«تريندز»: أفريقيا تحتاج إلى 170 مليار دولار سنويا للبنية التحتية.. وهذا مفتاح التمويل
تحتاج أفريقيا لتعزيز الحوكمة كمفتاح لجذب استثمارات ضخمة تقدر بما يصل إلى 170 مليار دولار سنويا لتلبية احتياجاتها من البنية التحتية الأساسية، وفقا لما كشفت عنه ندوة نظمها مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات.
والندوة التي عقدها المركز بصفته الراعي الماسي لمنتدى البرازيل-أفريقيا 2024، ضمت ميسون الدح، القائم بالأعمال في سفارة دولة بالبرازيل، وباحثين وخبراء ومختصين، شددوا جميعا على الدور الكبير لمراكز الفكر والبحث العلمي في الإسهام بفهم أعمق للتحديات والقدرة على مواجهتها.
- «تريندز» راعياً ماسياً لمنتدى البرازيل وأفريقيا 2024.. دفع عجلة التنمية بالقارة السمراء
- «تريندز» يفتتح سلسلة مكاتب جديدة في مدن رئيسية حول العالم
دور محوري للإمارات
وتناول المتحدثون في الندوة التي عقدت تحت عنوان: "الازدهار المستدام: نهج الحوكمة لتعزيز الاستثمار في البنية التحتية الأفريقية"، القضايا المرتبطة بالحوكمة والاستثمار في البنية التحتية، كالشفافية والمساءلة، وبناء القدرات المؤسسية، وتطوير التشريعات، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وأشاد المتحدثون بالدور المحوري لدولة الإمارات في دعم الاستثمار في البنية التحتية الأفريقية، وأشاروا إلى أن الإمارات قدمت نموذجًا ناجحًا في الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويمكن أن تسهم بخبراتها في دعم جهود الدول الأفريقية في هذا المجال.
وأوصت الندوة بضرورة تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية والمؤسسات الدولية، لتوفير الدعم المالي والتقني اللازم لتنفيذ مشاريع البنية التحتية، وشددت على أهمية تبادل الخبرات والمعارف بين الدول الأفريقية، والاستفادة من التجارب الناجحة في هذا المجال.
كما أوصت الندوة بضرورة تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وبناء بيئات تنظيمية تعمل على الحد من العقبات البيروقراطية، وتعزيز الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد.
الحوكمة والاستثمار
وقال الدكتور محمد عبدالله العلي الرئيس التنفيذي لمركز "تريندز" إن جولة تريندز الحالية في أمريكا اللاتينية تسعى إلى استكشاف آفاق التعاون البحثي مع المراكز والخبرات الفكرية في هذه المنطقة المهمّة من العالم.
وأضاف أن الاستثمار في البنية التحتية الأفريقية يعد أحد أكثر التحديات التي تواجه القارة الأفريقية والدول النامية أهميةً، وبيّن أن تنمية البنية الأساسية تشكل عنصرًا محوريًّا في تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية.
وشدد في هذا الشأن على أنه لا يمكن تحقيق ذلك بمعزل عن قضية محورية أخرى؛ هي الحوكمة. فالعلاقة بين الحوكمة والاستثمار هي علاقة تلازم؛ ذلك أن الحوكمة الفعّالة توفر الأساس للتنمية وللاستثمارات المستدامة، وفي المقابل تعمل هذه الاستثمارات على تحفيز مشاريع البنية الأساسية التي تُطلق العنان للإمكانات الاقتصادية.
وبيّن أن التقديرات تشير إلى أن عجز البنية الأساسية في أفريقيا يتطلب استثمارًا سنويًّا يتراوح ما بين 130 و170 مليار دولار، مع فجوة تمويلية تتراوح ما بين 68 و108 مليارات دولار، وأن معالجة هذه الفجوة؛ يتطلب إضافة إلى الموارد المالية، نهجًا تعاونيًّا يشمل الحكومات أيضًا، والقطاع الخاص، والشركاء الدوليين.
وقال "إنه لكي تتمكن الدول الأفريقية من جذب الاستثمارات اللازمة، فإن من الضروري أن تكون هياكل الحكم قادرة على التكيف والصمود أمام التحديات التي تواجهها، سواء الاقتصادية، أو حتى الأمنية والسياسية. ولفت النظر إلى أن هذا يتطلب وضع سياسات تدعم مشاركة القطاع الخاص، وبناء بيئات تنظيمية تعمل على الحد من العقبات البيروقراطية، وربّما الأهم هنا هو الشفافية، وتعزيز المساءلة، وتدابير مكافحة الفساد.
