تطورات جديدة بمحاكمة رئيس موريتانيا السابق
مواجهة جديدة بين الرئيس الموريتاني الأسبق والقضاء بعد اتهامه ب"الفساد" عنوانه السجال القانوني.
السجال بين كل من هيئة الدفاع عن الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ونظرائهم المنتدبين طرف الحكومة لاسترجاع ما توصف بالأموال المنهوبة.
هيئة الدفاع اعتبرت أن ما وصفته بـ"سيل التهم" التي وجهت النيابة العامة إلى موكلهم، الخميس الماضي، ليست سوى "دعاوى وكيدية طبخت في دهاليز السياسة" على حد تعبيرهم.
وأشار بيان صادر، اليوم السبت، عن منسق هيئة الدفاع عن الرئيس السابق حصلت العين الإخبارية على نسخة منه "أن هذه التهم هدفها "توريط" القضاء في هذه القضية من أجل "تشويه سمعة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ومنعه من حقه في ممارسة السياسة" تعبير البيان.
كما وصفت الهيئة ما جرى بأنه "تعسف وتحكم وانتهاك للدستور والقانون"، مشيرة إلى أن الرأي العام "بدأ يعي ويفيق"، على حد تعبيرها.
واستغربت هيئة المحامين المدافعين عن الرئيس السابق حرص القضاء على تطبيق القانون وتجاهلهم في نفس الوقت لمواد الدستور الصريحة في شأن حصانة الرئيس السابق التي يجسدها النص الدستوري للمادة 93.
وأردف بيان الهيئة أن هذه المادة تؤكد أن رئيس الجمهورية ليس مسؤولا عن أفعاله أثناء ممارسة سلطاته إلا في حالة الخيانة العظمى"، مختتمة بالقول "من لا يحترم الدستور لا يحق له أن يتكلم عن القانون".
لا حصانة مع تبديد الثروات
بدوره أكد فريق الدفاع عن الحكومة في قضية ملف فساد الرئيس السابق أنهم سيواصلون بالوسائل القانونية المتاحة "كل إجراء من شأنه أن يمكن من استرجاع ما بدده ولد عبد العزيز من أموال نقدية كانت أو عينية، إضرارا بالدولة الموريتانية" على حد تعبيرهم.
ونفي بيان هيئة الدفاع عن الطرف المدني (الحكومة) في قضية الرئيس السابق وجود عقبة دستورية أمام محاكمة ولد عبد العزيز أو تمتع الأخير بحصانة مشيرة إلى أن موريتانيا ليست ننشاز عما عليه الإجماع دوليا من واجب مساءلة رؤساء الجمهورية عما ارتكبوه من جرائم الحق العام أثناء توليهم لمناصبهم.
واعتبر المحامون عن الحكومة أن تقديم أشخاص ضالعين في ملف الفساد أمام النيابة العامة وتوجيه الاتهام إليهم في إطار ملف "الفساد" هو إحدى الأولويات الأساسية في بلد محدود الموارد، حري به ترشيدها.
دوليا كان إشادة المبعوث الأمريكي إلى منطقة الساحل "بيتر فام" بمقاضاة الرئيس السابق أول موقف من خارج الحدود يعكس الاهتمام بهذه القضية.
المسؤول الأمريكي الذي سبق أن زار موريتانيا سبتمبر الماضي، وصف اليوم السبت في تغريدة له بحسابه على توتير الحدث بالمميز و البارز و بأنه يخدم محاربة الفساد في المنطقة.
رقابة قضائية مشددة بعد اتهامات بالفساد
ووضع قاضي التحقيق بمحكمة نواكشوط الغربية الرئيس الموريتاني محمد ولد عبدالعزيز الخميس الماضي تحت المراقبة القضائية المشددة لحين صدور الحكم النهائي.
وبديلا للحبس الاحتياطي، قرر القاضي الإفراج عنه بتدابير مشددة بعد إدانته قبل يومين بعدة تهم منها غسل الأموال والإثراء غير المشروع في القضية المعروفة بملف تحقيق اللجنة البرلمانية.
