«يقف حائلا أمام حصده جائزة السلام».. هل ينقلب ترامب على نتنياهو؟

رغم «الدعم الاستثنائي» الذي تحظى به إسرائيل من قبل الإدارة الأمريكية، إلا أن نهج الرئيس دونالد ترامب «أمريكا أولاً» في السياسة الخارجية، قد يقف عائقًا أمام استمرار ذلك الزخم.
ويميل القادة الإسرائيليون إلى الحديث عن القيم المشتركة بين البلدين، فضلا عن أنه لدى إسرائيل العديد من المؤيدين داخل الدائرة الداخلية لترامب، بمن فيهم وزير الخارجية ماركو روبيو، ومبعوث الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، والسفير لدى إسرائيل مايك هاكابي، والعديد من المانحين المهمين المؤيدين لإسرائيل، مما جعل الكفة داخل الإدارة الأمريكية تميل لصالح تل أبيب.
هل ينقلب على ترامب؟
إلا أنه مع ذلك، ليس من الصعب تخيّل سيناريوهات يُدير فيها ترامب ظهره لإسرائيل؛ فالرئيس «متقلب المزاج»، وقد «انقلب على أصدقائه مرارًا وتكرارًا: كندا والدنمارك وألمانيا والمملكة المتحدة ليست سوى عدد قليل من حلفاء الولايات المتحدة المقربين الذين شعروا بعدم المساندة الأمريكية»، بحسب صحيفة «فورين بوليسي» الأمريكية.
ليس هذا فحسب، بل إن سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط لا تتوافق تمامًا مع إسرائيل؛ فقد عقدت الولايات المتحدة سلامًا منفصلًا مع الحوثيين في اليمن، رغم استمرار المليشيات في هجماتها على تل أبيب.
وفي سوريا، أشاد ترامب، بتشجيع من حلفاء الولايات المتحدة، بالرئيس أحمد الشرع، ورفع العقوبات عنه، بينما قصفت إسرائيل سوريا، ودعمت الدروز السوريين ضد حكومة الشرع، واحتلت أجزاءً من الحدود كانت منزوعة السلاح سابقًا.
وتقول «فورين بوليسي»، إن غزة على وجه الخصوص يمكن أن تصبح بسهولة مصدر إحباط؛ فرغم محاولة ويتكوف التوسط في الحرب بين إسرائيل وحماس، وإنهاء الصراع مقابل إطلاق الحركة الفلسطينية سراح الرهائن، يصر بنيامين نتنياهو على تدمير حماس بالكامل، وهو شرط يكاد يكون من المستحيل على الحركة قبوله.
وتشير تصريحات ترامب يوم الخميس بأنه لن يسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية - بالإضافة إلى خطة أمريكية مقترحة لغزة تتضمن التحرك نحو إقامة دولة فلسطينية - أيضًا إلى أن الرئيس مستعد للانحراف عن مواقف إسرائيل.
وفيما أعلن ترامب مرارًا وتكرارًا أنه يستحق جائزة نوبل للسلام، فإن «نتنياهو يقف في طريقه»، تضيف «فورين بوليسي».
أدوار «سلبية»
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإن ترامب يسعى إلى تحقيق مكاسب، فكما أن «النجاح العسكري يولد الدعم، ففي المقابل يولد الفشل العسكري الازدراء، ويبدو أن إسرائيل تُماطل عسكريًا في غزة، مُسببةً أزمة إنسانية هائلة تُثير انتقاداتٍ مُستمرة».
وأشارت إلى أن إسرائيل عقدت علاقات الولايات المتحدة مع حلفائها الخليجيين، الذين تربطهم بترامب علاقة وثيقة، مؤكدة أن الرئيس الأمريكي كان غاضبًا من نتنياهو بسبب الهجوم على قطر، التي تستضيف قوات أمريكية.
ولم يكن نتنياهو دائمًا مخلصًا تمامًا لترامب، فبعد أن هنأ رئيس الوزراء جو بايدن على فوزه في انتخابات عام 2020، انتقده ترامب بشدة، قائلاً للصحفي براك رافيد عام 2021 إنه يريد «الولاء»، وإن نتنياهو «كان بإمكانه التزام الصمت. لقد ارتكب خطأً فادحًا».
