طرابلس تضمد جراحها.. ضجيج الطائرات يسكت أزيز الرصاص
غداة الاشتباكات التي اندلعت بين أكبر قوتين تابعتين لحكومة الوحدة الوطنية منتهية الولاية والمجلس الرئاسي، بدأت العاصمة الليبية تضمد جراحها، وتحصي قتلاها وإصاباتها، الناجمة عن أسوأ أعمال عنف تتعرض لها في العام الجاري.
واندلعت يوم الإثنين، اشتباكات استمرت حتى مساء الثلاثاء، بين جهاز الردع لمكافحة الإرهاب التابع للمجلس الرئاسي الليبي واللواء 444 قتال التابع لوزارة الدفاع في حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية)، بعد احتجاز الأول، آمر اللواء 444 محمود حمزة أثناء توجهه إلى مدينة مصراتة.
واستمرت تلك الاشتباكات التي استخدمت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة حتى مساء الثلاثاء، في أطراف طرابلس بمناطق عين زارة وسوق الجمعة ومحيط جامعة طرابلس، إلى أن هدأت قليلا بعد اجتماع عقد بين رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وأعيان سوق الجمعة، ما أسفر عن اتفاق بتسليم آمر اللواء 444 محمود حمزة إلى جهة أمنية محايدة.
وبموجب هذا الاتفاق، كلف الدبيبة وزير داخليته عماد الطرابلسي ورئيس الأركان العامة بطرابلس محمد الحداد، بالتدخل لفض الاشتباكات في طرابلس، ونشر عناصر أمنية من الشرطة، والعمل على استتباب الأمن.
أوامر عززها، توجيه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، رئاسة الأركان والأجهزة الأمنية والعسكرية بعدم التحرك وضرورة وقف إطلاق النار، وتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث، بحسب مصادر محلية.
ماذا عن الوضع في طرابلس غداة الاشتباكات؟
وما إن هدأت حدة الاشتباكات بعد إسكات صوت المدافع، حتى بدأت الحياة تعود إلى العاصمة الليبية، إثر نشر وزارة الداخلية، ارتكازات أمنية، وأعضاء هيئة الشرطة، في المواقع التي شهدت اشتباكات مسلحة، تنفيذا لقرار وزير الداخلية المكلف رقم 1288 بشأن تشكيل غرفة أمنية تتولى العمل على حفظ الأمن.
وكان متحدث باسم مركز طب الطوارئ والدعم في ليبيا، أكد يوم الأربعاء أن عدد ضحايا الاشتباكات التي شهدتها العاصمة طرابلس يصل إلى 55 قتيلا و146 جريحا.
وقالت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إنه بناء على قرار وزير الداخلية المكلف رقم 1288 بشان تشكيل غرفة أمنية تعمل على نشر عناصر من هيئة الشرطة لاستتباب الأمن داخل العاصمة ، فإن دوريات الإدارة العامة للدعم المركزي انتشرت صباح الأربعاء، في مناطق طريق الشوك والفرناج ومدخل جامعة طرابلس والمناطق المجاورة لها؛ لحفظ الأمن.
وبحسب مصادر ليبية، فإن قوات الردع والقضائية يقومون بإقامة سواتر ترابية في عدة مناطق بطرابلس.
وكانت الاشتباكات هي الأعنف التي تشهدها طرابلس منذ سنوات، إلا أنها هدأت في وقت متأخر أمس الثلاثاء، بعد إطلاق آمر اللواء 444 قتال، وتسليمه لجهة أمنية.
ماذا عن سماء طرابلس؟
غداة إطلاق القذائف التي أنارت سماء طرابلس ومنعت الطائرات من التحليق فيها، بدأت الأجنحة الليبية تحلق مجددًا في سماء العاصمة الليبية، بعد تعليقها أمس الثلاثاء بسبب الاشتباكات في طرابلس.
وأعلنت شركات الطيران الليبية استئناف رحلاتها اليوم من مطار معيتيقة الدولي في طرابلس؛ بينها "الأجنحة الليبية"، التي قالت في بيان مقتضب اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه: "نحيطكم علـماً بعودة تشغيل رحالات الأجنحة الليبية للطيران من وإلى مطار معيتيقة حسب الرحلات المجدول لها سابقاً، ابتداءً من اليوم".
في السياق نفسه، قالت الخطوط الجويّة الأفريقية، في بيان صادر عنها: السادة المسافرون على متن خطوطنا، نُفيدكم علمًا بأن جميع رحلات العودة لهذا اليوم ستكون إلى مطار معيتيقة الدولي.
