أقر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأحد، بأن مواطنيه قد يشعرون «بألم» اقتصادي بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها على شركائه التجاريين الرئيسيين، لكنه اعتبر أن تأمين المصالح الأمريكية «يستحق هذا الثمن».
وبعد أسابيع من الضبابية بشأن تهديداته، وقّع ترامب السبت قراره الذي سبق أن أعلنه بفرض رسوم جمركية نسبتها 25% على المكسيك وكندا، رغم اتفاق التجارة الحرة الذي يربط واشنطن بالبلدين، فيما فرض على الصين رسوما جمركية إضافية نسبتها 10%.
جاء الإعلان في ختام أسبوع ثانٍ لافت لولاية ترامب الجديدة وجد الرئيس نفسه خلاله أمام أسوأ كارثة طيران في الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد فيما تتحرك إدارته لإدخال إصلاحات جذرية على الحكومة، في خطوات ندد بها معارضوه باعتبارها مخالفة للقانون.
وتُعد كل من الصين والمكسيك وكندا من أكبر شركاء الولايات المتحدة التجاريين وتعهدت الدول الثلاث اتّخاذ خطوات انتقامية لدى دخول الرسوم الجمركية حيز التطبيق الثلاثاء.
وكتب ترامب على موقعه للتواصل الاجتماعي تروث سوشيال "هل سيكون هناك بعض الألم؟ نعم، ربما (وربما لا)". وأضاف "لكننا سنجعل أمريكا عظيمة مجددا، ويستحق ذلك الثمن الذي يجب دفعه".
وحذّر محللون من أن اندلاع حرب تجارية سيؤدي على الأرجح إلى تراجع النمو في الولايات المتحدة ورفع أسعار السلع الاستهلاكية على الأمد القصير على الأقل، وهو أمر كان الرئيس يرفض الإقرار به بعدما اعتُبر الغضب الناجم عن ارتفاع الأسعار من بين العوامل الرئيسية التي أدت إلى فوزه في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني.
وفي مسعى للحد من ارتفاع أسعار الوقود، حدد ترامب الرسوم على واردات الطاقة من كندا بـ10% فقط.
وبرر ترامب إجراءاته "الطارئة" بالهجرة غير الشرعية وتهريب الفنتانيل إلى الولايات المتحدة.
لكنه عبر عن امتعاضه الأحد أيضا من العجز التجاري الذي لطالما اعتبره مؤشرا إلى التعامل مع الولايات المتحدة بشكل غير منصف.
وقال: "هناك عجز كبير بين الولايات المتحدة الأمريكية وكل من كندا والمكسيك والصين (وكل البلدان تقريبا!)، التي تدين (للولايات المتحدة) بـ36 تريليون دولار. لن نكون (البلد الغبي) بعد الآن".
وأضاف أن صحيفة "وول ستريت جورنال" التي اشتكت هيئة تحريرها اليمينية الجمعة من أن ترامب يشن "الحرب التجارية الأغبى في التاريخ"، "تعمل جاهدا لتبرير.. عقود من الاحتيال على أمريكا".
وزار الملياردير البالغ 78 عاما أحد ملاعب الغولف التابعة له في فلوريدا التي يتوجه إليها في نهاية الأسبوع الثانية على التوالي منذ عاد إلى البيت الأبيض.
كندا.. الولاية الـ51
وفي منشور آخر على وسائل التواصل الاجتماعي، استهدف ترامب كندا على وجه الخصوص، مكررا دعواته إلى جعل الجارة الشمالية لبلاده ولاية أمريكية.
وإذ أشار إلى أن الولايات المتحدة تدفع "مئات مليارات الدولارات لدعم كندا"، قال ترامب: "من دون هذا الدعم الهائل، لما كانت كندا موجودة كدولة قابلة للحياة".
وأضاف: "لذلك، على كندا أن تصبح ولايتنا الـ51 الغالية"، مكررا تهديداته لأحد أبرز حلفاء بلاده.
