علاقة ترامب - بوتين.. بعد المحبة عداوة
مراحل تطور العلاقة بين بوتين وترامب وأبرز الأزمات التي تهدد العلاقة بينهما
"مستوى الثقة بين الولايات المتحدة وروسيا تراجع منذ أن تولى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه" كانت هذه العبارة ضمن التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن مصير العلاقة المشتركة بين أمريكا وروسيا بعد الخلاف الأخير الذي نشب بينهما بشأن القضية السورية.
وفي الوقت نفسه، أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حذره من مستقبل العلاقات مع روسيا، مشيرا إلى أن العلاقات متوقفة للتعرف على طبيعة مستقبل الروابط التي ستجمعهم بموسكو.
وتعد تصريحات الرئيسين هي إشارة لدخول العلاقات بين البلدين إلى مرحلة خلاف ربما يصل لمرحلة الخصام والقطيعة، على عكس ما كان متوقعا قبل فوز ترامب بالمنصب وأثناء حملته الانتخابية، وبعد توليه المنصب بشكل رسمي في 21 يناير/كانون الثاني، خاصة بعد تطور الوضع في سوريا بعد الهجمات الكيمائية على بلدة خان شيخون بإدلب السورية، فضلا عن توجيه أمريكا ضربة لقاعدة الشعيرات العسكرية بسوريا، وتباين الموقفين من قرار إدانة مجلس الأمن لهجمات نظام الأسد على خان شيخون.
ترصد بوابة "العين" الإخبارية مراحل تطور العلاقة بين بوتين وترامب وأبرز الأزمات التي تهدد العلاقة بينهما.
غزل متبادل ومساندة روسية
وفي وقت إدارة الحملة الرئاسية لترامب، كانت أغلب وسائل الإعلام والسياسيين والشخصيات العامة الأمريكية وعدد كبير من أعضاء الحزب الجمهوري يهاجمون ترامب، ويصفون تصرفاته بـ"الجنونية وغير المنطقية"، خاصة مع ارتفاع وتيرة الخلافات والمشادة الكلامية بينه وبين منافسته الديمقراطية وقتها هيلاري كلينتون، كانت روسيا وعلى رأسها الرئيس بوتين هم أكثر الداعمين له.
وتمثلت طبيعة الجمل والعبارات المتبادلة في الإعجاب المتبادل، فكان الأمر غريبا أن يصف بعض أعضاء الجمهوري مرشحهم للرئاسة بالمرشح المثير للجدل، ويصفه بوتين بـ"المرشح الأفضل دون منازع في السبق الرئاسي"، مؤكدا دعم روسيا له ورفضها وجود الحزب الديمقراطي وكلينتون في الصورة مرة أخرى.
ولم يقتصر الغزل من جانب بوتين فقط، بل أعلن ترامب في أحد المؤتمرات الصحفية للحملة رغبته في إقامة علاقات قوية وجيدة بين البلدين، مشيرا إلى أن أمريكا في عهده سترحب بتوطيد التعاون على مختلف الأصعدة، خاصة ملف محاربة الإرهاب وحل الأزمة السورية، ليرد بوتين بأن ترامب الرجل اللامع الموهوب دون أدنى شك".
وتستكمل دائرة الإعجاب والغزل، حيث قدم ترامب له التحية قائلا: "حصولي على مجاملات من قبل شخص يحظى بحب واحترام وطنه وشعبه، يعد شرفا كبيرا بالنسبة لي".
واعتبرت بعض التحليلات السياسية وقتها أن إصرار الرئيس الروسي على مدح ترامب والإعلان عن الدعم الدائم والمباشر لترامب، كانا يعدان شجاعة ومجازفة من قبل بوتين، خاصة مع استمرار هجوم المرشح الجمهوري على المسلمين والحديث عن إيقاف الهجرة لأمريكا وفرض قيود في التعامل مع المكسيك وغيرها، إضافة لخروج بعض السيناريوهات غير المؤكدة عن علاقة سابقة تجمع بين ترامب ورجال أعمال روسيين، وأن روسيا هي من تقف وراء حملته. ولكن يبدو إصرار الرئيسين على وجود علاقة وطيدة كان أكبر من التوقف عند هذه السيناريوهات والانتقادات الموجهة لهما. ليذكر ترامب في لقاء تلفزيوني، في حالة فوزه بالانتخابات، سيلتقي بوتين قبل توليه الرئاسة رسميا.
