صحف أمريكية: نقل سفارة واشنطن للقدس سيشعل الشرق الأوسط
محللون أمريكيون اعتبروا أن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يمثل منعطفا حادا في السياسة الخارجية الأمريكية وينطوي على مجازفات كبيرة
حذرت صحف أمريكية، الرئيس دونالد ترامب من تداعيات قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعتبرت أن نقل سفارة الولايات المتحدة بمثابة شرارة ستشعل الشرق الأوسط، وتؤجج التوتر، وتثير الاضطرابات في المنطقة التي تشبه "برميل بارود بانتظار عود ثقاب".
وفي تحليل بعنوان "خيار ترامب بشأن القدس يبشر باضطرابات"، قال ستيفن كولينسون مراسل شبكة "سي إن إن"، إن موقف ترامب السياسي الهش بين الناخبين الأمريكيين ربما يوشك على أن يخلق تداعيات خطيرة في الشرق الأوسط.
ولفت إلى أن قرار ترامب المرتقب بشأن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يثير جدلا حول المكاسب الشخصية للرئيس والولايات المتحدة، بالنظر إلى أن القرار يمثل منعطفا حادا في السياسة الخارجية وينطوي على مجازفات كبيرة.
ووفقا للكاتب، يشكك منتقدون في أن الرئيس يتصرف على أساس مبادئ قائمة منذ وقت طويل أو استراتيجية أمن قومي متماسكة ومسؤولية؛ وبدلا من ذلك قرر تحقيق المزيد من الأهداف الشخصية في وقت يحتاج فيه إلى أن يُظهر لقاعدته السياسية، أنه ينجز وعوده الانتخابية بسرعة.
وأشار إلى أن المسألة تتسم بإلحاح شديد على نحو خاص؛ لأن هناك الكثير من الجوانب السلبية المحتملة، وثمة مخاوف من أن يؤدي قرار ترامب إلى أعمال عنف ضد الأمريكيين ومصالحهم، واشتعال الشرق الأوسط على نطاق أوسع.
ورأى أن قرار ترامب سوف يتحدى النداءات الصريحة من القادة المتحالفين في الشرق الأوسط وأوروبا، وبالتالي يمكن أن يضر بأهداف وعلاقات السياسة الخارجية الأمريكية.
مضيفا "من المحتمل أن تهدر هذه الخطوة أية فكرة متبقية بأن الولايات المتحدة يمكن أن تكون وسيطا نزيها في محادثات الوضع النهائي المتوقفة بين إسرائيل والفلسطينيين. ومن المرجح أيضا أن تدمر محاولة صهره جاريد كوشنر لإحياء الحوار الإسرائيلي الفلسطيني".
واستشهد كولينسون بتحذير آرون ديفيد ميلر، المفاوض السابق لشؤون السلام في الشرق الأوسط للرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين، من أن "القدس برميل بارود في انتظار عقود ثقاب".
وتابع متسائلا، لماذا يجازف ترامب بإشعال تلك الشرارة مع تحرك يبدو أنه يقترن بعواقب محتملة وخيمة لا يمكن التنبؤ بها، لاسيما وأنه سيتم إلقاء اللوم عليه إذا صعّد التوترات في الشرق الأوسط؟
ومضى قائلًا: "بالنظر إلى معدلات شعبية ترامب، التي أظهر استطلاع، الثلاثاء، أنها بلغت 35٪، والتركيز الشديد على الوفاء بوعود الحملات خلال عام مشحون، يشعر العديد من المراقبين بوجود دوافع سياسية".
وفي هذا السياق، قال محلل "سي ان ان" كيفن ليبتاك، إن الرئيس قلق بشأن فقدان قاعدته ويتخذ خطوات لحشد الدعم المحافظ، كما يأتي قرار القدس أيضا مع وقوع ترامب تحت طائلة ضغط سياسي شديد حيث وصل التحقيق الروسي مباشرة إلى دائرته الداخلية.
ونوّه بأن التعهد بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس كان عنصرا رئيسيا في خطابات ترامب الانتخابية لجذب الناخبين الإنجيليين والمانحين الجمهوريين الأثرياء وصقور السياسة الخارجية في الحزب الجمهوري.
وفي تقرير بعنوان "إعلان القدس عاصمة لإسرائيل قد يعكر صفو السلام في الشرق الأوسط"، رأت صحيفة "يو إس إيه توداي" أن هذا الإعلان مكلف للغاية ويغامر بتأجيج التوترات في المنطقة.
وقالت إنه على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية سترحب بالاعتراف، فإن الفلسطينيين وزعماء العالم الآخرين يقولون إن هذه الخطوة ستخرب احتمالات التوصل إلى اتفاق سلام في المنطقة.
وفي تصريحات لصحيفة "واشنطن بوست"، اعتبر الكاتب المتخصص في العلاقات الخارجية إيشان ثارور أن خطوة ترامب المقترحة بإعلان القدس عاصمة إسرائيل تخاطر بإشعال نيران جديدة في الشرق الأوسط وإثارة غضب المجتمع الدولي.
وفي تقرير نشرته الصحيفة بعنوان "تحركات ترامب في القدس تشعل النيران في الشرق الأوسط"، أشار ثارور إلى إصدار حكومات عربية صديقة لترامب تحذيرات صارمة بشأن هذه القرارات.
ونقل التقرير عن المدير التنفيذي للحملة الأمريكية لحقوق الفلسطينيين يوسف منير، قوله إن "مثل هذا القرار خاطئ أخلاقيًا وخطير سياسيًا".
ولفت منير إلى أن ترامب لا يهين عن عمد الشعب الفلسطيني فقط، وإنما يهين العرب والمسلمين حول العالم أيضًا، موضحًا أن قيامه بذلك يعد تخليا عن القدر الضئيل من المصداقية التي تبقى للولايات المتحدة في منقطة تعج بالصراع والانقسام.
من جانبها، قالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل سيقلب رأسًا على عقب نحو 7 عقود من السياسة الخارجية الأمريكية، ويُحتمل أن يدمر جهود ترامب للتوسط من أجل إحلال السلام.
ورجّحت الصحيفة أن رغبة ترامب في اتخاذ مثل هذه المخاطرة تؤكد على مدى التقدم الضئيل الذي أحرزه مفاوضو السلام التابعين له، بقيادة صهره جاريد كوشنر، مشيرة إلى أنه منذ 6 أشهر عندما كان على ترامب أن يقرر ما إذا كان سيوقع على قرار لإبقاء السفارة في تل أبيب أقنع كوشنر الرئيس للقيام بذلك لصالح عملية السلام.
ولكن، منذ ذلك التوقيت، لم تُظهر جهود الإدارة أدلة تذكر على تضييق الاختلافات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وقال مسؤولون إن كوشنر والمبعوث الأمريكي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، جيسون جرينبلات، دعما قرار ترامب.
أما شبكة "بلومبرج"، فاستعرضت في تقرير القصة الكاملة لقرار ترامب وردود الأفعال الدولية المحذرة من تبعات هذا القرار، وأشارت إلى أن خطة ترامب لنقل السفارة إلى القدس تترك التفاصيل الرئيسة دون حل، في تحول مهم للسياسة الأمريكية يمكن أن يشعل غضب الحلفاء الرئيسيين.