هدنة غزة المحتملة.. ماذا نعرف عن الإطار العام لاتفاق وقف النار؟
رغم قرار إسرائيل عدم إرسال وفد للمشاركة في المفاوضات الرامية لوقف إطلاق النار بغزة والتي بدأت يوم الأحد في القاهرة، إلا أن المحادثات ما زالت مستمرة، للاتفاق إلى صيغة مقبولة للهدنة المحتملة.
مفاوضات توصف بأنها عقبة أخيرة أمام التوصل إلى أول وقف طويل لإطلاق النار خلال الحرب الدائرة منذ خمسة أشهر قبل حلول شهر رمضان الذي يبدأ الأسبوع المقبل.
تلك المفاوضات قال عنها قيادي في حركة حماس، إنها تتواصل بغض النظر عما إذا كان هناك وفد إسرائيلي موجود في مصر أم لا، فيما نقلت «رويترز» عن مصدرين أمنيين مصريين قولهما، إن وسطاء يجرون اتصالات مع الإسرائيليين، مما يسمح بمواصلة المفاوضات رغم غياب الوفد الإسرائيلي.
وأكد مصدر من حماس أن مسؤولين من الحركة ومصر وقطر بدأوا في وقت متأخر من يوم الإثنين جولة ثانية من المحادثات.
فماذا نعرف عن الإطار العام للمحادثات؟
يقول مسؤولون أمريكيون لصحيفة «نيويورك تايمز»، إن الجانبين قبلا الإطار العام الذي يتضمن المزيد من المساعدات لسكان غزة، ولكن ليس كل التفاصيل، مشيرين إلى أن حماس وإسرائيل والوسطاء يحاولون التوصل إلى اتفاق قبل العاشر من مارس/آذار الجاري، والذي يوافق بداية شهر رمضان.
ويقضي الاقتراح الذي تجري مناقشته بإقرار هدنة لمدة 40 يوما تقريبا تطلق خلالها فصائل فلسطينية مسلحة سراح نحو 40 من أكثر من 100 رهينة ما زالوا محتجزين لديها مقابل إطلاق سراح نحو 400 فلسطيني من السجون الإسرائيلية.
الأمر نفسه، أشارت إليه نائبة الرئيس الأمريكي كامالا هاريس يوم الأحد، قائلة إن الاتفاق سيتضمن وقفًا فوريًا لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع على الأقل، وهو الأطول منذ توقف دام أسبوعًا وانتهى في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وبموجب الاقتراح، ستنسحب القوات الإسرائيلية من بعض المناطق وسيُسمح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى غزة وسيُؤذن للسكان النازحين بالعودة إلى مناطقهم.
لكن لا يبدو أن الاتفاق يتناول مباشرة مطلب حماس بإيجاد مسار واضح لإنهاء الحرب بشكل دائم. كما أنه لا يقرر مصير أكثر من نصف المحتجزين المتبقين وهم الرجال الإسرائيليون المستبعدون من هذا الاتفاق والاتفاقات السابقة التي تشمل النساء والأطفال والمسنين والجرحى.
وتقول إسرائيل إنها لن تنهي الحرب لحين القضاء على حماس. وتقول الحركة إنها لن تطلق سراح جميع المحتجزين لديها من دون التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب.
ما وضع المفاوضات؟
التوصل إلى اتفاق وشيك لا يلوح في الأفق، بحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، وهو وضع أشار إليه -كذلك- مصدر فلسطيني قريب من المحادثات قائلا، إن المباحثات ليست «سهلة» في ظل تمسك إسرائيل بمطلبها التوصل إلى هدنة مؤقتة فقط لتحرير الرهائن، بينما تسعى حماس للحصول على ضمانات بعدم شن حرب مرة أخرى.
إلا أن مسؤولين في البيت الأبيض قالوا إن الاتفاق أصبح قريبا. وقال مسؤول كبير في الإدارة يوم السبت في مؤتمر صحفي: «إن الإطار موجود. لقد وقع الإسرائيليون بشكل أساسي على عناصره. فيما الكرة الآن في ملعب حماس»، بحسب «نيويورك تايمز».
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الأسئلة كانت حول عدد وهويات الرهائن الذين تحتجزهم حماس والسجناء الإسرائيليين الذين سيتم تبادلهم.
ويوم الأحد، قالت هاريس إن الأمر متروك لحماس لقبول الخطة، مضيفة: «تدعي حماس أنها تريد وقف إطلاق النار. حسنا، هناك صفقة على الطاولة».
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن التفاصيل أعاقت تقدم المفاوضات منذ يناير/كانون الثاني، كما رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إطار وقف إطلاق النار في فبراير/شباط.
من سيُطلق سراحه؟
ويتضمن الاقتراح الذي قدمته الولايات المتحدة وقطر ومصر إطلاق سراح إسرائيل لحوالي 400 سجين فلسطيني – بما في ذلك 15 مدانًا بقتل إسرائيليين، بحسب «أكسيوس» الأمريكي.
وفي المقابل ستطلق حماس سراح نحو 40 رهينة إسرائيليا، من بينهم نساء ومجندات ورجال تزيد أعمارهم عن 50 عاما ورجال في حالة طبية خطيرة.
لا يبدو أن الاتفاق يتناول مباشرة مطلب حماس بإيجاد مسار واضح لإنهاء الحرب بشكل دائم. كما أنه لا يقرر مصير أكثر من نصف المحتجزين المتبقين وهم الرجال الإسرائيليون المستبعدون من هذا الاتفاق والاتفاقات السابقة التي تشمل النساء والأطفال والمسنين والجرحى.
وقال أحد مسؤولي البيت الأبيض إن «الرهائن الضعفاء» سيكونون متاحين للإفراج عنهم في المرحلة الأولى من الاتفاق. وكان تعريف هذه المجموعة نقطة خلاف، لكنه يشمل بشكل فضفاض المرضى، والجرحى والمسنين والنساء.
وقدرت الحكومة الإسرائيلية حتى يوم الثلاثاء أن حوالي 100 رهينة ما زالوا في غزة، على الرغم من أنها لم تقدم الأساس الكامل لتقديراتها. ومن غير الواضح عدد السجناء الذين ستطلق إسرائيل سراحهم مقابل بعض الرهائن.
وقالت حماس إنها ستطلق سراح جميع الرهائن إذا سحبت إسرائيل جميع قواتها، إلا أن الدولة العبرية قالت إنها لن تتوقف عن القتال حتى تقضي على حماس.
ما موقف الأطراف الرئيسية؟
البيت الأبيض قال إن وقفا مؤقتا لإطلاق النار في غزة ضروري للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن وطالب حماس بقبول الشروط المطروحة حاليا على الطاولة.
وبعد اجتماع هاريس مع الوزير في مجلس الحرب بيني غانتس، قالت الإدارة الأمريكية في بيان إن هاريس ناقشت «الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق يتعلق بالرهائن وعبرت عن قلقها البالغ تجاه الأوضاع الإنسانية في غزة».
وبحسب موقع «أكسيوس» الأمريكي، فإن وسطاء قطريين ومصريين، أبلغوا المفاوضين الإسرائيليين خلال محادثات الأسبوع الماضي أن حماس مستعدة لتقليص عدد السجناء الفلسطينيين المفرج عنهم كجزء من صفقة الرهائن إذا وافقت إسرائيل على السماح لمزيد من المدنيين الفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة.
إلا أن الحكومة الإسرائيلية ترى أن الأمر مسألة سياسية: إذا سمح للفلسطينيين بالعودة إلى شمال غزة، فإن ذلك قد يعزز حماس كهيئة حاكمة في القطاع ويجعل تحقيق هدف إسرائيل المتمثل في الإطاحة بحماس أكثر صعوبة. وقد تفقد إسرائيل أيضاً نقطة نفوذ في المرحلة المقبلة من المفاوضات.
هل يمكن إبرام الاتفاق قبل رمضان؟
قال جون كيربي المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض للصحفيين إن الولايات المتحدة لا يزال يحدوها الأمل في إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار مقابل تحرير الرهائن قبل بداية شهر رمضان، لكن حماس لم توافق بعد على شروط الاتفاق.
وتقول إسرائيل إنها لن تنهي الحرب لحين القضاء على حماس. وتقول الحركة إنها لن تطلق سراح جميع المحتجزين لديها من دون التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب.
إلا أن مصدرين أمنيين مصريين يقولان إن الوسطاء يحاولون تقريب المواقف بتقديم ضمانات لحماس بإجراء محادثات سلام في المستقبل، ولإسرائيل بضمان سلامة الرهائن.
وشكك مسؤول فلسطيني قريب من المحادثات في الزعم الأمريكي بأن إسرائيل وافقت على اتفاق وقف إطلاق النار وأن حماس تعطله، وقال إن الموقف يهدف فيما يبدو إلى إبعاد اللوم عن إسرائيل في حالة انهيار المحادثات.
واندلعت الحرب على غزة بعدما هاجم مقاتلون من حماس بلدات إسرائيلية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في هجوم تقول الإحصاءات الإسرائيلية إلى أنه أدى إلى مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة.
ومنذ ذلك الحين، تحاصر إسرائيل القطاع الساحلي واقتحمت جميع بلداته تقريبا وتقصفه من الجو. وتقول السلطات الفلسطينية إن أكثر من 30 ألفا تأكد مقتلهم، فيما نزح معظم السكان. وتقول الأمم المتحدة إن مئات الآلاف يواجهون خطر المجاعة.
ماذا يعني التوصل إلى هدنة بحلول رمضان؟
سيكون التوصل إلى هدنة بحلول شهر رمضان فعالا في وأد فكرة هجوم تهدد إسرائيل بشنه على رفح، وهي آخر بلدة على الطرف الجنوبي من قطاع غزة، والتي يلوذ بها الآن أكثر من نصف سكان القطاع.
وسقط عدد كبير من القتلى في الأيام القليلة الماضية. وقال سكان إن قتالا عنيفا اندلع منذ يوم السبت شمالي رفح في خان يونس، والتي نشرت القوات الإسرائيلية مقطعا مصورا يظهر تدمير مبانيها في ضربات جوية.
وفي رفح نفسها، تسببت الغارات الجوية في مقتل عائلات بمنازلها خلال الليل. ووُضعت 14 جثة على الأقل في مشرحة مستشفى برفح صباح الإثنين. وكانت إحدى حافظات الجثث مفتوحة قليلا للدرجة التي سمح لأقارب طفل ميت بمداعبة شعره.
ويتصاعد العنف أيضا في الضفة الغربية المحتلة حيث تمارس السلطة الفلسطينية حكما ذاتيا محدودا بعدما فقدت السيطرة على قطاع غزة لصالح حماس في 2007، ما يعني أن وقف النار بغزة، قد يؤدي إلى هدوء في الضفة.