أرخبيل بوغانفيل.. حلم دولة يصطدم بثقل النحاس والسياسة

على تخوم المحيط الهادئ، يوشك أرخبيل بوغانفيل أن يرسم ملامح دولة جديدة على خريطة العالم.

دولة صوت أكثر من 97% من سكانها، في استفتاء تاريخي عام 2019، لصالح الاستقلال عن بابوا غينيا الجديدة، واضعين أقدامهم على طريق طويل وشاق نحو تقرير المصير، تُعترضه حسابات الجغرافيا والثروة، ومخاوف من عودة شبح الماضي.

لكنّ الطريق نحو إعلان الدولة لا يزال محاطاً بألغام سياسية وجيوسياسية؛ فالبرلمان المركزي رفض الاعتراف بنتيجة الاستفتاء ما يعكس صراعاً دفيناً على كنوز الأرض، لاسيما منجم «بانغو» للنحاس.

وبينما تراهن قوى إقليمية كأستراليا والصين على موقع الأرخبيل في ميزان النفوذ بالمحيط الهادئ، يبقى بوغانفيل عالقاً بين تطلعات شعبه المتجذرة في وجع التاريخ، وإرادات دولية لا تزال تترقب اللحظة الفاصلة: هل يولد الحلم أم يُجهض مجدداً؟

وبحسب صحيفة ذا صن البريطانية، فإن الطريق نحو إعلان الدولة الجديدة لا يزال محفوفاً بتحديات، أبرزها رفض البرلمان المركزي في بابوا غينيا الجديدة الاعتراف بالانفصال، خشية فقدان السيطرة على موارد الأرخبيل الغنية، وعلى رأسها منجم "بانغو" للنحاس، أحد أكبر المناجم عالمياً، والذي تديره شركة ريو تينتو.

وتطالب القيادات المحلية بحقوق أكبر في إدارة الثروات، ودعم مشاريع تنموية لتحسين البنية التحتية وخلق فرص عمل.

أبعاد جيوسياسية:

تكتسب القضية أهمية إقليمية ودولية، حيث تسعى أستراليا إلى لعب دور وسيط للحفاظ على الاستقرار، بينما تتجه أنظار الصين إلى المنطقة لتعزيز نفوذها الاقتصادي في المحيط الهادئ.

وفي خطوة غير مألوفة، يروج بعض الناشطين لفكرة تقديم "صفقة استثنائية" للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لدعم الاستقلال، دون الكشف عن تفاصيل محددة.

إرث دموي ومخاوف من تجدد الصراع:

يعيد التاريخ نفسه بأذهان السكان، بعد حرب أهلية دامية (1988–1998) خلفت نحو 20 ألف قتيل، انتهت باتفاق سلام عام 2001 منح بوغانفيل حكماً ذاتياً.

لكن تأخر تنفيذ بنود الاتفاق، خاصة المتعلقة بتقاسم الثروات، يغذي مخاوف من عودة التوترات، كما يُشير الخبير إيان كيميش إلى أن "السلطات المركزية ترفض الانفصال، وقد يؤدي الجمود إلى مواجهات".

وتسعى القيادات المحلية لإعلان الاستقلال بحلول 2027، شرط موافقة برلمان بابوا غينيا الجديدة، الذي لم يُحدد جدولاً للتصويت حتى الآن.

وبينما يعيش الأرخبيل في مرحلة انتقالية هشة، تبقى أسئلة حول قدرته على تجاوز العقبات الداخلية والخارجية لتحقيق الحلم الذي تأجل لعقود.