في الوقت الذي يطمح قادة العالم لزيارة البيت الأبيض، للجلوس مع الرئيس الأمريكي، تجده هو بمنزلته في الشأن العالمي يزور دول الخليج، ويتحدث عن محورية هذه العلاقات وأهميتها للولايات المتحدة، بل يستمر في أكثر من مناسبة بوصف قادتها بالقادة العظام.
من المؤكد أن ترامب "الباحث عن الصفقات" لن يزور دولا لا ناقة لها في الاقتصاد ولا جمل، ولن يخرج من زيارة السعودية، والإمارات وقطر إلا باتفاقيات مليارية يملئ بها جيب الولايات المتحدة وجيبه كذلك.
لكن ألا يجب الالتفات نحو الفوائد التي تجنيها دولنا الخليجية من هذه الزيارة؟ هل ننظر إلى نصف الكوب أم الكوب بكامله؟ نصف الكوب يقول إن الولايات المتحدة استفادت، لكن باقي الكوب يقول إن الخليج حقق خرقًا في مجالات التكنولوجيا والشؤون الدفاعية، والدبلوماسية، إضافة إلى تصريحات ترامب المؤكدة لمحورية الدور الخليجي، وكذلك رغبته في إنهاء الحرب في غزة.
إن دونالد ترامب بزيارته، أعاد تشكيل موقف الولايات المتحدة مرةً اخرى، بعد أن مارس بايدن الكثير من المواقف الازدواجية.. وألقى بثقل الولايات المتحدة في أوكرانيا والمحيط الهادئ.
بينما ترامب، وهو رجل الصفقات.. يدرك أن الكثير منها لا تمر إلا من خلال دور خليجي، لذا أعطى ظهره للحلفاء الغربيين، وتوجه مباشرةً إلى هنا.
إن دور الخليج لربما لم يستوعبه الكثيرون، في حفظه لأمن المنطقة، وكذلك العالم من خلال ثقله الدبلوماسي، وثقة المجتمع الدولي فيه كوسيط خلال الأزمات.. وهذا الفارق يدركه دونالد ترامب، إذا ما نظرنا في الفترة بين زيارته الأولى للمنطقة، وزيارته التي تتم في هذه الأيام.
لو نظرنا إلى الصورة من بعيد قليلًا، ستجد أن الطاقة ثلثها من منطقة الخليج، والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يستثمر فيها بشكل كبير جدًا من دول الخليج، والدبلوماسية تلعب دول الخليج دورًا محوريًا فيها والأمثلة في مبادرات السلام بين أوكرانيا وروسيا أو تبادل الأسرى، أو المحادثات الأمريكية الروسية، أو التهدئة بين الهند وباكستان، أو محاولات فض الاشتباك والاقتتال في أفريقيا.. جميعها ملفات تتوسط فيها دول الخليج، لا حلفاء الولايات المتحدة التقليديين "أوروبا".. وهذا ما جعل دونالد ترامب يعطيهم ظهره، ويلقي بكل ثقله على الخليج.
لذا، نتفهم بغض أولئك الذين يرون في زيارة ترامب نصف الكوب، ويغضون الطرف عن كامله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة