هل يصحح ترامب أخطاء أوباما مع المظاهرات الإيرانية؟
مؤشرات تبرز اختلاف نهج الرئيس ترامب عن سابقه أوباما في التعامل مع الاحتجاجات الإيرانية
ندد عدد من المسؤولين في إدارة الرئيس ترامب بطريقة تعامل سلفه باراك أوباما مع الاحتجاجات التي شهدتها إيران عام 2009، مطالبين بعدم تكرار ذلك "الخطأ" حاليا، فهل يفعلها ترامب؟
وقال نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس، عبر حسابه الرسمي على موقع التدوينات القصيرة "تويتر"، بأن الولايات المتحدة لن ترتكب الخطأ السابق نفسه بتجاهل المظاهرات، وأنها ستدعم المحتجين في إيران.
من جانبها، أكدت مندوبة واشنطن في منظمة الأمم المتحدة نيكي هيلي أن المجتمع الدولي أخطأ في عدم دعم مظاهرات 2009 في إيران، مشددة على أنه على الأمم المتحدة أن تؤدي دورها فيما يحدث في إيران.
محللون قالوا إن تصرف الرئيس ترامب مع الاحتجاجات الإيرانية الحالية مختلف جذريا عن تناول سابقه لمظاهرات 2009، ما دفعهم للتفاؤل بنجاح الشعب الإيراني في تحقيق مطالبه.
أوباما استخف بالمظاهرات
تقارير إعلامية وجهت انتقادات حول تعامل الرئيس أوباما مع مظاهرات 2009 التي اندلعت في العاصمة الإيرانية طهران، وذلك لعدم دعم إدارته للحركة الخضراء التي قادت المظاهرات في ذلك الحين.
ولم تأخذ إدارة أوباما المحاكمات الإيرانية ضد متظاهري عام 2009 على محمل الجد، واستخفت بالمظاهرات التي كانت هي الكبرى في إيران في ذلك الوقت منذ عقد من الزمن تقريبا.
وشهدت العاصمة الإيرانية في 2009 مظاهرات عدة تتهم الحكومة بتزوير الانتخابات الرئاسية بما مكن من إعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد لولاية ثانية.
والمظاهرات التي دعت لها "الحركة الخضراء" برئاسة مير حسين موسوي ومهدي كروبي الإصلاحيين المنافسين لنجاد، انتهت بعد أن فضها الأمن الإيراني قمعا، بمقتل عدد من المتظاهرين واعتقال المئات، فضلا عن فرض الإقامة الجبرية علي موسوي وكروبي.
نهج مختلف
الحراك الشعبي الذي انطلقت شرارته منذ الخميس الماضي يعد مختلفا كثيرا عن احتجاجات 2009، لذا يري مراقبون أن اختلاف تناول الإدارة الأمريكية له سيكون مختلفا أيضا.
ورغم أن الاحتجاجات الإيرانية الحالية انطلقت بهدف تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد وحل مشاكل البطالة والفساد المستشري في البلاد، ورغم تساهل الحكومة معه في البداية، لكن الأمر تطور لترتفع سقف المطالب وليقابلها تهديد ووعيد من النظام للمتظاهرين.
وفي أحد هتافات المحتجين الإيرانيين، دعا الشعب حكومته إلى التركيز على الداخل وغدق نعم وطنه عليه بدلا من التدخل في شؤون الدول الأخرى وتوجيه الموارد الإيرانية سواء البشرية او الاقتصادية إلى مليشيات في تلك الدول.
كما هتف الإيرانيون أيضا، وللمرة الـولي، بكل صراحة وجرأة ضد المرشد الإيراني علي خامنئي ووصفوه بالديكتاتور، وطال الانتقاد كذلك المرشد السابق آية الله الخميني؛ الذي طالما تمتع بقداسة حيا وميتا، وهو ما يشير إلى رفض شعبي صريح لنظام الملالي وسياستهم.
الحكومة بدورها، أبدت تساهلا في البداية مع المتظاهرين، لكنها سرعان ما كشرت عن أنيابها لتصف الاحتجاجات بـ "الشيطنة" والمتظاهرين بـ "مثيري الشغب"، فضلا عن اتهامهم بأنهم مدفوعين من دول أجنبية.
