"الأخبار المزيفة".. ترامب ليس وحده من يرددها
ترامب ليس الزعيم الوحيد المتيم بعبارة "الأخبار المزيفة" حيث بدأ كثير من قيادات العالم أيضا يلجؤون إلى الحجة ذاتها.
عادة ما يستخدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبارة "أخبار مزيفة" بانتظام كأداة لتقويض معارضيه، وحشد قاعدته السياسية، ومحاولة التشكيك في مصداقية وسائل الإعلام الأمريكية التي تفحص رئاسته بقوة. لكنه ليس الزعيم الوحيد المتيم بهذه العبارة، فعلى خطى الرئيس ترامب، بدأ كثير من قيادات العالم أيضا يلجؤون إلى حجة "الأخبار المزيفة".
عندما نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا عن الموت داخل السجون السورية، رد الرئيس السوري بشار الأسد بقوله "نحن نعيش في عصر الأخبار المزيفة". كما ألقى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو اللائمة على الإعلام العالمي في نشر العديد من التقارير المزيفة والأكاذيب، وصرح قائلا: "هذا ما نطلق عليه اليوم أخبار مزيفة".
وفي ميانمار حيث تتهم جهات دولية الجيش بإطلاق حملة إبادة جماعية ضد الروهينجا المسلمين، أنكر أحد المسؤولين الأمنيين هذه الادعاءات وقال في تصريح لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية "إنها أخبار مزيفة".
وفي روسيا، أخبرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، مراسل شبكة سي إن إن الأمريكية أن "يتوقف عن نشر الأكاذيب والأخبار المزيفة". وتستخدم وزارتها الآن علامة "FAKE" كبيرة باللون الأحمر على موقعها الرسمي، لتضم إليها القصص الخبرية التي لا تنال إعجابها.
وكذا هو الأمر مع رئيس وزراء ماليزيا المحاصر في فضيحة اختفاء مليارات الدولارات من صندوق استثمار الدولة، حيث يصف هو الآخر هذه الاتهامات بـ"الأخبار المزيفة". وأيضا الرئيس الفلبيني الذي اتهم وسائل الإعلام بتغطية مزيفة لحربه على تجار المخدرات التي قتل فيها آلاف الفلبينيين دون أي محاكمات.
وآخرها كان في ليبيا عندما نشرت سي إن إن مقطع فيديو لبيع مهاجر أفريقي كعبد هناك، وكان رد القيادات الليبية مسلحا بهجمات الرئيس ترامب ضد الشبكة الأمريكية في محاولة لتكذيب ما نشرته عن تجارة العبيد داخل ليبيا.
وفي تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، قالت إن الزعماء والشعبويين والقيادات السياسية حول العالم أصبحت متمسكة بعبارة أخبار مزيفة كأداة لمهاجمة منتقديهم وفي بعض الأحيان لتقويض مؤسسات ديمقراطية.
وأصبحت عبارة أخبار مزيفة تستخدم لدحض أي حقيقة غير مريحة، وتبنت العديد من الحكومات حول العالم استخدامها لمهاجمة وسائل الإعلام على وجه الخصوص. ففي بعض الدول يتم كبح حرية الصحافة فيها مثل روسيا والصين وتركيا وليبيا وبولندا والمجر وتايلاند والصومال بالإضافة إلى آخرين، يثير الرؤوساء عبارة أخبار مزيفة دائما كتبرير لإنهاء الحصانة الإعلامية.
وخلال هذا الأسبوع، استخدمت الصحيفة الرسمية للحزب الشيوعي الصيني؛ بيبولز ديلي، كلمات الرئيس ترامب لانتقاد التغطية الإعلامية المنتقدة لنظام بكين المستبد. وقالت إنه إذا كان رئيس الولايات المتحدة نفسه يقول إن وسائل الإعلام الأمريكية وصمة على أمريكا، بالتالي ستكون أي أخبار سلبية حول الصين أو أي دولة أخرى غير صحيحة حيث من المحتمل أن تقوم الأجندات السياسية بتزييف الصورة الحقيقية.
وبالرغم من أن عبارة "أخبار مزيفة" تستخدم منذ عام 1890، وفقا لقاموس ميريام وبستر، إلا أن الرئيس ترامب هو المسوؤل عن جعلها جزء أساسي وكبير من المحادثات العالمية الحالية. لذلك ليس من المفاجئ، أن نجد أن قاموس كولينز قرر جعلها "كلمة العام" بعدما توصل في نوفمبر أن استخدام العبارة ارتفع بنسبة 365% منذ عام 2016.
لكن تظل الأخبار المزيفة مشكلة حقيقية بالطبع لاسيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وخلصت الاستخبارات الأمريكية إلى أن روسيا استخدمت تقارير إخبارية مزيفة أو ملفقة كجزء من جهودها للتدخل في انتخابات الرئاسة لعام 2016 لصالح الرئيس ترامب.
وبالرغم من الضرر الذي ألحقته عبارة "أخبار مزيفة" بالصحافة، إلا أنه يصعب تحديد مقدار هذا الضرر نظرا للصعاب الموجودة بالفعل من دول تسيطر على الإعلام تحت قبضة يدها حيث يتم اغتيال صحفيين أو سجنهم، وليس مجرد التهكم عليهم أو إهانتهم.
وفي سياق مشابه، تقوم روسيا والصين باستخدام ما يمكن أن يطلق عليه أخبار مزيفة "إيجابية" على مواقع التواصل الاجتماعي لنشر الوطنية داخل بلادهما.
وتقوم بعض المؤسسات الإعلامية حاليا بتقديم ميزات جديدة تمكن القراء من التحقق من صحة ومصداقية الحقائق المنشورة. وفي فرنسا، أطلقت مجلة لوموند ميزة "ديكوديكس" يناير الماضي كجزء من قسم تقصي الحقائق عبر موقعها. وفي بريطانيا، تبدأ هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي مشروعا لمساعدة طلاب الثانوية على تحديد الأخبار الحقيقية وتصفيتها من بين الأخبار المزيفة والملفقة.