القدس والسفارة الأمريكية.. العالم يتسابق لكبح قرار ترامب
ردود أفعال عربية ودولية غاضبة ومحذرة من الخطوة الأمريكية الخاصة بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة
أعلن البيت الأبيض، أمس، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أجّل الإعلان عن قرار منتظر حول نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.
غير أن مراقبين يتوقعون أن يعلن ترامب، خلال خطاب مقرر غداً، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وفي حال إقرار تلك الخطوة فإنه سيخرج عن موقف مشترك للمجتمع الدولي وعقود من السياسة الأمريكية.
ليلة الاتصالات الطويلة
اتصال تلو الآخر من الرئيس الأمريكي لعدد من القادة والزعماء في المنطقة العربية، أبلغهم عن نيته نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة.
وجاءت ردود الأفعال غاضبة ومحذرة من تلك الخطوة التي تنسف أي جهود للوصول إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.
حيث بعث العاهل المغربي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، رسالة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن "مدينة القدس تشكل أهمية قصوى ليس فقط بالنسبة لأطراف النزاع بل لدى أتباع الديانات السماوية الثلاث".
مؤكداً أن خطوة نقل السفارة الأمريكية إلى القدس "خطوة ستؤثر سلبا على آفاق إيجاد تسوية عادلة وشاملة للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي".
كما وصفت دولة الإمارات العربية المتحدة الإقدام على الخطوة الأمريكية بالمخالفة للقرارات الدولية إلى جانب كونه إخلالا كبيرا بمبدأ عدم التأثير على مفاوضات الحل النهائي.
وأكدت المملكة العربية السعودية أن القرار يخالف القرارات الدولية، واتفقت معها في ذلك الأردن والعراق وفرنسا.
نبذة تاريخية
في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، أقرت الأمم المتحدة خطة لتقسيم فلسطين إلى دولتين، ووضع القدس تحت السيطرة الدولية.
وافق زعماء الحركة الصهيونية آنذاك على الخطة بينما رفضها القادة العرب، ما أدى إلى اندلاع العنف بين الجانبين.
وبعد انتهاء الانتداب البريطاني أعلن في 1948 قيام دولة إسرائيل، وإعلان القدس الغربية عاصمة لها، بينما بقيت القدس الشرقية تحت سيطرة الأردن.
عام 1967 احتلت إسرائيل القدس الشرقية وأعلنتها عاصمتها في 1980 في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي وضمنه الولايات المتحدة.
موقف الولايات المتحدة
أقرّ الكونجرس الأمريكي في عام 1995 قانونا ينص على "وجوب الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل"، ويطالب بنقل السفارة إلى القدس.
ورغم أن قرار الكونجرس ملزم، لكنه يتضمن بندا يسمح للرؤساء بتأجيل نقلها 6 أشهر لحماية "مصالح الأمن القومي".
وقام الرؤساء الأمريكيون المتعاقبون بيل كلينتون وجورج دبليو بوش وباراك أوباما بصورة منتظمة بتوقيع أمر تأجيل نقل السفارة مرتين سنويا، معتبرين أن الظروف لم تنضج لذلك بعد، كما فعلها ترامب يونيو/حزيران الماضي.
وكان ترامب تعهد في حملته الانتخابية بنقل السفارة، لكنه قام بالتأجيل في يونيو/حزيران الماضي من أجل "إعطاء فرصة" أمام السلام.
المجتمع الدولي
لم يتغير موقف المجتمع الدولي منذ عقود، لا تعترف الأمم المتحدة باحتلال وضم القدس الشرقية، وتعتبرها منطقة محتلة، وتعتبر القانون الإسرائيلي لضم القدس عام 1980 مخالفا للقانون الدولي.
ويؤكد المجتمع الدولي أن الوضع النهائي للقدس يجب أن يتم التفاوض عليه بين الطرفين.
ويدعو قرار الأمم المتحدة رقم 478 الصادر عام 1980 كل الدول التي لديها تمثيل دبلوماسي في القدس إلى سحب بعثاتها من المدينة.
قبل ضمّ القدس الشرقية عام 1980، كانت هناك سفارات لـ13 دولة في القدس: بوليفيا وتشيلي وكولومبيا وكوستاريكا وجمهورية الدومينيكان والإكوادور والسلفادور وجواتيمالا وهايتي وهولندا وبنما والأوروجواي وفنزويلا.
وقامت هذه الدول بعدها بنقل سفاراتها إلى تل أبيب حيث توجد سفارات الدول الأخرى.
الاتصالات الفلسطينية
كثف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مطلع الأسبوع الجاري، اتصالاته عربياً ودولياً، شملت عدداً من زعماء العالم، أطلعهم خلالها على ما تتعرض له مدينة القدس من مخاطر، وما هو المطلوب من أجل حماية مقدساتها.
وأكد ضرورة العمل الفوري من أجل منع إمكانية حدوث الإجراءات الأمريكية حول نقل سفارتها إلى القدس المحتلة، وضرورة عدم اتخاذ أية مواقف تجحف بنتائج مفاوضات الحل النهائي سلفاً، وضرورة التحرك على كل المستويات من أجل ضمان ذلك.