"هل يمكن علاج المرض المناعي من الطبيعة؟".. "العين الإخبارية" تبحث عن الإجابة
الأطعمة والمكونات الطبيعية من الوسائل التي بات يلجأ إليها بعض ضحايا الأمراض المناعية للتعافي، فهل يمكن علاج المرض المناعي من الطبيعة؟.
منذ القدم، تعتمد الشعوب على الأعشاب والمستحضرات الطبيعية لعلاج بعض الأمراض، لكن مع الثورات العلمية والقفزات غير المحدودة في عالم صناعة الأدوية بات الجميع يتجه للعلاج الدوائي والمستحضرات الكيميائية.
لكن مؤخرا علت بعض الأصوات المطالبة بالعودة إلى الطبيعة الأم والإعلاء من شأن المكونات الطبيعية، اعتمادا على تجارب شخصية حققت نجاحا في مقاومة أمراض مناعية باستخدام طرق طبيعية.
ندى حرفوش، إحدى الحالات التي نجحت في مقاومة مرض مناعي، وهي شابة مصرية تمتلك قناة على موقع "يوتيوب" يتابعها نحو 108 آلاف شخص، وتوظفها لمساعدة الآخرين في التغلب على الأمراض استنادا لتجربتها وما توصلت إليه خلال رحلة البحث وراء الأمراض المناعية.
التعافي من الروماتويد باستخدام التغذية الصحية
"حرفوش" مدربة صحة عامة وإحدى المهتمات بعلاج الأمراض المناعية والمزمنة عبر التغذية، شاركت "العين الإخبارية" تجربتها الناجحة في التعافي من آثار جلطة دماغية، والتهاب الكبد الوبائي سي، والتهاب المفاصل الروماتويدي عن طريق التغذية والأساليب الطبيعية.
وحكت حرفوش لـ"العين الإخبارية": "رحلتي مع الروماتويد بدأت أواخر عام 2018 واكتشفت المرض بعد التردد على أطباء من تخصصات مختلفة وجرى تشخيص حالتي خطأ أكثر من مرة، ودارت أغلبها حول التهابات أوتار والتهابات أعصاب حتى وصلت إلى أنني أعاني من التهاب المفاصل الروماتويدي وهو مرض مناعي".
الشابة المصرية بدأت رحلة العلاج اعتمادا على الأدوية التي توصف لهذا المرض، موضحة: "وقتها سألت كثيرا المختصين هل ممكن أساعد نفسي بأشياء أخرى غير العلاج الدوائي، سواء بتناول أطعمة معينة أو تجنب أخرى لكن لم أجد من يفيدني".
وتابعت: "كده المفروض أن أعيش طول عمري ماشية على الدواء، حالتي ما بتخفش والدوا ما بيعالجش، وفعلا فضلت ماشية على الأدوية سنة دون تحسن حتى تدخل زوجي وبدأ يبحث عن طرق تساعدني في التحسن".
وأكملت: "وقتها لم يخطر على بالي أن أعالج نفسي من الطبيعة، فقط كنت أبحث عن طرق للتحكم في مرضي بشكل أكبر بحيث لا أتعرض لهجمات الروماتويد باستمرار، وفعلا بدأت أجرب أنواعا مختلفة من الحميات التي تقوم على تقليل الأطعمة التي تزيد من معدل الالتهاب، لأن الأمراض المناعية مرتبطة بالالتهابات".
وروت ندى: "انتظمت على حمية كيتو وهي أكثر نظام غذائي ساعدني، مع الصيام لعدد كبير من الساعات وممارسة الرياضة، وفعلا تحسنت بشكل كبير جدا لدرجة أني شعرت أننا لا أعاني من أي مرض".
بعد نجاحها في التغلب على هجمات المرض فكرت ندى في إيقاف العلاج لكن طبيبتها المعالجة نصحتها بالاستمرار، وشرحت: "كانت وجهة نظر الطبيبة أنني لابد من الاستمرار على العلاج، وفعلا استمريت لفترة على جرعات قليلة من الدواء حتى أوقفته نهائيا، لأنني شعرت أنني لا أحتاجه".
وأضافت: "عندما أوقفت الدواء لم أشعر أنني تأثرت بشكل سلبي، بالعكس كانت حالتي مستقرة ولم أتعرض لأي هجمات من المرض، ومن هنا بدأت أستوعب أن الأمر يرتبط أكثر بعاداتنا الغذائية وروتين حياتنا".
ندى دعمت نجاحها بالاطلاع على الدراسات والأبحاث وتجارب أشخاص اتبعت طرقا طبيعية، أيضا تعمقت في ماهية هذا المرض وكيفية حدوثه ومحفزاته وارتباطه بالطعام، وخلصت إلى أن هناك أبحاث كثيرة أجريت على مكونات موجودة في الطبيعة وأنواع من الفيتامينات مهمة جدا للجميع خاصة لأصحاب أمراض المناعة الذاتية.
وأوضحت: "بعد نجاحي في تخطي المحنة بدأت أشارك الآخرين تجربتي عبر قناتي على (يوتيوب)، واكتشفت أن معدل إصابة الناس بالأمراض المناعية أكبر بكثير مما كنت أتخيل، وأنهم مهتمون بالتعرف أكثر على أمور تساعدهم غير الأدوية لأنها لا تساعدهم".
