تمر منطقتنا العربية بمرحلة تستوجب الوقوف في صفا واحدا لمحاربة الإرهاب بكل أشكاله، ذلك لأن الإرهاب «لا دين له ولا وطن».
تمر منطقتنا العربية بمرحلة تستوجب الوقوف في صف واحد لمحاربة الإرهاب بكل أشكاله، ذلك لأن الإرهاب «لا دين له ولا وطن». ومما يثير الدهشة أن هناك أنظمة عربية وإسلامية تدعم الإرهاب بشكل مباشر أو غير مباشر مثل تحالف إيطاليا وتركيا وقطر ضد الجيش الوطني الليبي، حيث بالأمس خرج علينا وزير الخارجية القطري، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس الوزراء، بتغريدة على «تويتر» يقول فيها إن «تصرفات المليشيات العسكرية بقيادة حفتر في ليبيا تعرقل في المقام الأول الجهود الدولية لتحقيق الحوار الليبي الوطني».
إن على الدول الأجنبية إذا ما أرادت التدخل في شؤون الدول أن تتدخل بنيّات حسنة لحل مشكلات هذه الدول، وإلا فلا داعي للتدخلات الخارجية مهما كان الوضع، لأن هناك منظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن كفيلة بذلك.
لا ندري لماذا تدافع قطر عن مليشيات صنِّفت من قِبل النظام الدولي على أنها إرهابية مثل «القاعدة» و«الإخوان المسلمين» و«داعش»؟ وقال الناطق باسم القوات المسلحة الليبية العقيد أحمد المسماري: «إن قطر جعلت من ليبيا مسرحاً للجريمة»، متهماً تركيا وقطر بدعم الإرهاب في ليبيا. وأضاف لقناة «سكاي نيوز»: «قطر حرّكت أذرعها الإعلامية و(الإخوان المسلمين) ومواقف القرضاوي ومليشياتها لمواجهة عملية الجيش الليبي في طرابلس».
نتساءل: لمصلحة مَن تتدخل هذه الدول الثلاث، إيطاليا وتركيا وقطر، في الشأن الليبي؟ أتقبل هي من أحد أن يتدخل في شؤونها الداخلية وفي علاقتها بالدول الأخرى؟ ولكن إذا ما رجعنا إلى الوراء نجد أن ذلك ليس غريباً، حيث إن هذا التحالف الثلاثي لعب دوراً سياسياً حاسماً في إقناع حلف الناتو بالتدخل في ليبيا، ووصل حجم المساعدات التي قدمتها قطر وحدها للمليشيات - حسب تصريح مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة في ذلك الوقت عبد الرحمن شلقم - إلى 3 مليارات دولار.
وتجاوز الدعم التركي الإيراني القطري لـ«الثورة الليبية» ما هو لوجيستي ومالي وإعلامي ليصل إلى تقديم السلاح الثقيل، وتدريب المقاتلين، والمساهمة في تجاوز العجز المالي الذي أرهق المجلس الانتقالي. كما ساعدت قطر في إطلاق قناة «ليبيا الأحرار» الفضائية بتوفير مكتب لها في الدوحة، وذلك منذ انطلاقها في عام 2012. وأصبح دور هذا التحالف الثلاثي بين إيطاليا وتركيا وقطر واضحاً ضد الجيش الوطني الليبي، فقد أكدت كل من قطر وإيطاليا «أهمية التنسيق الدولي لدعم التعايش والسلام والاستقرار في ليبيا بما يحقق مصلحة الشعب الليبي ويضعها فوق كل اعتبار».
جاء ذلك في بيان مشترك للبلدين عقب لقاء جمع وزير خارجية قطر محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي، في روما، الاثنين، حسب وكالة الأنباء القطرية الرسمية.
وعبّر وزير الخارجية القطري خلال اللقاء عن «قلق بلاده من التصعيد العسكري الخطير (في ليبيا) الذي يقوده الجنرال (المشير خليفة حفتر)»، وقال إن «مثل هذه التصرفات لا تأخذ المصلحة الوطنية العليا للشعب الليبي في الحسبان»، محذراً من «تداعيات وخيمة لها على الصعيدين المحلي والدولي»، حسب المصدر نفسه.
وبالأمس اعترضت تركيا وقطر على التصنيف الأمريكي لما يسمى بـ«الحرس الثوري الإيراني» على قائمة المنظمات الإرهابية، والكل يعلم الأعمال الإرهابية التي قام بها ما يسمى «الحرس الثوري الإيراني» في معظم مناطق التوتر في العالم، ومعروف أن ما يسمى «الحرس الثوري الإيراني» يدعم كل المنظمات الإرهابية في العالم.
قد تكون مثل هذه المواقف ليست غريبة على النظام الإيراني الذي له أطماع في البحرين ولا يزال، وهو مأوى لكل الإرهابيين، وكذلك هذا ليس غريباً على تركيا الداعم الأكبر لـ«الإخوان المسلمين»، ولكن ما هو غريب أن النظام القطري الذي تربطنا به نحن في مملكة البحرين علاقات الجوار وصلة القرابة وكيان رسمي، وهو مجلس التعاون الخليجي، يتدخل في شؤوننا الداخلية، فلقد عانينا كثيراً من هذه التدخلات. وكمثال على تدخل النظام القطري حساب «صاحب الأخبار» الذي كان يُدار من قِبل وزارة الداخلية القطرية والديوان الأميري، وذلك خلال الأحداث المؤسفة التي وقعت في فبراير (شباط) عام 2011، فضلاً عن الحملة الممنهجة، عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، التي استهدفت الانتخابات البرلمانية والبلدية عام 2014، وأخيراً في عام 2018 بنشر الأخبار الكاذبة عبر الحسابات الإلكترونية تجاه البحرين والسعودية والإمارات ومصر، وما تبثه قناة «الجزيرة» (الناطق الرسمي باسم النظام القطري)، لذا إذا كان النظام القطري لا يتردد في التدخل في شؤون جيرانه وتدبير المؤامرات لهم، فليس بعيداً أن يتدخل في ليبيا أو سوريا وغيرهما من الدول.
لذا فإن على الدول الأجنبية إذا ما أرادت التدخل في شؤون الدول أن تتدخل بنيّات حسنة لحل مشكلات هذه الدول، وإلا فلا داعي للتدخلات الخارجية مهما كان الوضع، لأن هناك منظمات دولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن كفيلة بذلك.
نقلاً عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة