تهدئة وهدنتان.. محطات فاصلة في حرب التجارة بين الصين وأمريكا
تمر العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين بأسوأ مراحلها منذ صعود الأخيرة على سلم الاقتصادات الكبرى في تسعينيات القرن الماضي.
بين مد وجزر، تسير العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، منذ بدأ التوترات التجارية بينهما في مارس/آذار 2018، واشتدت اعتبارا من يونيو/حزيران 2019.
وتخلل الشهور الـ18 الماضية في رحلة التوترات التجارية القائمة بين البلدين هدنتين وتهدئة بينهما، إلا أنهما لم يدفعا المفاوضات التجارية نحو بر الاستقرار لهما وللأسواق العالمية.
وفي مايو/آيار 2018، أعلن البلدان اتفاقا مبدئيا على خفض العجز التجاري الأمريكي بشكل كبير، يؤدي إلى تعليق تهديداتهما باتخاذ تدابير عقابية.
- موجز العين الاقتصادي.. أمريكا تصعد حرب التجارة واستثمارات جديدة بمصر
- إقبال على بيتكوين مع تصاعد حرب التجارة.. هل تتحول إلى ملاذ آمن؟
في الأسابيع التالية، صدرت عن الصين مؤشرات تهدئة (خفض الرسوم الجمركية، رفع القيود، مقترحات شراء بضائع أمريكية وتفضيلها على سلع مماثلة أجنبية المصدر).
بينما كانت الهدنة الأولى، في ديسمبر/كانون أول 2018، بإعلان الرئيس الأمريكي ونظيره الصيني شي جينبينغ هدنة.
بينما الهدنة الثانية، كانت من جانب واشنطن لصالح شركة هواوي الصينية، تقضي بالسماح للأخيرة بشراء الأدوات وقطع الإنتاج من جانب الشركات الصينية، وانتهت في 19 أغسطس/أب الماضي، وتم تمديدها حتى 19 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
وتعتبر الولايات المتحدة حاليا أكبر اقتصاد عالمي بإجمالي ناتج محلي قيمته 21 تريليون دولار أمريكي، بينما تأتي الصين ثانيا بناتج محلي قيمته 14 تريليون دولار في 2018، بحسب صندوق النقد الدولي.
في التقرير التالي "العين الإخبارية" ترصد المحطات الرئيسة في توترات التجارة الآخذة بالصعود بين أكبر اقتصادين حول العالم:
وبدأت شرارة الحرب التجارية بينهما مؤخرا، بالتحديد في مارس/آذار 2018، بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه فرض رسوم وجمارك على بضائع صينية، ما لم تنفذ الأخيرة تعديلات على منظومة تبادلها التجاري مع واشنطن.
في 2018، بلغ العجز التجاري الأمريكي مع الصين نحو 418 مليار دولار صعودا من 375.5 مليار دولار في 2017، بحسب بيانات وزارة التجارة الأمريكية.
وبلغ مجمل قيمة الواردات الأمريكية من الصين في 2018، نحو 539 مليار دولار، بينما بلغت الصادرات الأمريكية إلى الصين 120.3 مليار دولار أمريكي.
أرقام التبادل التجاري بين البلدين أزعجت ترامب، ودفعته لإعلان فرض رسوم وضرائب على واردات قادمة من الصين بنسبة وصلت حتى 25%، في يونيو/ حزيران 2018.
وتهدف سياسة تعريفات ترامب الجمركية إلى تشجيع المستهلكين على شراء البضائع الأمريكية، من خلال جعل السلع المستوردة أغلى ثمنا.
في ذات الشهر، وردا على القرار الأمريكي، قالت لجنة التعريفات الجمركية بمجلس الدولة الصيني، "إن بكين ستفرض رسوما إضافية قدرها 25% على 659 من المنتجات الأمريكية، قيمتها 50 مليار دولار اعتبارا من يوليو/تموز 2018".
بينما في سبتمبر/أيلول 2018، أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم وجمارك نسبتها 10% على بضائع صينية بقيمة 200 مليار دولار، الأمر الذي دفع بكين إلى الرد بعدها بأيام، وفرضت رسوما على بضائع أمريكية بقيمة 60 مليار دولار.
وبينما ظلت حرب التصريحات التجارية قائمة بين البلدين، حتى ديسمبر/كانون الأول 2018، أعلن الرئيسان الصيني والأمريكي خلال قمة مجموعة العشرين حينها، التوصل إلى هدنة مدتها 90 يوما في حربهما التجارية.
وشهدت فترة الهدنة التي تم تمديدها مفاوضات مكثفة بين المسؤولين التجاريين في كلا البلدين، بغية التوصل إلى حل، إلا أن جهودهما باءت بالفشل، ما دفعهما لتبادل اتهامات بشأن عدم نجاحها.
ومنتصف مايو/أيار الماضي، قالت الإدارة الأمريكية إنها ستضاعف الرسوم والجمارك المفروضة على السلع القادمة من الصين، الأمر الذي دفع بكين للرد بإعلانها فرض رسوم جمركية على بضائع أمريكية بقيمة 60 مليار دولار.
وفي ذات الشهر (مايو/أيار 2019)، قرر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إدراج شركة هواوي و70 فرعا تابعا لها ضمن القائمة السوداء للمصدرين، ومنع هذه الشركة من بيع منتجاتها التقنية للولايات المتحدة، قبل التراجع عن قراره وإعطاء مهلتين تنتهي آخرها في 19 نوفمبر/ تشرين ثاني المقبل.
ومطلع أغسطس/أب الماضي، كتب ترامب على تويتر مجموعة تغريدات حول الصين، أبرزها: "اقتصاد الصين ينهار، ولم يعد بنفس القوة التي كان عليها قبل 20 عاما".
كما كتب: "الولايات المتحدة لها اليد العليا في المفاوضات التجارية مع الصين، بفضل القوة النسبية للاقتصاد الأمريكي.. الولايات المتحدة ترغب في التفاوض وإبرام اتفاق.. أعتقد أن الصين تتضرر بشكل كبير، أكثر بكثير مما نحن عليه".
والشهر الماضي كذلك، أعلنت الولايات المتحدة فرض حزمتين من الرسوم الجمركية، الأولى بدأت اليوم الأحد بقيمة 115 مليار دولار، والثانية في ديسمبر/ كانون الأول 2019 بقيمة 160 مليارا.
في المقابل، وفي وقت سابق اليوم، دخل قرار صيني صدر الشهر الماضي، حيز التنفيذ، لفرض رسوم وجمارك بنسبة 5 و10 بالمئة إضافية، على سلع أمريكية المنشأ بقيمة 75 مليار دولار.
وفي فترة الحرب التجارية بين البلدين، صعدت وهبطت أسواق المال العالمية، في أكبر تذبذب للأسهم منذ إعلان بريطانيا خروجها من الاتحاد الأوروبي في يونيو/ حزيران 2016.
كذلك، شهدت أسعار النفط تذبذبات حادة بفعل التصريحات السلبية أو الإيجابية الصادرة عن أي من طرفي الحرب التجارية.