وشدد الرئيس التنفيذي لمركز تريندز على أهمية الشراكات بين القطاعَين العام والخاص، وبيّن أنه يمكن لدولة الإمارات والبرازيل؛ نظرًا إلى اهتمامهما واستثماراتهما الكبيرة في أفريقيا، ولاسيّما في ظل شراكتهما الجديدة في إطار "بريكس"، أن تُسهما في تعزيز الحوكمة وتعزيز الاستثمار في البنية التحتية الأفريقية، من خلال التعاون مع الحكومات الأفريقية لتطوير أنظمة رقابية تضمَن الشفافية في العقود والاتفاقيات، وكذلك المشاريع الاستثمارية.
كما يمكنهما أيضًا تقديم نماذج ناجحة للشراكة بين القطاعين العام والخاص في أفريقيا، من خلال تشارك خبراتهما في بناء مشاريع مستدامة في مجالات الطاقة، والنقل، والمياه؛ وهو ما يعزز من استدامة وتمويل المشاريع على المدى الطويل.
الأمن السيبراني
ومن جانيه، أوضح الدكتور محمد حمد الكويتي، رئيس مجلس الأمن السيبراني لحكومة دولة الإمارات، أن موضوع الندوة يؤكد الحاجة الماسة إلى تطوير البنية الأساسية وفق نهج شامل ومستدام بحيث لا تعالج احتياجات اليوم فحسب، بل تستشرف التحديات والفرص المستقبلية أيضًا؛ ولاسيما في سياق تغير المناخ وانتشار الأوبئة والثورة الصناعية الرابعة وتحديات الأمن السيبراني وغيرها من التحديات الناشئة أو الجديدة.
وأوضح أن لدولة الإمارات اهتمامًا كبيرًا وجهودًا ملموسة في تعزيز الاستثمار في تطوير البنية التحتية الرقمية في أفريقيا، وأنه برغم اعترافها بالتحديات والمخاطر الاقتصادية للاستثمار في البنية التحتية الرقمية المستدامة في القارة الأفريقية، فإن دولة الإمارات تتطلع إلى العمل مع شركائها في مجموعة بريكس، وفي مقدمتهم البرازيل، لتعزيز الازدهار المستدام في الدول الأفريقية.
وشدد على أهمية تطوير البنية التحتية في أفريقيا بشكل مستدام، مع التركيز على البنية التحتية الرقمية التي تعد محركًا رئيسيًّا للنمو الاقتصادي والتنمية الشاملة في القارة.
كما دعا إلى ضرورة اعتماد نهج شامل في تطوير البنية التحتية، يضع التحديات المستقبلية مثل تغير المناخ والأمن السيبراني في الحسبان، وأكد الدور المحوري للبنية التحتية الرقمية في تحول الدول الأفريقية إلى اقتصادات رقمية، وتعزيز التجارة والاستثمار، ودفع التكامل الإقليمي.
البنية التحتية ومستقبل القارة
من جهته، قال الدكتور حمد الكعبي الرئيس التنفيذي لمركز الاتحاد للأخبار، "إن الاستثمار في البنية التحتية الأفريقية هو مفتاح لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار في القارة.
وقال إنه على الرغم من الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها أفريقيا، فإن قطاع البنية التحتية لا يزال يعاني نقصًا في التمويل، ويعوق ذلك مجموعة من العوامل، منها عدم الاستقرار السياسي، ونقص البيانات الدقيقة، والمخاطر المرتبطة بالاستثمار في أسواق ناشئة.
وأوضح الكعبي أن تحقيق الاستفادة القصوى من الاستثمارات في البنية التحتية يتطلب توفير بيئة جاذبة للاستثمار، تتميز بالشفافية والنزاهة، وطالب الحكومات الأفريقية بتعزيز الحوكمة الرشيدة، ومكافحة الفساد، وتبني معايير دولية في المشتريات العامة.
الحوكمة والمرونة
عقب ذلك افتتحت الباحثة اليازية الحوسني، مديرة إدارة الإعلام بتريندز أعمال الندوة، حيث قدم البروفيسور أوطافيانو كانوتو، نائب الرئيس السابق والمدير التنفيذي لمجموعة البنك الدولي، ورقة بحثيةً حول موضوع الحوكمة وتعزيز المرونة الاقتصادية في الدول الأفريقية.
