أوروبا تتحفز لاستغلال سياسات ترامب.. فرصة لجذب استثمارات تكنولوجيا المناخ

في 20 يناير/كانون الثاني، دخل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب البيت الأبيض متعهدًا بمزيد من الحفر لاستخراج النفط، وموقعًا أوامر تنفيذية لإخراج بلاده من اتفاقية باريس للمناخ.
كما أوقف ترامب أكثر من 300 مليار دولار من تمويل البنية التحتية الخضراء، بموجب قانون سلفه جو بايدن لخفض التضخم وقانون البنية التحتية المشترك بين الحزبين.
منذ ذلك الوقت، مرت أشهرًا مضطربة، بحسب ما قال ديفيد فريكمان، الشريك المؤسس لشركة نورسكين في سي، إحدى أكبر مجموعات رأس المال الاستثماري في أوروبا.
فريكمان، الذي تستثمر شركته بشكل رئيسي في الشركات الناشئة الأوروبية، يُشير إلى أن السياسة عبر الأطلسي، حيث كان لتحركات الرئيس الجديد بشأن المناخ تداعيات تتجاوز الولايات المتحدة بكثير، امتدت عبر منظومة الشركات الناشئة في مجال تكنولوجيا المناخ الأوروبية، من مستثمرين مثل فريكمان إلى مؤسسين.
وبعيدًا عن التأثير المباشر على الاستثمار الأخضر الأمريكي ودبلوماسية المناخ العالمية، فإن خطوة إدارة ترامب تلحق ضررًا بتكنولوجيا المناخ لأنها تعزز "الرواية المناهضة للمناخ".
الاستدامة أصبحت عبئًا اقتصاديًا
ويحذر جيمس كول، رئيس مؤسسة تسريع الأعمال الناشئة "كانوبي" التابعة لمعهد كامبريدج للقيادة المستدامة، من أن الاستدامة أصبحت عبئًا اقتصاديًا وليست دافعًا للابتكار والتنافسية، لكن هذا لا يعني بالضرورة توقف كل شيء.
وتقول صحيفة "فاينانشال تايمز" إن بعض المستثمرين الأوروبيين يرون في إدارة ترامب فرصة محتملة للقارة العجوز.
وتقول لينا ثيدي، الشريكة العامة في صندوق الاستثمار في التكنولوجيا الخضراء "بلانيت إيه فنتشرز": "من منظور أوروبي، إنها بمثابة جرس إنذار مرحب به للغاية".
وتدفع سياسات ترامب قطاع تكنولوجيا المناخ في أوروبا، الذي كان متأخرًا كثيرًا عن الولايات المتحدة سابقًا، للحاق بالركب.
فقد كشف تقرير صادر عن شركة "سايتلاين كلايمت" لمعلومات السوق في يناير/كانون الثاني أن فجوة الشركات الناشئة الأوروبية مع الولايات المتحدة - وهو مقياس يعتمد على عدد الشركات الناشئة التي أكملت جولة تمويل منذ عام 2020 - بلغت 7% فقط في عام 2024، بانخفاضٍ عن حوالي 25% في العام السابق، فيما يخص قطاع تكنولوجيا المناخ.
فرصة لتعويض التراجع
وتوضح كيم زو، الرئيسة التنفيذية لشركة "سايتلاين": "تكاد أوروبا تمر بمرحلةٍ من دورة تكنولوجيا المناخ التي كانت الولايات المتحدة تمر بها قبل عامين"، وهي مرحلة من "الحماس والزخم" التي "انبثقت من الحاجة والرغبة في التنافس" مع الولايات المتحدة وحوافز تكنولوجيا المناخ التي تقدمها وكالة الإيرادات الداخلية الأمريكية.
ويقول إريك ويبر، الرئيس التنفيذي لشركة "سبينلاب" الألمانية لتسريع الأعمال الناشئة، إن القارة لديها الآن "فرصة أفضل مما كانت عليه في عهد أوباما أو بايدن، أو حتى إدارة ترامب الأولى" لقيادة التكنولوجيا المناخية.
وشهدت منظمة "بلانيت إيه" الأوروبية للمناخ تدفقًا ملحوظًا للمواهب والتمويل الأمريكي من الطراز الأول نحو أوروبا، حيث ضاعفت صناديق التكنولوجيا النظيفة الأمريكية استثماراتها في الشركات الأوروبية، وتلقى مؤسسون أوروبيون في شبكتها المزيد من طلبات التقديم من المرشحين الأمريكيين.
وإلى جانب التمويل الأمريكي، يجادل الخبراء بضرورة تحسين الاستثمار الخاص في أوروبا للسماح لشركاتها الناشئة بالمنافسة.
ويقول تومي ستادلين، الشريك المؤسس في "جاينت فينتشرز": "إن سياسات ترامب - مع أنها تتيح لأوروبا فرصةً هائلةً لتعويض النقص - تسرع الحاجة إلى سوق أوروبية مستقلة لتكنولوجيا المناخ"، تشمل الشركات الناشئة والمستثمرين وعملاء الشركات.
ومنذ فوز ترامب في الانتخابات، شهد ستادلين بالفعل "حركةً قويةً في التمويل الأوروبي" نحو الاستثمار الأخضر، وخاصة من صناديق التقاعد الإسكندنافية.
وتحظى "جاينت فينتشرز" بدعم شركات ألمانية مثل أليانز وبي إم دبليو وهينكل، وهي شركات بالفعل "تستثمر في تكنولوجيا المناخ بأموالها".
وتضيف ليزا إريكسون، مؤسسة شركة تسريع الأعمال KTH Innovation ومقرها ستوكهولم، أن أوروبا بحاجة إلى "الاستفادة من مواطن القوة التي تمتلكها بالفعل"، بما في ذلك في مجال الاستدامة، وإلى جانب زيادة الاستثمار في التكنولوجيا العميقة، تدعو إلى تعزيز التعاون بين الدول الأوروبية.