ترامب ومساعي عزله.. بطل نزال في "أولمبياد واشنطن"
متابعون يرون أن المشهد بالنسبة لترامب يشبه إلى حد كبير جولات المصارعة العالمية التي يحب مشاهدتها
رغم الأضرار "المعنوية" التي قد يتكبدها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جراء محاولات عزله، فإن عشق الرجل للتحديات يفتح أمامه بوابة الانتصار على مصراعيها.
مقاربة صعبة بالنسبة لمطور عقاري ثري، ونجم تلفزيون الواقع الأكثر شهرة، والرجل الذي يعتبر اسمه علامة تجارية تباع مقابل ملايين الدولارات حول العالم.
ووفق المقربون من الرئيس الأمريكي، فالرجل قادر على الخروج من تداعيات تلك المعضلة التي قد تتسبب فيه الإجراءات التي يقودها الديمقراطيون بمجلس النواب ضده، بهدف عزل لن يتم إقراره أبدا في مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه الجمهوريون.
أولمبياد مصارعة
ويرى متابعون أن المشهد بالنسبة لترامب يشبه إلى حد كبير جولات المصارعة العالمية التي يحب مشاهدتها، فالأمر يبدأ عنده باستفزاز الخصم حد إثارة غضبه، وإجباره على ارتكاب الأخطاء، وهذا ما يمنحه الثغرات اللازمة للانقضاض عليه وتحقيق النصر.
ومن المتوقع أن يصوّت الديمقراطيون في مجلس النواب، الأربعاء، لصالح عزل ترامب، في قرار من المتوقع أن يتم إسقاطه عند المرور للتصويت عليه بمجلس الشيوخ.
وفي حديث نقله إعلام فرنسي، اعتبر ريتش هانلي، أستاذ الاتصالات في جامعة كوينيبياك الأمريكية، أن "هذه اللحظة مثالية لشخص مثل ترامب".
واعتبر هانلي أن ترامب يقوم في البداية بشيطنة الخصم مستخدما تعابير مثل "الخيانة" و"الخداع" و"الجنون" و"المرض"، ثم يعلن انتصاره ويحوله لدعاية انتخابية في حملته من أجل الفوز بولاية ثانية 2020.
وأشار إلى أنه "شاهد في السابق الخط الروائي لهذه الحلقة من عرض ترامب".
ترامب جاهز
قائمة طويلة من الاتهامات بالتحرش الجنسي لاحقت ترامب، وفضائح بالجملة لا يبدو أنها أثرت على القاعدة الشعبية والانتخابية للرئيس الأمريكي.
سلسلة الاتهامات والفضائح يبدو أنها منحت ترامب حصانة، ومضادا حيويا ضد الهزات التي تستهدفه، ليأتي إلى محنته الحالية بجاهزية تامة وبشكل فريد من نوعه.
فلقد تمكن من تجاوز اتهامات بالتحرش الجنسي من أكثر من عشر نساء، وصمد بوجه تحقيق استمر لعامين قاده المدعي الخاص روبرت مولر لإثبات ما إن كان ترامب تلقى مساعدة من روسيا بعلمه أو من دون علمه.
تملص من كل الاتهامات باستخدام منصبه لإفادة امبراطوريته العقارية، بما في ذلك إنزال أفراد من القوات الجوية في ناديه للغولف في اسكتلندا ونائب الرئيس مايك بنس في منتجعه الايرلندي.
ولم يكتف ترامب بذلك، وإنما يكيل الشتائم يوميا لخصومه، ملقيا بتسونامي من الاتهامات التي يعجز حتى المحققون عن إثباتها أو التدقيق في صحتها.
داخل اللعبة
يظن البعض أن العزل يعني طرد الرئيس من منصبه بشكل مباشر، لكنه في الواقع نوع من المحاكمة التي قد تؤدي إلى الإطاحة بالرئيس الأمريكي عن طريق الكونجرس، وتتم من خلال غرفتي البرلمان.
وفي تاريخ الولايات المتحدة، حرك مجلس النواب اجراءات العزل بحق اثنين من الرؤساء، وهما أندرو جونسون عام 1868، وبيل كلينتون عام 1998، لكن مجلس الشيوخ برأهما.
لكن أكثر ما يلفت النظر في الوضعيات المقارنة بين الرئيسين المذكورين، وخصوصا كلينتون، وترامب، هو الاختلاف الجذري في طريقة التعامل مع الأمر.
وبدلا الانكفاء، يجمع ترامب الحشود في المهرجانات ويثيرهم بالحديث عن "المطاردة" التي يتعرض لها، ثم يعيد نشر تغريدات تعبر عن غضبه عشرات المرات في اليوم، حتى أنها بلغت في أحد الأيام إلى 100 تغريدة في يوم واحد.
آلان ليتشمان، أستاذ التاريخ في الجامعة الأمريكية اعتبر أن "نيكسون وكلينتون أبقيا نفسيهما خارج العملية، ترامب أقحم نفسه داخلها بشكل متكرر".
وأضاف أن ترامب "يمتلك العملية بالمطلق"، لافتا إلى أن هذا التكتيك ينطوي على مخاطرة كبيرة وربما يحمل مكاسب أكبر، لكنه يلائم الانقلاب الذي أحدثه ترامب في واشنطن.
ووفق ليشتمان في تصريحات إعلامية، فإنه بعد "تحطيم" كل القواعد الأخرى، يكرر ترامب الآن الأمر نفسه بشأن اجراءات عزله دون أن يترك لحزبه الجمهوري أي خيار آخر سوى الدفاع عنه حتى النهاية.
انسياق يرجعه المحلل إلى أن ترامب يشكل الورقة الوحيدة المتبقية لدى الجمهوريين، وهذا ما يجعل كل تلك الفوضى المطبقة على واشنطن بعيدة كل البعد عن ترامب الذي يتقن فن الإفلات من الاتهامات، ويظهر في كل لحظة في أوج حيويته.