أعداد الأطباء الأجانب في أمريكا تتناقص.. والسبب؟
إجمالي عدد الأطباء الأجانب الذين تقدموا بطلبات إقامة في 2018، بأمريكا بلغ 7067 طبيبا، وهو عدد أقل بـ217 عن العام الماضي.
خوفا من موته إذا بقي هناك، قرر محمد الهرب من الحرب الأهلية التي اندلعت في بلده سوريا، وتوجه إلى السعودية حيث عمل كطبيب 6 سنوات، وأثناء وجوده هناك، عمل محمد من أجل تحقيق هدفه والوصول إلى الولايات المتحدة، تفوق في الاختبارات الأمريكية التي يطلب من جميع الأطباء الخضوع إليها، وأجرى مقابلة مع أحد مستشفيات نيويورك حيث انبهر المسؤولون هناك به.
ولكن عندما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قراره التنفيذي بحظر السوريين من دخول الولايات المتحدة، تبددت فرص محمد بالعمل في نيويورك.
وفي مقابلة مع صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية، قال محمد الذي رفض ذكر اسم عائلته خوفا من تأثير ذلك على طلب حصوله للتأشيرة: "قمت بكل شيء من أجل الحصول على هذه الرخصة وبطريقة شرعية، لأتمكن من الخضوع إلى التدريبات اللازمة لأي طبيب أجنبي لإتمام شهادته في الولايات المتحدة".
ليست هذه الحالة الوحيدة، ولكنها مجرد إشارة لأسباب انخفاض عدد خريجي كلية الطب من الأجانب الذين تقدموا للدراسة ضمن برامج إقامة أمريكية بصورة ملحوظة، حيث بلغ إجمالي عدد الأطباء الأجانب الذين تقدموا بطلبات في عام 2018، نحو 7067 طبيبا، وهو عدد أقل بـ217 عن العام الماضي، و393 عن عام 2016.
ويثير انخفاض عدد الأطباء الأجانب في أمريكا قلق كبار الأطباء الأمريكيين الذين يقولون إن نظام الرعاية الصحية يعتمد بصورة كبيرة على المهاجرين الماهرين.
وقالت منى سيجنر، الرئيس والمدير التنفيذي لبرنامج المطابقة الوطنية للمقيمين: "الأمر يثير قلقنا، لاسيما أن هذا الانحدار الملحوظ بدأ في نفس الوقت الذي بدأت فيه الإدارة الأمريكية بتطبيق حظر سفر أو فرض تقييدات على أصحاب الجنسيات الأجنبية الذين يدخلون البلد".
ومحمد من بين هؤلاء الذين تقدموا بطلب إقامة من المفترض أن تبدأ في الأول من يوليو المقبل، لكن بالنسبة للأطباء من الدول المتأثرة بحظر السفر، من تشاد وإيران وليبيا وكوريا الشمالية والصومال وسوريا وفنزويلا واليمن، فإن تلك العملية لا تزال معقدة.
وتختلف الشروط المطلوبة من كل طالب وفقا لدولته، وبالنسبة لمحمد أمله الوحيد أن يتم اختياره استثناء.
ويوجد في لوس أنجلوس أكثر من 500 طبيب من إيران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن. وتعتبر لوس أنجلوس واحدة من أصل 5 مدن أمريكية تستضيف الحصة الأكبر من الأطباء القادمين من هذه الدول.
ومن المحتمل أن يذهب الأطباء المتخصصون من هذه الدول إلى دول أخرى للعمل هناك خوفا من طريقة معاملتهم في أمريكا، ما يمكن أن يؤدي إلى تدهور الجودة الطبية مقارنة بالماضي.
من ناحية أخرى، تقوم دول أخرى مثل كندا واستراليا وبعض الدول الأوروبية بتبسيط عملية الهجرة لضمان حصول الأطباء الأجانب على تدريبات أفضل وإقامة أسهل. في الوقت الذي يظل إكمال الدراسة والتدريبات في الولايات المتحدة مكلفا ومضيعا للوقت.
ويتقدم معظم الأطباء الأجانب بطلب إقامتهم في الولايات المتحدة عبر برنامج تأشيرة J-1، الذي يتطلب منهم بصفة عامة العودة إلى بلدهم الأصلي لمدة عامين بمجرد إتمامهم التدريب في أمريكا، قبل أن يتمكنوا من التقدم بطلب للبقاء في الولايات المتحدة لفترة أطول أو بصفة دائمة.
ويمكن للأطباء المقيمين في أمريكا بموجب تأشيرة J-1 تجنب العودة إلى وطنهم الأصلي من خلال استلامهم وثيقة تنازل بعد موافقتهم على العمل في منطقة غير مدارة طبيا سواء في ريف أمريكا أو في المناطق الحضرية ذات الطلب المرتفع على الأطباء، لمدة لا تقل عن 3 سنوات.
من جانبه، قال مارك كريكوريان، المدير التنفيذي لمركز دراسات الهجرة بالعاصمة واشنطن، إن الاعتماد على الأطباء الماهرين من المهاجرين ليس بالأمر الجيد للولايات المتحدة أو أي دولة أخرى قد تتأثر بهجرة أطبائها ما يترك نظامها الصحي ضعيفا، موضحا أنه من الأفضل جعل كليات الطب الأمريكية في متناول المواطن الأمريكي، وزيادة تمويل البرامج التي تسمح للأطباء الأمريكيين بتسديد ديون طلابهم من خلال العمل في المناطق غير المدارة طبيا.
كما أشار إلى أنه لا ينبغي السماح للأطباء الأجانب بدخول الولايات المتحدة بتأشيرة عمل إلا إذا كانوا يمتلكون مهارة نادرة لا يمكن لأي طبيب القيام بها.