«أواكس» فوق الكاريبي.. رسائل ضغط أمريكية وخيارات مادورو تضيق
في محاولة من إدارة دونالد ترامب لزيادة الضغط العسكري على فنزويلا، نشرت القوات الجوية الأمريكية نظام إنذار وتحكم محمولا جواً واحداً على الأقل من طراز «إيي -3 سينتري» (أواكس).
مقاتلة قادرة على توفير وظائف القيادة والسيطرة لقوة أمريكية أوسع بكثير، بما في ذلك القاذفات الاستراتيجية، وأجنحة الطائرات على حاملات الطائرات، والطائرات الأرضية، مع تبادل بيانات استهداف قيّمة مع جميع هذه الطائرات، بل وتوجيه صواريخها إلى أهدافها.
وتعد الطائرة ذات مدى أطول بكثير، وتضم أجهزة استشعار أكثر قوة، مما يجعل وجودها إضافة قيمة لأي هجوم محتمل تشنه القوات المسلحة الأمريكية، وفقا لما ذكرته مجلة "ميليتاري ووتش".
ومع ذلك تثور التساؤلات حول جدوى استخدام المقاتلة التي تعود لحقبة الحرب الباردة في العمليات الحديثة؛ إذ إنها مزودة برادارات غير فعالة في تتبّع الأهداف ذات المقطع الراداري المنخفض، خاصة في ظل التشويش الإلكتروني، كما أن عمر هياكلها قد حد من جاهزيتها بعد تزايد استهلاكها على مدار 4 عقود.
لكن رغم محدودية قدراتها فإنها كافية لمواجهة القوات الفنزويلية التي رغم تفوقها في أمريكا اللاتينية، لا تزال بعيدة كل البعد عن أحدث التقنيات، بحسب المجلة.
خيارات محدودة
ومع استمرار الحملة العسكرية والاقتصادية الأمريكية ضد فنزويلا، يبدو أن خيارات الرئيس دونالد ترامب باتت أضيق.
فبعدما أعلن تحقيق نجاحات شبه كاملة في وقف تهريب المخدرات عبر البحر والهجرة غير المشروعة، كشف ترامب عن مبرر جديد لتكثيف الضغط على كاراكاس، متهمًا فنزويلا بسرقة أصول ونفط وأراض أمريكية لتمويل أنشطة إجرامية.
وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي هدد ترامب بأن العمليات العسكرية البحرية، بما فيها ضرب قوارب يشتبه بتهريبها للمخدرات ومصادرة ناقلات النفط الفنزويلية، «ستتوسع إذا لم تتم إعادة هذه الأصول فورًا»، بحسب صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحملة العسكرية الأمريكية شهدت تصعيدًا ملحوظًا؛ إذ بلغ عدد الضربات البحرية 28 ضربة، وأسفرت عن مقتل أكثر من 100 شخص، بالتوازي مع إعلان ما يشبه «الحصار» على السفن الخاضعة للعقوبات التي تنقل النفط الفنزويلي.
واعتبرت «واشنطن بوست»، أن الإدارة الأمريكية لم تعد تُخفي أن هدفها يتجاوز مكافحة المخدرات والهجرة ليصل إلى إزاحة الرئيس الفنزويلي عن الحكم، بعدما صرح ترامب بأن «أيام مادورو معدودة»، دون أن يستبعد خيار الحرب.
وأكدت مصادر مطلعة أن إدارة ترامب تعتبر مادورو رأس شبكة إجرامية مصنفة «منظمة إرهابية أجنبية» ومتورطة في تهريب المخدرات والبشر.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، فإن الخيارات المتبقية أمام ترامب محدودة فإما: الانسحاب وإعلان نصر جزئي، أو المضي نحو تغيير النظام بالقوة.
خيار محفوف بالمخاطر
لكن «الغزو البري» يظل خيارًا محفوفًا بالمخاطر السياسية والعسكرية، خاصة لرئيس يرفع شعار «لا مزيد من الحروب»، ويفضّل حتى الآن الضربات الجوية والبحرية عن بعد.
ويوم الثلاثاء، قال إليوت أبرامز، المبعوث الخاص لترامب في ولايته الأولى إلى فنزويلا، في بودكاست «مدرسة الحرب»: «أتصور أنه في غضون شهر أو شهرين، سيعلن الرئيس النصر بحجة انخفاض تهريب المخدرات عبر البحر بشكل كبير.. لكن إذا نجا مادورو وانسحب ترامب، فستكون هزيمة».
وفي حين عارض بعض أعضاء الكونغرس بشدة استمرار العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ دون موافقة تشريعية، دعا آخرون ترامب إلى التحرك بحزم أكبر مثل السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي أكد أن استعراض القوة دون إسقاط مادورو يعد خطأ استراتيجيًا.
وترتبط سياسة ترامب تجاه فنزويلا باعتبارات داخلية وإقليمية أوسع مع تركيز استراتيجية الأمن القومي الجديدة على نصف الكرة الغربي، وعلى مكافأة الدول الملتزمة بسياسات «أمريكا أولًا» ومعاقبة الدول غير الملتزمة.
ويلعب وزير الخارجية ماركو روبيو، المعروف بمواقفه المتشددة تجاه الأنظمة اليسارية في أمريكا اللاتينية، دورًا مؤثرًا، إذ يرى كثيرون أن إضعاف فنزويلا سيؤدي إلى خنق النظام الكوبي المعتمد عليها نفطيًا.
مواقف مختلفة
كما يبرز دور ستيفن ميلر، مهندس سياسات الهجرة المتشددة، الذي يصور المهاجرين الفنزويليين كتهديد أمني، متهمًا مادورو بإرسال عصابات إجرامية إلى الولايات المتحدة.
ويختلف موقف ترامب الحالي عن نهجه في ولايته الأولى، حين أبدى تعاطفًا نسبيًا مع الفنزويليين الفارين من الأزمة الاقتصادية والسياسية، واعترف بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيسًا شرعيًا، مع فرض عقوبات وإرسال قطع بحرية أقل حجمًا قبل أن يتراجع عن خيار التدخل العسكري المباشر بفعل معارضة قيادات عسكرية وأمنية.
ومع عودته للبيت الأبيض، أنهى ترامب الحماية المؤقتة للمهاجرين الفنزويليين وبدأ عمليات ترحيل واسعة، وتخلى عن مسار التفاوض واختار التصعيد العسكري، رغم أن فنزويلا ليست مصدرًا للفنتانيل، بل مجرد دولة عبور للكوكايين في حين يرى مسؤولون أن استهداف كاراكاس يحمل رسالة ردع لدول أخرى كالمكسيك وكولومبيا.
والآن تقف إدارة ترامب عند مفترق طرق حاسم بين التصعيد الشامل أو الاكتفاء بإنجازات جزئية قد تتحول إلى هزيمة سياسية إذا بقي مادورو في السلطة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA==
جزيرة ام اند امز