وأضافت: بذلك تستأنف خطوطنا رحلاتها مجدداً من وإلى مطار معيتيقة الدولي، حسب مواعيد رحلاتها بصورة طبيعية من يوم غد الخميس (..) نرجو منكم تقبل اعتذارنا عن الظروف التشغيلية الخارجة عن إرادتنا"، مشيرة إلى أن الخطوط الجويّة الأفريقية، تكثف جُهودها ليصل ركابها إلى وجهتم بسلام.
رسائل حكومية
وخلال تفقده مناطق الاشتباكات في طرابلس، أعرب رئيس حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) عبدالحميد الدبيبة، عن "أسفه لما حدث"، معتبرًا إياه "جرحا نازفا للعاصمة طرابلس ولسكانها ولكل الليبيين يجب ألا يتكرر".
وأضاف الدبيبة، في كلمة نشرها المكتب الإعلامي لحكومته: سعينا وما زلنا نسعى للاستقرار والبناء، ولكن ما زال يوجد مفسدون سنقف لهم بالمرصاد (..) أشدد على أهمية توثيق حقوق كل الناس المتضررة من هذه الاشتباكات".
كما أصدر رئيس الوزراء تعليماته لوزارة الحكم المحلي، بتنظيف آثار الاشتباكات وضرورة حصر المتضررين؛ لتعويضهم عن الخسائر التي لحقت بهم.
في السياق نفسه، كلف وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، لجنة برئاسة وكيل الوزارة لشؤون البلديات مصطفى سالم لحصر الأضرار وتقديم قيمة التعويضات، ومنحها مهلة أسبوع لعرض نتائج عملها على رئيس الحكومة.
ماذا نعرف عن مصير آمر اللواء 444 قتال؟
قال مصدر باللواء 444 قتال، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن العقيد محمود حمزة زار ليلة البارحة منزله ومقر اللواء 444 قتال، قبل نقله إلى مقر جهاز دعم الاستقرار، مشيرًا إلى أن حمزة كان بصحة جيدة، نافيًا وجود أي إصابات أو كدمات على جسمه كما يُشاع.
وبحسب المصدر الليبي، فإن حمزة أكد لقيادات اللواء ومُنتسبيه، وجود آمر بالقبض عليه من قبل المدعي العام العسكري، مسعود رحومة، نتيجة وجود محاضر ضده، مشيرًا إلى أن أن الإجراءات المُتبعة معه من قبِل المُدعي العام العسكري، تسير بشكل قانوني.
وأكد المصدر، أن عناصر اللواء لا تزال في تمركزاتها التي سيطرت عليها خلال الاشتباكات الأخيرة، ترقبًا لأي طارئ، فيما يخص مصير آمرها.
أبرز الردود
وفي أحدث رد فعل دولي، أعربت وزارة الخارجية عن بالغ قلق المملكة العربية السعودية جراء الاشتباكات المسلحة التي شهدتها العاصمة الليبية طرابلس، والتي أسفرت عن سقوط عددٍ من الضحايا وإصابة آخرين.
كما دعت السعودية، الأطراف الليبية كافة إلى ضبط النفس، وتغليب مصلحة الشعب الليبي بما يحافظ على المكتسبات الوطنية، مطالبةً الأطراف كافة بالالتزام بالقرارات الدولية الهادفة إلى تعزيز الأمن والاستقرار لليبيا وشعبها.
بدوره، قال ممثل الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، إنه بينما يبدو أن الاشتباكات في طرابلس قد هدأت، فإن الاتحاد الأوروبي يحث جميع الأطراف على مواصلة الامتناع عن الأعمال العدائية المسلحة والدخول في حوار من أجل تهدئة الوضع واستعادة الهدوء.
كما دعا الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف المتورطة في أعمال العنف إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وضمان حماية المدنيين.
وقال جوزيب بوريل، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه: لقد سئم الليبيون من الوقوع في مرمى النيران وهم يستحقون أن يتم الاستماع إلى تطلعاتهم في السلام وتحقيقها أخيرًا، مشيرًا إلى أن "الأحداث الأخيرة تمثل تذكيرًا حيًا بهشاشة الوضع الأمني في ليبيا والحاجة الملحة لإجراء انتخابات من أجل إيجاد حل سياسي مستدام وشامل.
وكرر الاتحاد الأوروبي دعمه الثابت لجهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة وممثلها على الأرض، عبد الله باثيلي.
aXA6IDE4LjE5MS4yMTIuMTQ2IA== جزيرة ام اند امز