وبحسب مكتب الإحصاء الأمريكي، بلغ العجز التجاري في السلع مع كندا العام الماضي 55 مليار دولار فحسب.
وقال مسؤول كندي طلب عدم الكشف عن هويته الأحد إن أوتاوا سترفع دعوى أمام منظمة التجارة العالمية ضد الرسوم وستسعى للحصول على تعويض بموجب اتفاق التجارة الحرة الكندي-المكسيكي-الأمريكي الذي وقعه ترامب نفسه عام 2018.
وصرح المسؤول لصحفيين: "تعتبر الحكومة الكندية بكل وضوح هذه الرسوم انتهاكا لالتزامات الولايات المتحدة التجارية". وأضاف "من الواضح أننا سنلجأ إلى القضاء".
وتعهّد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو السبت أن ترد بلاده بفرض رسوم نسبتها 25% على سلع أمريكية معيّنة بقيمة 155 مليار دولار كندي (106.6 مليار دولار أمريكي)، على أن تفرض أول جولة من الرسوم الثلاثاء تليها الثانية في غضون ثلاثة أسابيع.
وأعلن حكام عدد من المقاطعات الكندية بالفعل عن إجراءات انتقامية، على غرار وقف شراء الخمور الأمريكية فورا.
ولم يعلن البيت الأبيض بشكل واضح الخطوات المحددة التي يمكن للبلدان المعنية اتّخاذها لرفع الرسوم.
وقالت سفيرة كندا لدى الولايات المتحدة كيرستن هلمان لشبكة "إيه بي سي نيوز" الأحد "يصعب معرفة ما الذي علينا القيام به أكثر من ذلك، لكننا منفتحون بكل وضوح على أي مقترحات أخرى".
ولفت ترودو الذي توجه إلى فلوريدا للقاء ترامب بعد انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني إلى أن مساعيه للتحدث مع الرئيس الأمريكي مرة أخرى بعد تنصيبه في 20 يناير/كانون الثاني لم تكن مجدية.
- الكل خاسر.. ما توقعات «المركزي الأوروبي» لتداعيات رسوم ترامب؟
- 36 ألف دولار نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في كوريا الجنوبية
إصلاحات فيدرالية
في الأثناء، أكدت الرئيسة المكسيكية كلوديا شينباوم أنها وجّهت وزير الاقتصاد في حكومتها بـ"تطبيق الخطة ب" التي تتضمن تدابير غير محددة بعد "تقوم على (فرض) الرسوم وغير ذلك".
وأكد الاتحاد الأوروبي الذي تعهّد ترامب أيضا فرض رسوم عليه، أنه "سيرد بحزم".
تأتي إجراءات ترامب الجذرية في مجال التجارة بعد مساعي إدارته الجذرية أيضا، بهدف إدخال تغييرات كبيرة على الحكومة الفيدرالية في أول أسبوعين له في السلطة.
وشملت أبرز الإجراءات محاولة لإقالة عشرات المسؤولين وقرارا بتجميد التمويل أوقفه القضاء ليتراجع عنه البيت الأبيض لاحقاً.
في الأثناء، يقوم إيلون ماسك، وهو حليف ترامب والشخص الأغنى في العالم، و"وزارة الكفاءة الحكومية"، بتحركات غير واضحة تماماً تشمل مساعي للتحقيق في دفعات فيدرالية وأنظمة البريد الإلكتروني، بحسب تقارير.
وتزامنت حالة الفوضى في الحكومة الفيدرالية مع اصطدام مروحية للجيش بطائرة ركاب في واشنطن ما أسفر عن مقتل 67 شخصاً في حادث هو الأكثر دموية الذي تتعرض له طائرة تجارية منذ عام 2009.
وفي معرض حديثه عن الحادث الخميس، ألقى ترامب باللوم على برامج التنوّع الاجتماعي في التوظيف.