معركة واحدة
ثم كانت المرحلة الثانية من العلاقات، فجر يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، حيث أعلن المجمع الانتخابي الأمريكي ترامب رئيسا للولايات المتحدة الامريكية، ليأتي رد فعل رسمي من الكرملين يحمل تهنئة الرئيس الروسي بوتين لترامب بعد فوزه في الانتخابات، وكان نص البرقية من بوتين "فلاديمير بوتين يعرب عن أمله في العمل المشترك على إخراج العلاقات الروسية الأمريكية من حالة الأزمة، وكذلك تسوية القضايا الدولية الملحة، والعمل على البحث عن حلول فعالة لتحديات الأمن الدولي".
وفي أول رد فعل من ترامب حول القضية السورية، أوضح الرئيس الأمريكي أن معركته الحالية هي محاربة الإرهاب وداعش تحديدا، وأن الحرب مع نظام الأسد غير منطقية الآن، خاصة أن القضاء على داعش هو هدفه الرئيسي، مؤكدا أنه قادر على الوصول مع روسيا لصياغة واحدة بشأن الوضع السياسي في سوريا.
حرب كلامية وفيتو
وبعد مرور 3 أشهر من تولي ترامب المسؤولية بشكل رسمي، وتحديدا يوم 4 إبريل/نيسان الجاري تبدلت الأمور بين الجانبين عقب هجوم نظام الأسد على مدينة خان شيخون بريف إدلب بغاز السارين، ما أسفر عن 100 قتيل و350 جريحا، هذا الهجوم حول موقف ترامب من الأسد، ليصفه بـ"السفاح"، منددا بموقف روسيا وتعاملها مع الأمر، ما أدى لتوجيهه ضربة جوية صاروخية لقاعدة الشعيرات العسكرية.
وأشار ترامب في تصريحات إلى احتمالية تورط روسيا في الهجوم وعلمها المسبق بالهجوم الكيميائي على ريف إدلب، مؤكدا أن العلاقات بين البلدين في أدنى مراحلها، مع ثبات موقف بوتين من بشار الأسد واستمرار دعمه له.
وفي صباح يوم 7 إبريل/نيسان الجاري، اعترفت سوريا بضرب أمريكا لأهداف عسكرية لها بقاعدة الشعيرات، وتباينت ردود الفعل العالمية بشأن الهجوم الجوي الأمريكي على سوريا، لتعلن روسيا الحليف الرئيسي والأساسي للأسد رفضها واستنكارها هذه الهجمة، مشيرة إلى وجود ضحايا مدنيين نتيجة الهجوم الأمريكي.
وعلق بوتين على الضربة الجوية الأمريكية بأنها تعد خرقا للقانون، فضلا عن الثقة بترامب والولايات المتحدة بدأت في التراجع وفي أسوأ حالاتها منذ وصوله للبيت الأبيض.
ولم يقف تبادل الاتهامات بين الرئيسين فقط، بل امتد إلى وزراء الخارجية، فقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تليرسون إن نفي روسيا بعدم امتلاك النظام السوري أسلحة كيميائية يجب أن يكون مزودا بأدلة واضحة، مؤكدا أن ما تفعله روسيا اليوم هو مخاطرة بدورها ومكانتها في المنطقة، خاصة مع تمسك بوتين ببقاء الأسد في الصورة وعلى رأس الدولة.
وحول مشروع قانون من مجلس الأمن الدولي الذي تقدمت به واشنطن ولندن وباريس، بهدف إدانة الهجوم السوري على خان شيخون بالكيميائي، لفتح تحقيق دولي حول ما حدث في إدلب، وتكرر الموقف الروسي من القرارات الأممية بشأن سوريا، لتصبح المرة الثامنة التي ترفض فيها روسيا إدانة الأسد وتقف بجوار حليفها الرئيسي بمنطقة الشرق الأوسط.
واستعان الجانب الروسي بحق الفيتو للتصويت على قرار مجلس الأمن بالرفض، لتستنكر سفيرة أمريكا لدى الأمم المتحدة نيكي هالي موقف روسيا قائلة: "إنكم تعزلون أنفسكم عن المجتمع الدولي في كل مرة تلقي فيها طائرات الأسد قنابل على المدنيين، وفي كل مرة يحاول تجويع جماعة أخرى حتى الموت".