وأكد البروفيسور كانوتو أهمية تحسين مستويات الحوكمة في الدول الأفريقية، لأن الحوكمة هي العامل الفارق الذي يحوّل الثروات الطبيعية الهائلة للقارة ويجعل منها نعمة. وأوضح أن الحوكمة الرشيدة تسهم بشكل كبير في جذب الاستثمارات الخاصة إلى البنية التحتية الأفريقية، ما يدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وتناولت ورقة البحث التي قدمها البروفيسور كانوتو جوانب متعددة من موضوع الحوكمة، بما في ذلك أهمية الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد، وكذلك دور المؤسسات القوية في بناء اقتصادات مرنة وقادرة على مواجهة التحديات العالمية. كما قدم مقترحات عملية لتعزيز الحوكمة في الدول الأفريقية، مع التركيز على أهمية الشراكات بين القطاع العام والخاص والمجتمع المدني.
وشدد البروفيسور كانوتو على ضرورة تضافر الجهود على المستوى الوطني والإقليمي والدولي لدعم جهود الدول الأفريقية في مجال تحسين الحوكمة، مؤكدًا أن الاستثمار في الحوكمة هو استثمار في مستقبل القارة.
شراكة استراتيجية
وأكد الباحث عبدالعزيز الشحي، نائب رئيس قطاع البحوث في مركز تريندز، عمق الشراكة الاستراتيجية بين دولة الإمارات والقارة الأفريقية، مشيرًا إلى أن هذا التعاون يتجاوز العلاقات التجارية ليشمل التزامًا مشتركًا بالتنمية المستدامة.
وأبرز الشحي في مداخلته حول "الاستثمار الأجنبي وتمويل البنية التحتية"، الدور المحوري الذي تؤديه دولة الإمارات في دعم البنية التحتية الأفريقية، إذ تحتل المرتبة الرابعة عالميًّا في هذا المجال، وأرجع نجاح هذه الشراكة إلى النهج الواضح التي تتبناه دولة الإمارات في تعاملاتها مع الدول الأفريقية، والتي تقوم على الاحترام المتبادل والتعاون البنّاء.
وبيّن الشحي أن التزام الإمارات بأفريقيا ليس تجاريًّا فحسب، بل هو استثمار في مستقبل القارة، وأن الدولة أسهمت بصورة كبيرة في تطوير البنية التحتية الأفريقية، ما يسهم في إطلاق العنان لإمكانات القارة الهائلة. وشدد الشحي على أهمية تعزيز التجارة الثنائية من خلال توقيع اتفاقيات التجارة الحرة، والتركيز على القطاعات ذات الفائدة المتبادلة مثل الطاقة المتجددة والزراعة، ودعم السلام والأمن في أفريقيا وتعزيز التبادل الثقافي والتعليمي بين الطرفين.
وخلُص الشحي الى أن الشراكة بين الإمارات وأفريقيا هي شراكة استراتيجية قائمة على أسس متينة، وأن المستقبل يحمل المزيد من آفاق التعاون والازدهار المشترك.
تحديات وفرص
اختتمت الندوة بورقة بحثية قدمها باولو غوميز، رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة أفريقيا جنوب شرق آسيا، بعنوان "من الحكومة الى الاستدامة" تحدث فيها عن أهمية الحوكمة الواضحة في تحقيق التنمية الاقتصادية، وأشار الى ان حل المشكلات الافريقية لا يعتمد على التمويل فقط بل بحاجة ماسة إلى حلول مستدامة تركز على الذهاب الى اصل المشكلات وحلها َوليس عوارضها فقط.
وحذر من التحديات التي تواجه تحقيق أهداف التنمية المستدامة في افريقيا، مثل تغير المناخ وندرة المياه، لافتا في الوقت نفسه الى أن هذه التحديات تمثل أيضًا فرصًا هائلة للابتكار والاستثمار، ودعا الحكومات والقطاع الخاص إلى العمل معًا لتطوير حلول مبتكرة تسهم في تحقيق التنمية المستدامة، مع التركيز بشكل خاص على الاستثمار في الطاقة المتجددة، والزراعة الذكية، وإدارة النفايات بشكل مستدام.
وركّز على أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات، داعيا إلى تعزيز الشراكات وبناء التحالفات لتمويل وتنفيذ المشاريع المستدامة في القارة الافريقية.