تعامل الحكومة توقع محللون أن يتجه إلى مزيد من العنف، خاصة وأن الاحتجاجات الحالية خرج إليها الشعب الإيراني، بانتماءاته المختلفة، تحت قيادة الرغبة في العيش الكريم، ومن أهم المدن الإيرانية اقتصاديا وسياسيا ودينيا، خاصة مدينتي قم ومشهد.
موقف أمريكي داعم
الإدارة الأمريكية أبدت منذ البداية تأييدا واسعا لتلك التحركات الشعبية ضد حكومتهم، التي اعترفت بنفسها بوجود الفساد، وتعهدت بعدم غلق الآذان الأمريكية أمام دعوات الشعب الإيراني كما حدث في 2009.
ذلك التأييد لمسه الشعب الإيراني من مسؤولين مختلفين بالإدارة الأمريكية وعلي رأسهم الرئيس دونالد ترامب.
ولم يتردد ترامب، منذ الجمعة الماضية، في التفاعل والتعبير عن قلقه، إزاء القمع الإيراني للاحتجاجات الشعبية التي تنادي بتغيير النظام.
من جانبها، دعت مندوبة أمريكا بالأمم المتحدة، في خطوة لكسب التأييد الدولي للمظاهرات الإيرانية، لاجتماع طارئ لمجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان حول إيران.
ومع توالي المظاهرات وتصاعد أعداد قتلاها، تزايدت تصريحات ترامب الداعمة للمحتجين؛ ووصف في تغريدة على "تويتر" النظام الإيراني بالوحشي والفاسد، قائلا: "شعب إيران يتحرك أخيرا ضد النظام الإيراني الوحشي والفاسد".
وتابع أن "إيران تفشل على كل المستويات على الرغم من الاتفاق السيئ الذي أبرمته معهم إدارة الرئيس السابق باراك أوباما". مضيفا "لقد تم قمع الشعب الإيراني العظيم لسنوات عديدة، إنهم جائعون للغذاء والحرية، وإلى جانب حقوق الإنسان، يجري نهب ثروة إيران، حان وقت التغيير".
وفي خطوة أكثر جرأة من قبل ترامب للمتظاهرين، تعهد الرئيس الأمريكي، أمس، بتقديم "دعم كبير للشعب الإيراني في الوقت المناسب".
وفي ذات السياق، قال مايك بنس، نائب الرئيس الأمريكي إن الشعب الإيراني ينتفض مجددًا للحصول على الحرية والفرص، مؤكدًا أن بلاده ستقف بجوارهم في ظل حكم الرئيس الحالي دونالد ترامب، مستطردًا "لن نقف صامتين هذه المرة".
سر إدانة واشنطن لنظام الملالي
يعتبر الرئيس ترامب إيران عدوه الأول في الشرق الأوسط، مطالبا منذ حملته الانتخابية بإلغاء الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في 2015، أو على الأقل إعادة النظر في بنوده.
فضلا عن البرنامج النووي الإيراني، انتقدت واشنطن عمليات تطوير طهران لبرنامجها الباليستي، معتبرة أن ذلك ينتقد مع روح اتفاق 2015.
وندد ترامب أيضا في مواضع عدة، بالطموحات الإيرانية في الشرق الأوسط، وتدخلها في سوريا واليمن والعراق ولبنان تحت ذريعة "نصرة المستضعفين" منة جهة و"محاربة داعش" من جهة أخرى.
الانتقاد الأمريكي للسياسات الإيرانية بدا واضحاً خلال سلسلة من تغريدات ترامب، على حسابه الرسمي على "تويتر"؛ حيث استخدم مصطلحات "الديكتاتور"، و"الشعب الإيراني العظيم"، وهو ما يعكس رغبته في التغيير ليس فقط لتحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، إنما تغيير النظام السياسي بأكمله بما فيه حكم الملالي.
وعلى هذا فإنه من المتوقع أن الرئيس ترامب لن يقف صامتا أمام دعوات الشعب الإيراني للحرية وتحسين الأوضاع السياسية والاقتصادية، كما كان أوباما، الذي انتظر إلى أين ستصل مظاهرات 2009، ثم أعلن موقفه باحترام المظاهرات السلمية، قبل أن يدين أعمال العنف للشرطة.
aXA6IDMuMTQ1LjE1NS4xNDkg جزيرة ام اند امز