القوة الدولية بغزة وبناء جهاز شرطة فلسطيني.. عقبات على طريق التنفيذ
في قلب خطة دونالد ترامب لغزة تقف فكرتان رئيسيتان، لا يزال الطريق إلى تنفيذهما، غامضًا، رغم مرور قرابة شهرين على وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني.
الفكرتان هما: تشكيل قوة دولية لتحقيق الأمن وبناء جهاز شرطة فلسطيني جديد، وإنشاء هيكل حكم انتقالي بإشراف دولي.
غموض الطريق إلى التنفيذ يؤخر أي تقدم ملموس، مما تسبب في فراغ، استغلته «حماس»، وفقاً لمراقبين، أكدوا أن الحركة الفلسطينية تعمل على إعادة بناء نفوذها وقدراتها داخل القطاع يوماً بعد الآخر.
كواليس التوتر.. لماذا أغلقت أمريكا أعين إسرائيل عن بث مباشر فوق غزة؟
القوة الدولية: تفويض إشكالي ومهام غامضة
وتواجه فكرة نشر قوة دولية في غزة تحديات جوهرية. فالقرار الذي تبناه مجلس الأمن الدولي في نوفمبر/تشرين الثاني بقيادة أمريكية، والذي منح تفويضاً يشمل "ضمان عملية نزع سلاح قطاع غزة"، يفتقر إلى الوضوح بشأن الكيفية وآليات التنفيذ.
هذا الغموض جعل الدول المحتملة تتريث في الإعلان عن التزامها، فقد أبدت دول مثل أذربيجان وتركيا وإندونيسيا تحفظات أو شروطاً. فبينما أشار مسؤول أذربيجاني إلى رفض بلاده إرسال قوات إذا كان ذلك يعني الدخول في مواجهات قتالية مع حماس، أكد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أن القوة الدولية "لا ينبغي أن تقوم بعمل الجيش الإسرائيلي".
كما أن إسرائيل نفسها تبدو متشككة في قدرة مثل هذه القوة على تحقيق نزع السلاح، حيث أشار رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إلى أن إسرائيل مستعدة للقيام بالمهمة "بالطريقة الصعبة" إذا لزم الأمر.
وبحسب وثيقة عرض تقديمي للقيادة المركزية الأمريكية فإن الخطة التفصيلية المقترحة تتضمن نشر 8000 جندي، تبدأ في رفح جنوباً، لتأمين الطرق ومرور المساعدات الإنسانية وتهيئة الظروف لانسحاب إسرائيلي تدريجي. كما تشمل تدريب أكثر من 4000 شرطي فلسطيني.
غير أن الوثيقة أشارت فقط إلى "تهيئة الظروف لنزع سلاح حماس" دون تحديد آليات عملية لذلك، مما يترك السؤال الأصغر بدون إجابة واضحة.
الحكم الانتقالي: هيكل مقترح وأسماء متداولة
على الصعيد السياسي، تقترح الخطة تشكيل "لجنة فلسطينية تكنوقراط غير سياسية" لإدارة غزة بشكل مؤقت، تحت إشراف هيئة أطلق عليها اسم "مجلس السلام" الذي سيرأسه ترامب نفسه ويضم رؤساء دول.
ولكن، مثلما هو الحال مع الملف الأمني، لا تزال التفاصيل غائمة. فقد تأجل الإعلان الرسمي عن تشكيلة المجلس، الذي كان مقرراً قبل عيد الميلاد، على الأرجح إلى أوائل عام 2026.
وتشير معلومات إلى أن لجنة تنفيذية ستكون مسؤولة عن صنع القرار، يتوقع أن تضم مستشاري ترامب، جاريد كوشنر وستيف ويتكوف، بالإضافة إلى شخصيات مثل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، وهو ما يثير انتقادات من بعض النشطاء الفلسطينيين.
كما يجري تداول اسم نيكولاي ملادينوف، المبعوث الأممي السابق، لدور ربما يكون وسيطاً مع اللجنة الفلسطينية. ويُنظر إلى ملادينوف، الذي يتمتع بتجربة في الوساطة بين إسرائيل وحماس، على أنه "خبر سار للفلسطينيين" وفقاً لتحليل سياسي فلسطيني من غزة.
تحديات مستقبلية ومسارات محتملة
يواجه مستقبل الخطة عدة عوائق رئيسية؛ فمن ناحية، يصر قادة حماس مثل حسام بدران على أن أي قوة دولية يجب أن تقتصر مهامها على مراقبة وقف إطلاق النار، ورفضوا تماماً فكرة تورطها في نزع السلاح من البيوت الفلسطينية.
ومن ناحية أخرى، يبدو أن الرغبة الدولية في الانخراط في مهمة قتالية محتملة ضد حماس هي رغبة ضعيفة، مما يخلق فجوة بين التفويض المعلن والإرادة السياسية للتطبيق، بحسب صحيفة نيويورك تايمز.
وبينما تستمر الجهود التخطيطية عبر اجتماعات عسكرية أمريكية مقبلة ومركز التنسيق المدني العسكري في جنوب إسرائيل، فإن السؤال الأكبر يظل معلقاً: هل يمكن تحويل هذه المخططات الواسعة إلى واقع عملي على الأرض، وسط تناقض المصالح وغياب الثقة ووجود تنظيم راسخ مثل حماس؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ما إذا كانت خطة ترامب الكبرى ستبقى حبراً على ورق، أم ستشكل فعلاً الفصل التالي في مسار غزة المتعرج.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA==
جزيرة ام اند امز