«تحالف أزمة» في الغرب.. احتواء ترامب وتجاوز المؤسسات المنقسمة

لم يعد الغرب كلا متماسكا كما اعتاد عليه العالم، بل أن مؤسساته الرئيسية ضربها انقسام المواقف، ما حرك رياح تحالفا جديدا في باريس.
وبرز التحالف الجديد من الدول الغربية، للتعامل مع أكبر أزمة أمنية تضرب أوروبا منذ عقود، بعد أن قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بـ"مواءمة" مصالح الولايات المتحدة مع مصالح الكرملين، عبر شن هجوم لاذع ضد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي وصفه بـ”الديكتاتور“، وفق مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
ويتألف التجمع الجديد من جميع الدول التي كانت تعتبر نفسها في يوم من الأيام حليفة للولايات المتحدة، ولا يمكن المساس بها، ولكنها الآن تشكك في أسس تلك العلاقة مع احتضان واشنطن لروسيا وتصعيد هجماتها ضد حلفاء حلف شمال الأطلسي "الناتو".
وأمس، عقد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، اجتماعًا مع قادة التحالف، الذين شارك معظمهم عبر الفيديو، حول كيفية الرد على "نظام ترامب العالمي الجديد".
تشكيل التحالف
وبدأ التحالف في التبلور هذا الأسبوع في أعقاب مؤتمر ميونخ، للأمن عندما دعا ماكرون عددًا صغيرًا من الدول ذات التفكير المماثل إلى اجتماع في باريس، الإثنين الماضي، لمناقشة تداعيات تقارب واشنطن وموسكو.
وبحلول أمس الأربعاء، اتسعت تلك المجموعة الأولية - المؤلفة من قادة فرنسا والمملكة المتحدة وبولندا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا والدنمارك، بالإضافة إلى رؤساء حلف شمال الأطلسي والمفوضية الأوروبية والمجلس الأوروبي، لتضم 19 دولة بما في ذلك كندا. كما حضرت دول من خارج الاتحاد الأوروبي مثل النرويج وأيسلندا.
وبصفته مضيفًا لمحادثات أمس الأربعاء، رد ماكرون على ترامب وأصر على أن "روسيا هي التي بدأت الحرب، وليس زيلينسكي"، كما ادعى ترامب.
وقال الرئيس الفرنسي إن المجموعة الجديدة سعت إلى إشراك أوكرانيا في محادثات السلام، وأصرت على الحاجة إلى ضمانات أمنية لكييف.
والأهم من ذلك، قال ماكرون إنه من غير المقبول أن تتفاوض الولايات المتحدة وروسيا فوق رؤوس القادة الأوروبيين، مشددا على أن ”المخاوف الأمنية للأوروبيين يجب أن تؤخذ في الاعتبار“.
في هذا السياق، قال لوك فان ميدلار، المدير المؤسس لمعهد بروكسل للجغرافيا السياسية: ”هناك بعد أيديولوجي لهذه المجموعة“، مضيفا: ”حقيقة أننا نتحدث بهذا الشكل بعد أسبوع واحد من المكالمة الهاتفية بين ترامب وفلاديمير بوتين، هي علامة على مدى سرعة تغير الأمور في العالم“.
لماذا الهيكل الجديد؟
وتتداخل قائمة المشاركين إلى حد كبير مع عضوية حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي، ولكن مع بعض الاختلافات الرئيسية. فالولايات المتحدة ليست جزءًا من التحالف الجديد، وكذلك المجر وسلوفاكيا الحليفتان لروسيا. ولا تركيا، على الرغم من أن العديد من المعلقين قد دعوا إلى إشراك أنقرة في المحادثات المستقبلية.
في السابق، كان حلف الناتو تقليديًا هو المنتدى المفضل لأي نقاش يتعلق بالتحديات الأمنية الكبرى التي تواجه الدول الغربية، وليس أقلها الحرب الأوكرانية. ولكن في أعقاب احتضان ترامب لموسكو وهجماته المتصاعدة على زيلينسكي، تتشبث الدول الغربية بكيانات جديدة.
وعن ذلك، قال فان ميدلار إنه ينبغي مقارنة صيغة باريس بـ ”وحدة الاستجابة للأزمات“.
وأضاف: ”عندما تقع أزمة، يكون لديك دائمًا دوائر داخلية رسمية أو غير رسمية“، موضحا: ”في مثل هذه الحالات، عليك أن توازن بين الرغبة في الشمولية والحاجة إلى اتخاذ إجراءات سريعة".
وبالفعل، فإن ظهور مجموعة باريس، إلى جانب صيغة ”فايمار“ (المكونة من باريس وبرلين ووارسو)، أو مجموعة دول الشمال الأوروبي ودول البلطيق، يؤكد فشل صيغ الاتحاد الأوروبي في معالجة حجم الأزمة.
وفي العادة، يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي الـ 27 معًا في المجلس الأوروبي لمعالجة التحديات المشتركة. لكن رئيسه أنطونيو كوستا، امتنع حتى الآن عن الدعوة إلى عقد اجتماع بهذه الصيغة، لأنه غير متأكد من قدرته على إظهار نتائج ملموسة، وفقًا لدبلوماسيين اثنين من الاتحاد الأوروبي تحدثا لـ"بوليتيكو".
وبدلاً من عقد قمة أوروبية، اجتمع سفراء الاتحاد الأوروبي مرتين هذا الأسبوع للحديث عن إرسال أسلحة إلى أوكرانيا وتعزيز الدفاع.
aXA6IDE4LjE5MS4yMzguMjIg جزيرة ام اند امز