أشار ترامب إلى الصحافيين الذين يغطون حملته ووصفهم بأنهم «حثالة»
«أعتقد أنكم سوف تكونون سعداء، أعتقد أنكم سوف تكونون سعداء».
كانت تلك كلمات الرئيس المنتخب ترامب في حديثه إلى مجموعة من صحافيي جريدة «نيويورك تايمز» حول آرائه بشأن التعديل الأول.
والمسألة الحقيقية، بطبيعة الحال، لا تتعلق بما إذا كان الصحافيون سعداء من عدمه. (فنحن لسنا من أصحاب الشعبية العالية لدى جموع الشعب الأميركي). ولكن المسألة تتعلق بما إذا كان الرئيس القادم وإدارته يخططون فعلاً للبقاء أوفياء لدستور البلاد أم لا.
وهناك أسباب تدعو إلى القلق. خلال الحملة الانتخابية، أشار ترامب إلى الصحافيين الذين يغطون حملته ووصفهم بأنهم «حثالة»، وقال إنه أراد «فتح» قوانين التشهير لكي تكون أسهل من حيث رفع الدعاوى القضائية ضد المؤسسات الإعلامية من أجل التغطية الإعلامية السلبية.
كما أنه أيضًا جزء من مجموعة صغيرة من الأميركيين الأثرياء الذين حاولوا ترهيب الصحافيين من خلال الدعاوى القضائية ضدهم، كما حدث مع زميلتي إيميلي بيزلون التي تكتب في مجلة «تايمز». وكتبت بيزلون تقول: «بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، سوف تتاح لترامب مجموعة واسعة من الأدوات تحت تصرفه الشخصي. ويشير تاريخه المعروف إلى أنه، وبصورة أكثر ممن سلفه، سوف يحاول استخدام الصحافة - ومحاولة السيطرة عليها وإخضاعها».
وكل هذه الأمور مثيرة للقلق. وبصرف النظر عن جودة أو سوء أي مقالة فردية من الصحف أو المطبوعات، فإن الصحافة الحرة من الأشياء الحيوية والحاسمة في أي نظام ديمقراطي فعال. قال توماس جيفرسون: «إن حريتنا، لا تمكن حراستها إلا بالصحافة الحرة، ولا يمكن التضييق على الصحافة الحرة من دون فقدان الحرية».
ومع حدوث ذلك، لم يكون جيفرسون السياسي الشهير الوحيد الناشئ من الولاية الزراعية الذي تحدث بجرأة وبلاغة عن حرية الصحافة. فهناك رجل آخر، ألا وهو مايك بنس.
في لمحة من التاريخ المنسي جزئيًا، أشرف بنس - نائب الرئيس المنتخب والعضو السابق في الكونغرس - على مشروع قانون قبل عشر سنوات لتشريع ما يسمى الدرع القانونية. وإذا ما وافق عليه الكونغرس، كان من شأن هذا القانون توفير الحماية الكافية للصحافيين من الدعاوى القضائية التي تضطرهم إلى الكشف عن المصادر المجهولة للأخبار. ولقد قرر بنس دفع مشروع القانون قدمًا بعد قراءته مقالة افتتاحية على صفحات جريدة «نيويورك تايمز» تنتقد سجن جوديث ميللر، الصحافية السابقة في «نيويورك تايمز»، وفقًا لمجلة «كولومبيا جورناليزم ريفيو».
كان السيد بنس واضحًا تمامًا أنه في كثير من الأحيان لم يكن يحب ما يقرأه في وسائل الإعلام، أيضًا. ولقد اشتكى كثيرًا من «التحيز السيئ للأخبار». ولكنه كان يتفهم أيضًا أن هناك مبادئ ذات أهمية كبرى.
وقال بنس عن ذلك: «لم يضع آباؤنا المؤسسون حرية الصحافة في التعديل الأول بسبب الصحافة الجيدة في زمنهم - بل كان العكس هو الصحيح تمامًا»، وعلى شاكلتهم، كان يؤمن في «الصالح العام الذي كانت الصحافة الحرة والمستقلة تمثله وتتكلم باسمه»، وذلك لأنها سمحت للناس باتخاذ القرارات الواعية والمدروسة.
وليس من الواضح مدى ما تبقى من دفاع بنس عن حرية الصحافة الآن. وفي كلتا الحالتين، فإن نائب الرئيس يتلمس خطى رئيسه في أغلب الأحيان. ولكن يبدو أن حدسه وغريزته أن رئيسه سوف يستفيد كثيرًا من الاستماع إلى الإعلام.
لقد كنت أفكر في تاريخ مشروع الدرع القانونية نهاية الأسبوع الماضي، بعد الحادثة التي استغرقت كثيرًا من الزخم عندما تعرض بنس للاستهجان الشديد من قبل الجماهير في هاميلتون. ولقد أعرب ترامب على موقع «تويتر» عن مطالبته بالاعتذار. ولكن بنس، في نفس الوقت، كان له رد فعل مغاير: فلقد تنحى إلى كريمته داخل المسرح وقال: «هذا ما تبدو عليه الحرية هنا».
*نقلا عن الشرق الأوسط
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة