الأسبوع الثاني لترامب.. «أوامر فوضوية» تعيد للأذهان ولايته الأولى
شهد الأسبوع الثاني من ولاية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اضطرابات سياسية حادة، أعادت إلى الأذهان فوضى ولايته الأولى.
بعد بداية بدت أكثر استقرارًا، واجهت إدارة ترامب تعثرًا إثر مذكرة غير واضحة لتجميد التمويل الفيدرالي، مما أدى إلى احتجاجات ورفع دعاوى قضائية انتهت بقرار قضائي مؤقت، دفع الإدارة إلى سحب المذكرة سريعًا، وفقا لتقرير وكالة أسوشيتدبرس.
وبالتزامن مع ذلك، استغل ترامب حادثة تحطم طائرة بالقرب من واشنطن لانتقاد سياسات التنوع والشمول محملًا إياها المسؤولية عن الحادث، دون تقديم أدلة، في خطوة تعكس استعداده لدمج الأحداث المأساوية في خطابه السياسي.
إعادة تشكيل المؤسسات الحكومية
منذ حملته الانتخابية، كان ترامب واضحًا بشأن رغبته في إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية، خاصة وزارة العدل، التي اتهمها بعرقلة سياساته في ولايته الأولى. بدأت هذه المساعي بإصدار عفو عن جميع المتهمين في قضية اقتحام الكابيتول، ثم إقالة المدعين العامين الذين عملوا على القضية.
كما شرعت إدارته في تطهير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، حيث طُلب من كبار المسؤولين التقاعد أو مواجهة الفصل، وتم إعداد قائمة بجميع عملاء (إف بي آي) الذين شاركوا في تحقيقات اقتحام الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني 2021.
إلى جانب ذلك، شهدت واشنطن تغييرات أخرى، مثل استقالة مسؤول كبير في وزارة الخزانة، وحذف إشارات "الأيديولوجيا الجندرية" من المواقع الحكومية.
هجوم متصاعد على التنوع والشمول
واصل ترامب هجماته على سياسات التنوع والشمول، معتبرًا أنها سبب العديد من المشكلات في البلاد. وأصدر أوامر تنفيذية بإلغاء جميع برامج التنوع والشمول في الإدارات الحكومية، وطلب من الموظفين الفيدراليين الإبلاغ عن أي برامج مشابهة، في خطوة وصفها منتقدوه بأنها "انتقام سياسي" داخل البيروقراطية الأمريكية.
كما ألقى باللوم على هذه السياسات في حادثة تحطم الطائرة، رغم غياب أي دليل، وعندما طُلب منه توضيح موقفه، اكتفى بالقول: "لأن لدي حسًا سليمًا". حتى على الصعيد الاقتصادي، حمّل ترامب رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول مسؤولية التضخم بسبب اهتمامه بقضايا التنوع.
انتكاسة كبرى لإدارة ترامب
واجهت إدارة ترامب أول تحدٍّ سياسي كبير عندما اضطرت إلى التراجع عن قرار تجميد التمويل الفيدرالي للمنح والقروض، بعدما أثار احتجاجات واسعة، إذ تعتمد المجتمعات المحلية على هذه الأموال لتمويل برامج الإسكان، والرعاية الصحية للمحاربين القدامى، والمراكز الطبية المجتمعية، ما جعل القرار غير مقبول سياسيًا.
ورغم إلغائه، فإن أوامر ترامب بمراجعة الإنفاق الحكومي وفقًا لرؤيته لا تزال قائمة، مما يعكس جهوده المستمرة في تقليص حجم الحكومة.
تقليص الجهاز الحكومي وضغوط على الموظفين
تسريعًا لخطته في "تفكيك الدولة العميقة"، فرضت إدارة ترامب تجميدًا على التوظيف الفيدرالي، ثم أرسلت لملايين الموظفين الحكوميين بريدًا إلكترونيًا يُخيرهم بين الاستقالة بإجازة مدفوعة الأجر لمدة 8 أشهر أو البقاء بشروط جديدة تشمل العمل من المكتب بدوام كامل والالتزام بمعايير سلوكية مشددة. وعندما سُئل ترامب عن تداعيات هذه الخطوة، رد قائلاً: "الجميع قابل للاستبدال، وسنجد أشخاصًا جيدين ليحلوا محلهم"، ما يعكس استراتيجيته في إعادة تشكيل الجهاز الحكومي بالكامل.
تصعيد في الحرب التجارية
بعد أيام من توليه منصبه، فرض ترامب تعريفات جمركية بنسبة 25% على الواردات من كندا والمكسيك، إضافة إلى 10% على النفط والغاز والكهرباء الكندية، و10% أخرى على الواردات الصينية، وردت كندا والمكسيك بفرض رسوم جمركية انتقامية، مما أدى إلى توتر اقتصادي كبير.
وفي كندا، انعكس الغضب الشعبي حتى في ملاعب الهوكي، حيث أطلق المشجعون صافرات الاستهجان في أثناء عزف النشيد الوطني الأمريكي.
من جانبه، دعا رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو المواطنين إلى دعم المنتجات المحلية، في خطوة تعكس تصاعد الخلاف التجاري.
ومع ذلك، يبدو أن ترامب عازم على الاستمرار في نهجه، حيث يخطط لفرض تعريفات إضافية على الرقائق الإلكترونية، والفولاذ، والنحاس، والأدوية، والمنتجات الأوروبية. بيد أنه لم يتضح كيف ستؤثر هذه الرسوم على التضخم، رغم أن أحد الوعود الرئيسية لترامب كان خفض تكاليف المعيشة.
ووفقًا لدراسة من جامعة ييل الأمريكية ، قد تكلف هذه التعريفات الأسر الأمريكية ما بين 1000 - 1200 دولار سنويًا في القوة الشرائية، ما يثير تساؤلات حول جدوى سياسات ترامب الاقتصادية.