ورغم أن جزءًا كبيرًا من المؤسسة الجمهورية يدعم إسرائيل بقوة، إلا أن هذا الدعم أكثر تفاوتًا بين قاعدة ترامب المؤيدة لـ«لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا»، في يوليو/تموز.
ووصفت مارجوري تايلور غرين، المؤيدة القوية لـ«نجعل أمريكا عظيمة مجددًا»، أفعال إسرائيل في غزة بأنها «إبادة جماعية»، حتى إن مقدم البودكاست تاكر كارلسون اقترح هذا العام أن على الولايات المتحدة «التخلي عن إسرائيل» وتركها تخوض حروبها بنفسها.
وقد أظهر ترامب مرارًا وتكرارًا أنه يحظى بالدعم الكامل من القاعدة الجمهورية، وقد يتراجع الجمهوريون المؤيدون لإسرائيل في الكونغرس عن دعمهم إذا قرر الرئيس اتخاذ مسار مختلف.
وحتى بعيدًا عن مؤثرين مثل غرين وكارلسون، تُبدي حركة «لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا» عداءً صريحًا للمساعدات الخارجية، وإسرائيل هي المستفيد الرئيسي منها، إضافةً إلى ذلك، لا يحظى دعم إسرائيل بشعبية كبيرة بين الشباب الأمريكي: فأقل من 10% من البالغين دون سن 34 عامًا لديهم رأي إيجابي تجاه نتنياهو وسياسات إسرائيل في غزة.
شكل التحول الأمريكي المحتمل
ومن المرجح أن يأتي التحول ضد إسرائيل في صورة تقليص الدعم والهجوم على سياسات محددة، وليس تحولاً جذرياً. وحتى لو زاد ترامب من عدائه لنتنياهو، فمن غير المرجح أن يقطع التعاون الاستخباراتي، ومبيعات الأسلحة، وغيرها من الجوانب الأساسية للعلاقة. من جانبه، أعلن نتنياهو أن على إسرائيل أن تكون مستعدة للعزلة بدلاً من تقديم تنازلات بشأن أمنها.
ومع ذلك، فإن المخاطر على إسرائيل جسيمة؛ فالمساعدات الأمريكية ليست مالية فحسب، بل رمزية أيضًا، إذ تُشير إلى الخصوم والحلفاء على حد سواء بأن إسرائيل تتمتع بدعم واشنطن الكامل.
ومن شأن خفض المساعدات أن يُرهق ميزانية الدفاع الإسرائيلية، وقد يُبطئ شراء الأنظمة المتقدمة، في حين أن الانتقادات العلنية ستُشجع منافسي إسرائيل، وتُقوّض قوة الردع، وتُعقّد دبلوماسيتها مع شركاء آخرين يتبعون توجيهات الولايات المتحدة.
في نهاية المطاف، سيعتمد مصير إسرائيل في عهد ترامب أكثر على تحوّل تصورات الرئيس عن الولاء والنجاح والمكافأة الشخصية، أكثر من اعتماده على المصالح الاستراتيجية المشتركة.
ويُظهر سجل ترامب الحافل أنه لا يوجد حليف بمنأى عن غضبه عندما تُعيق سياسات حليفه سعيه نحو المجد، فبالنسبة لإسرائيل، يعني هذا أن حتى الروابط العسكرية والاستخباراتية والسياسية الراسخة لا تُقدّم أي ضمان للحماية من دوافع ترامب المتقلبة.
وقد لا يُحدث خفض المساعدات، أو الانتقاد العلني، أو المساومة التجارية قطيعة كاملة، لكن كل ذلك من شأنه أن يُضعف قوة ردع إسرائيل، ويُشجع خصومها، ويُرسل إشارة إلى شركاء آخرين بأن التزام واشنطن قابل للتفاوض؛ ففي منطقة تُعتبر فيها المصداقية عملة، فإن مجرد احتمال تخلي أهم حليف لإسرائيل قد يكون مُضرًا بقدر الواقع.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMzUg جزيرة ام اند امز