واختتمت ندى: "أنا مش مؤمنة أن هناك أمراضا مزمنة لأن في مشاكل بتحصل جوه الجسم بتحتاج إنها تتصلح من جوه الجسم بردو، وبعد مشاركتي للآخرين ما توصلت إليه وجدت كثيرين يخبروني أنهم طبقوا أشياء منها واستفادوا".
لا يمكن علاج الأمراض المناعية دون عقاقير
الدكتورة شيماء جمال عرفة، استشاري أمراض الروماتيزم والمناعة وآلام المفاصل والأستاذة بكلية الطب جامعة عين شمس المصرية، نفت إمكانية علاج الأمراض المناعية بالاعتماد على الطبيعة ومكوناتها، ووصفت ما يتردد في هذا الشأن بأنه "غير صحيح".
وقالت عرفة لـ"العين الإخبارية"، إن جميع الأمراض المناعية تشترك في أنها حدثت نتيجة خلل في الجهاز المناعي، وباختلاف الأسباب التي أدت إلى هذا الخلل يتحول جهاز المناعة لمهاجمة أعضاء الجسم".
وشرحت: "عند الإصابة بمرض مناعي يتم التعرف على أعضاء الجسم المختلفة وكأنها جسم غريب ويتم مهاجمته بدلا من مهاجمة الأجسام الغريبة (الميكروبات)".
وأكملت: "بعض الأمراض المناعية تختار عضوا محددا وتهاجمه حتى يفقد وظيفته، مثلما يحدث مع الغدة الدرقية عند إصابتها بمرض مناعي أو البنكرياس".
وشددت على أنه "لا يمكن القول إن هذا المرض المناعي يمكن أوقفه بمنتجات من الطبيعة"، موضحة أنه عند حدوث هذا الخلل المناعي لابد من التدخل بالعقاقير الطبية لإيقاف هذا الالتهاب أو تعويض الوظيفة التي فقدها العضو المصاب بالجسم.
وتابعت: "في حالة الأمراض الروماتزمية المناعية يكون هدف الأدوية السيطرة على الالتهاب النشط والخلل المناعي، للحفاظ على أعضاء الجسم المختلفة حتى لا تفقد وظيفتها".
ونوهت استشاري أمراض الروماتيزم والمناعة، بضرورة عدم إنكار دور الطبيعة في تحسن هذه الأمراض، قائلة: "جزء كبير جدا من خطة علاج المرض المناعي يكون عبر التغذية السليمة، بحيث يتناول غذاء متوازنا يحتوي على جميع العناصر الغذائية باعتبارها مهمة لوظيفة الجهاز المناعي".
وتابعت: "في حالة عدم تناول غذاء متوازن يحتوي على الفيتامينات والمعادن والبروتين وكل ما يحتاجه الجسم، فإن هذا يؤدي إلى نشاط المرض المناعي ويؤثر بالسلب على الحالة".
وضربت عرفة مثالا بمرض الذئبة الحمراء، قائلة: "هذا المرض الروماتيزمي المناعي قد يصيب أي عضو من أعضاء الجسم، وإذا لم يحدث تدخل بالعقاقير لإيقاف نشاط الذئبة فقد يصاب المريض بفشل كلوي أو التهاب عضلة القلب أو التهاب المخ".
ورأت عرفة أن التغذية السليمة والمنتجات الطبيعية تحت إشراف طبي، يمكن اعتبارها عاملا مساعدا مهما للوصول بحياة مريض الأمراض المناعية إلى شكل أفضل.
واختتمت: "لا يمكن اعتبار المنتجات الطبيعية بديلا عن العقاقير الطبية المعالجة للأمراض المناعية، ويجب أن يحذر أي مريض من الانسياق وراء فكرة تناول عشب طبيعي معين باعتباره بديلا عن الأدوية، وقد رأيت حالة أصيبت بتشوه دائم في مفاصل اليد بعد إيقاف العلاج والاستمرار على أعشاب طبيعية".
الطبيعة لا تعالج بمفردها
خالد عبدالجواد، خبير الأعشاب الطبية وحاصل على دبلومة التغذية العلاجية من جامعة القاهرة، رأى أن الأعشاب والمكونات الطبيعية لا تعالج الأمراض المناعية لكنها قد تكون عاملا مساعدا.
وقال عبدالجواد لـ"العين الإخبارية": "لا نعالج الأمراض المناعية بالأعشاب والمستحضرات الطبيعية لأنها أمراض خطيرة يجب علاجها تحت إشراف طبي".
وأوضح أن مرضى هذه الأنواع من الأمراض تستخدم العسل والأعشاب الطبيعية كمكملات غذائية بجانب الأدوية لكن لا تعتمد عليها للعلاج.
وأضاف: "أنواع العسل المختلفة والأعشاب الطبيعية مهمة جدا لعلاج بعض الحالات المرضية مثل البرد، وهي أيضا عوامل مساعدة مهمة في خطة علاج الكثير من الأمراض مثل القولون العصبي والأنيميا والكوليسترول الضار والسمنة وجرثومة المعدة وغيرها".
وذكر أن الأعشاب والمكونات الطبيعية مهمة ولا يجب الاستغناء عنها في الروتين اليومي لأي شخص؛ لكونها غنية بالفيتامينات ومضادات الأكسدة ما يساعد في مقاومة الأمراض.