وخلال التحقيقات، رفض ولد عبدالعزيز التهم الموجهة إليه، متمسكا بحصانته الدستورية بموجب المادة 93 من الدستور الذي تحدد مجال مساءلته فيما يتعلق بالخيانة العظمى على أن تكون أمام ما يعرف بمحكمة العدل السامية التي لم تنشأ بعد.
والثلاثاء، تم استدعاء ولد عبدالعزيز و20 شخصا من أركان نظامه السابق، بعد أن أحالت شرطة الجرائم الاقتصادية ملف التحقيق معهم في ملف اللجنة البرلمانية للنيابة العامة بمحكمة ولاية نواكشوط الغربية.
ووجهت النيابة، الخميس، تهمة "الفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع" إلى الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز، وأحالته إلى قاضي التحقيق للشروع في "التحقيق الجنائي".
كما وجهت النيابة العامة اتهامات مماثلة لثلاثة عشر شخصا آخرين شملت تبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية، والحصول على مزايا مادية غير مستحقة من مجموعة عمومية، والتدخل في أعمال تجارية تنافي الصفة الوظيفية عن طريق أخذ وتلقي فوائد من عقود ومزايدات.
وضمت التهم الموجهة للمجموعة منح امتيازات غير مبررة في مجال الصفقات العمومية، استغلال النفوذ، الإثراء غير المشروع، إخفاء العائدات الإجرامية، إعاقة سير العدالة وغسل الأموال.
تهم وعقوبات
وتقع هذه التهم تحت طائلة القانون رقم 014/2016 المتعلق بمكافحة الفساد، الذي صادق عليه البرلمان مارس/آذار 2016.
وطلبت النيابة العامة من قاضي التحقيق وضع المتهم تحت "المراقبة القضائية"، حتى اكتمال "التحقيق الجنائي" وتحديد موعد المحاكمة.
ووفق القانون الموريتاني المتعلق بمكافحة الفساد فإن العقوبات المقرّرة بناء على هذه الاتهامات السابقة لولد عبدالعزيز ورفاقه بالحبس من 5 إلى 10 سنوات، فيما يتعلق بالتهمة المتعلقة "الامتيازات غير المبررة في مجال الصفقات العمومية".
أما تهمة اختلاس الممتلكات أو إتلافها أو تبديدها بوسائل أخرى من طرف موظف عمومي التي وردت أيضا ضمن التهم التي وجههتا النيابة الموريتانية للمشمولين في ملف ولد عبدالعزيز فتتمثل عقوباتها في الحبس من 5 إلى 10 سنوات.
وتتمثل عقوبة "استغلال النفوذ" بالحبس من 2 سنة إلى 5 سنوات، فيما سينال المدانون بتهمة إساءة استغلال الوظيفة عقوبة الحبس من 2 سنة إلى 5 سنوات.
أما تلك التهمة المتعلقة بالإثراء غير المشروع فينتظر أن تكون الحرمان من الحقوق المدنية، في حين ستكون عقوبة "إخفاء العائدات الإجرامية" التي وردت ضمن التهم الموجهة للمشمولين في الملف الحبس من سنة إلى 5 سنوات.
سابقة في موريتانيا
واعتبر بعض المحللين أن التطورات القضائية التي تشهدها موريتانيا سابقة في البلد وفي دول المنطقة، لكونها تتعلق بمتابعة رئيس سابق قضائيا على جرائم الفساد كالرشوة واستغلال النفوذ.
وتوقف بعض المحللين كذلك عند طريقة تعاطي النيابة وقاضي التحقيق مع هذا الملف بعدم اللجوء إلى السجن، معتبرين أن الحرية هي الأصل، وهو ما سمح بإيجاد بديل للحبس من خلال قرار النيابة وضع المهتمين تحت المراقبة القضائية.
واعتبر بعض القانونيين أن المراقبة القضائية المشددة، التي خضع لها الرئيس السابق في انتظار محاكمته مثلت بديلا للحبس الاحتياطي التي يمثل أحد الخيارات التي كانت لدى المحكمة نظرا لطبيعة التهم الموجهة لولد عبد العزيز.