارة الأعضاء.
وقال وزير الصحة الإيراني سيد حسن قاضي زاده هاشمي خلال افتتاح مستشفى "بو علي سينا" لزراعة الأعضاء في مدينة شيراز جنوب البلاد إن الحكومة حالية أسست مجلسا أعلى لزراعة الأعضاء ومركز لزراعة الأعضاء ومركزا للخلايا الجذعية وشبكة لتأمين الأعضاء، إضافة إلى إصدار دفتر علاج لـ 11 مليون إيراني.، بحسب ما نشرته وكالة تسنيم الإيرانية.
ومدينة شيراز هذه شهدت إجراء أول عملية زرع كلى في منطقة الشرق الأوسط في عام 1967.
وعن عدد عمليات زرع الأعضاء السنوية قال إنه تتم في البلاد سنويًا 3450 عملية لزرع الكبد، و1040 للنخاع، و47 ارتباطاً، و18 عملية زرع للخلايا الجذعية، لافتاً إلى أن هذه العمليات أسهمت في ترشيد الملايين من الدولارات.
وذكر الوزير قاضي زاده أن 50 ألف عملية زرع للكبد والقلب والكلى تم القيام بها حتى الآن في إيران، مضيفاً أن نفس هذا الرقم جرى القيام به فيما يخص زراعة العيون في البلاد، لافتاً إلى 6 آلاف قرنية يتم زرعها سنوياً في إيران.
وأوضح وزير الصحة الإيراني أنه سنوياً يتم القيام بـ800 عملية لزرع الكبد، و2500 لزرع الكلى في البلاد، يتم التبرع بـ 57 بالمئة منها من قبل إناس مصابون بالموت الدماغي.
ولم تشر تصريحات وزير الصحة إلى مصدر هذه الأعضاء، ولكن يرجعها المسؤولون في العادة إلى "التبرعات" لها دور كبير في ذلك.
غير أن هذا الكمّ الكبير من العمليات السنوية المعلنة لا يشي بأنها مجرد "تبرعات"، خاصة وأن نقل عضو من الجسم يهدد صاحبه بمضاعفات لا يخاطر بها الشخص لمجرد "التبرع".
وبحثًا عن إجابة عن هذا السؤال نشرت صحيفة "الجارديان" البريطانية عام 2015 تقريرًا أظهر أنه يمكن القول إن إيران أصبحت الدولة الوحيدة في العالم التي تسمح بتجارة الأعضاء البشرية.
واستدلت على ذلك بصدور قانون المنح والمكافأة لعام 1997 والذي يعطى ما يسمى بمنحة أو مكافأة للمتبرع، غير أنها في الحقيقة تكون تشجيعًا للفقراء على بيع أعضائهم مقابل المال.
وأسهم هذا القانون في اختفاء طوابير انتظار زراعة الأعضاء خلال عامين؛ حيث يحصل من يبيع كليته على 300 جنيه إسترليني وتأمين صحي لمدة عام كامل مجانا من الدولة، بالإضافة إلى الثمن الذي يحصل عليه من المريض الذي يشترى الكلية.
إلا أنه في الوقت نفسه، ترك هذا القانون الفقراء عرضة للاستغلال والتدهور. فالأغنياء عادة هم الأكثر قدرة مالية على شراء كلية.
أما عن كيفية إجراء عمليات البيع فتتم في المستشفيات من خلال إعلانات توضع على الحوائط، وفي الغالب تكون الصياغة على طريقة "شاب فصيلة دمه A+، عمره 25 عاما، يعرض كلية للبيع"، كما تتم إضافة بيانات مثل أرقام الهاتف وطرق الاتصال.
وأشارت أمانة المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية إلى أن رواج تجارة الأعضاء البشرية في إيران يأتي في الوقت الذي "يصرف الملالي المتعطشون للدماء مليارات من الدولارات في تصدير الإرهاب والتطرف وإثارة الحروب في المنطقة والعالم خاصة في سوريا والعراق ولبنان واليمن".
وأسهم رواج تجارة الأعضاء في إيران في رواج السياحة العلاجية، نظرًا لتوافر الأعضاء بسهولة من ناحية، ولرخص عملية شراء وزراعة الأعضاء في إيران مقارنة بدول أخرى.
وأمام الانتقادات الشديدة لفتح السوق أمام تجارة الأعضاء في إيران قال وزير الصحة الإيراني عام 2016 للإيرانيين: "بدلا من بيع كلاكم تبرعوا بها".
ومنذ عام 2014، عام ظهور تنظيم داعش الإرهابي وزيادة الحروب والصراعات في منطقة الشرق الأوسط، صعد سبب آخر حول زيادة تجارة الأعضاء في المنطقة.
فتنظيم داعش يتخذ من تجارة الأعضاء مصدرا من مصادر دخله، كما أنه من غير المستبعد أن الدول التي صنعت التنظيم توجهه للتجارة في الأعضاء وتصديرها إليها لتستخدمها هي كمصدر دخل لها تحت اسم "السياحة العلاجية".
وفي عام 2015 قدم السفير العراقي لدى الأمم المتحدة، محمد علي الحكيم، أدلة على أن داعش يعتمد على الاتجار في الأعضاء البشرية، خاصة بعد اجتياحه مدينة الموصل بشمال العراق.
واستدل على ذلك بأن الحكومة العراقية اكتشفت قبورًا جماعية بها جثث بها شقوق على الظهر، وبعض الأعضاء كانت مفقودة، والمقصود هنا تلك الأجزاء التي تستخدم للتجارة مثل الكلى، القلب، الكبد.
كما سبق وأن تحدثت صحيفة "ديلي ميل" في تقرير نشرته عام 2014 بعد ظهور داعش عن تحول هذه العصابة إلى مافيا تجارة أعضاء في سوريا والعراق وتصديرها إلى الدول المجاورة.
وتأخذ داعش هذه الأعضاء من جثث مقاتليها المتوفين ومن الرهائن الأحياء، ومن بينهم الأطفال، مستعينًا في ذلك بشبكة من الأطباء الأجانب الذين يجندهم في صفوفه.
والعلاقة بين داعش وإيران لم تعد خفيّة، خاصة مع السهولة المثيرة للدهشة التي يجتاح بها التنظيم الكثير من المدن، في العراق وسوريا، وأشهر مثال على ذلك مدينة الموصل العراقية التي سيطرة عليها التنظيم بسرعة عام 2014.
وما أن يصل داعش إلى مدينة ما حتى تسارع إيران إلى إرسال ميليشيات الحشد الشعبي الشيعية التي تدعمها تحت غطاء محاربة وطرد داعش، فتكون حجة لها لوضع قدم في هذه المدن.
وإيران من الدول القليلة في المنطقة التي لم يستهدفها داعش بعملياته الإرهابية.
كما أن ازدهار داعش جاء بعد تمكن إيران من نشر ميليشياتها في الدول التي ظهر فيها داعش بعد ذلك واتخذها قواعد له، وخاصة سوريا والعراق.
فبخلاف داعش فإن لإيران ميليشيات عديدة في مناطق الصراع وتعمل بعيدا عن القوانين، وكل شيء وارد أن يصدر منها في المناطق التي تسيطر عليها.