ترامب والسودان.. عقبات تعطل «إشارة الأمل» وعقوبات تنتظر المعرقلين
عاد أمل وقف الحرب وما يرتبط بها من معاناة، ليداعب السودانيين، إثر إعلان واشنطن تولى الرئيس، دونالد ترامب، بنفسه لـ"ملف" السودان.
ويرى مراقبون سودانيون تحدثوا لـ"العين الإخبارية"، أن الرئيس الأمريكي يمتلك أدوات ضغط كبيرة تساعده على إحداث الاختراق المطلوب في ملف الحرب في السودان، خصوصاً بعد نجاحه في إدارة ملفات شائكة ومعقدة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، مثل الحرب في "غزة" وكذلك النزاع في الكونغو الديمقراطية.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الثلاثاء، إن الرئيس دونالد ترامب يتولى ملف إنهاء الحرب في السودان شخصياً.
التحرك الأمريكي
وكان ترامب قد أعلن خلال منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنه سيعمل على إنهاء الحرب في السودان بعد أن طلب منه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء التدخل.
وقال ترامب في منتدى الاستثمار الأمريكي السعودي، الذي عقد على هامش القمة السعودية الأمريكية، وبحضور ولي العهد السعودي: "هناك مكان على الأرض يُدعى السودان، وما يحدث هناك أمرٌ مروع”.
وأضاف الرئيس الأمريكي: “بدأنا العمل على ذلك بالفعل”، موضحا أن إدارته بدأت دراسة القضية بعد نصف ساعة من شرح ولي العهد السعودي لأهميتها.
ومضى قائلا: “سنعمل مع المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات ومصر، وشركاء آخرين في الشرق الأوسط من أجل وضع حد لهذه الفظائع”.
وعقب ذلك، أطلق كبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون العربية والأفريقية، مسعد بولس، تحركاً دبلوماسياً مكثفاً مع الأطراف المعنية في السودان بهدف وقف إطلاق النار.
ويهدف التحرك الأمريكي إلى وقف إطلاق النار لمدة 3 أشهر، يتزامن مع بدء إدخال المساعدات الإنسانية، ويسير بالتوازي مع مفاوضات للتوصّل إلى حل سياسي.
ترامب والرباعية
وينظر كثير من السودانيين إلى تولي الرئيس الأمريكي، ملف إنهاء الحرب، بأنه بارقة أمل جديدة تؤكد أن الأزمة السودانية باتت تُحظى باهتمام عالمي كبير.
رئيس دائرة الإعلام في حزب الأمة القومي في السودان، المصباح أحمد محمد، يرى أن ترامب "يمتلك مجموعة واسعة من أدوات الضغط السياسية والاقتصادية والدبلوماسية، التي يمكن أن تُحدث اختراقًا حقيقيًا في مسار الأزمة السودانية إذا ما تم تفعيلها بصورة منهجية ومدروسة".
وتابع في حديث لـ"العين الإخبارية": "ترامب يستند على جهود دول الرباعية (الإمارات والسعودية ومصر وأمريكا)، والمبادرة الرباعية الرامية لإنهاء الحرب وفتح الطريق نحو سلام عادل واستقرار دائم وتحول مدني ديمقراطي، ليست مجرد طرح دبلوماسي، بل تمثل فرصة جدية مدعومة بقدرات الولايات المتحدة التي تُعتبر الدولة الأكثر تأثيرًا في النظام الدولي".
وأضاف: "شاهد العالم كيف استطاعت واشنطن، في ملفات مثل غزة، فرض مسارات سياسية رغم تعقيدات المشهد الإقليمي والدولي".
وشدد المصباح على أن "تجاهل أطراف الحرب في السودان للمبادرة الأمريكية، سيقود بلا شك إلى عواقب مباشرة، من بينها فرض عقوبات إضافية على معرقلي فرص السلام، بما يزيد من عزلتهم الدولية ويعمّق أزماتهم الداخلية".
مشيراً إلى أن استمرار الحرب "سيُفاقم الوضع الإنساني الكارثي، بما يجعل اللجوء إلى التدخل تحت الفصل السابع، احتمالًا واردًا في حال استمرار التعنت وغياب التعاطي الإيجابي مع المبادرات الدولية".
وكانت الرباعية قد دعت في بيان صدر في 11 سبتمبر/أيلول الماضي، إلى هدنة مدتها 3 أشهر بين الفرقاء من أجل توفير المساعدات الإنسانية العاجلة للمتضررين من السكان المدنيين، على أن يتم إطلاق عملية انتقال سياسي سلمي للسلطة لمدة 9 أشهر تُفضي إلى قيام حكومة مدنية شرعية تحصل على ثقة المواطنين السودانيين.
تحديات في الطريق
ورغم أن خارطة طريق دول الرباعية، تُحظى بتأييد واسع في أوساط القوى السياسية المدنية في السودان، إلا أنها لا زالت تواجه تحديات كبيرة تتمثل في ضرورة التوافق بين جميع الأطراف الدولية والإقليمية أولاً.
وبحسب رئيس دائرة إعلام حزب الأمة القومي، فإن "مبادرة الرباعية رغم أهميتها تواجه تحديات حقيقية، على رأسها تباينات المصالح بين الفاعلين الإقليميين والدوليين في الملف السوداني، وهو ما يعقد فرص التوافق ويبطئ مسار الحل".
قبل أن يقول "إن أي حل يُفرض من الخارج لن يكون قادرًا على إنتاج سلام مستدام، ما لم يستند إلى إرادة سودانية داخلية تُعبِّر عن تطلعات الشعب، وتشارك فيها القوى المدنية بفاعلية، ضمن مشروع وطني شامل يعالج جذور الأزمة".
دوافع التحرك الأمريكي
ومن جانبه، يرى المحلل السياسي في السودان، سيبويه يوسف، أن "هناك ضروريات تتعلق بالأمن القومي الأمريكي، تعزز فرضية تولي ترامب بنفسه ملف إنهاء حرب السودان".
وقال سيبويه لـ"العين الإخبارية": "الرئيس ترامب لا يتحرك وحده، وإنما يتحرك بمعية الكونغرس والاستخبارات الأمريكية، خصوصاً بعد بروز تقارير تتحدث عن استخدام الجيش السوداني للسلاح الكيماوي، وكذلك الحديث عن اتفاق مع روسيا بخصوص إنشاء قاعدة عسكرية روسية على ساحل البحر الأحمر المشاطئ لمدينة بورتسودان شرقي السودان".
وأضاف: "بالطبع الولايات المتحدة تنظر إلى كل هذه التقارير بأنها تُمثل تهديداً مباشراً للأمن في البحر الأحمر، وهو ما لا يمكن أن تسمح به الولايات المتحدة التي ترتبط مصالحها الحيوية بالأمن في هذا الممر المائي المهم".
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز