منذ قدوم "تراس".. كيف فقدت الأسواق البريطانية 500 مليار دولار؟
بنى المجتمع البريطاني آمالًا كبيرة على "ليز تراس" لإنقاذ الاقتصاد من أزمات أغرقها فيه "بوريس جونسون"، لكن يبدو أن المشهد زاد تعقيدًا.
خسائر فادحة بوقت قياسي
سرعان ما بددت الأسواق آمال الإنقاذ على المدى القريب؛ حيث فقدت أسواق الأسهم والسندات البريطانية 500 مليار دولار على الأقل من قيمتها السوقية الإجمالية منذ تولي "ليز تراس" منصب رئيسة وزراء بريطانيا.
الخسائر القياسية التي منيت بها الأسواق البريطانية جاءت متزامنة مع السياسات المالية الجديدة لحكومة "تراس"؛ إذ عززت تلك السياسات المخاوف بشأن ارتفاع التضخم والاقتراض في الوقت الذي تتزايد فيه أسعار الفائدة سريعًا.
ومنذ 5 سبتمبر/أيلول 2022؛ فقد كل من مؤشر "فوتسي 350"، و"فوتسي 100" و"فوتسي 250" أكثر من 300 مليار دولار من قيمتها السوقية، وفق بيانات نشرتها وكالة بلومبرج للأنباء.
فاتورة باهظة للتخفيضات الضريبية
كما خسر مؤشر السندات الحكومية البريطانية أكثر من 160 مليار استرليني (173 مليار دولار) في تلك الفترة أيضًا، وفقدت السندات الاستثمارية المقومة بالاسترليني 29 مليار دولار.
يذكر أن عائد السندات البريطانية لأجل 10 سنوات تجاوز مستوى 4% أمس، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2010، بعد تعهد وزير المالية البريطاني "كواسي كوارتنج" بالمزيد من التخفيضات الضريبية.
هبوط تاريخي للاسترليني.. وارتداد "خافت"
وفي وقت سابق من تعاملات جلسة اليوم الثلاثاء، ارتفع الجنيه الإسترليني لكن تعاملاته بنيت في الغالب على الأمل وجني الأرباح وارتفاع العائدات البريطانية، مما ترك التجار في حالة قلق بخصوص التداعيات الأوسع لانخفاضه القياسي.
فمع تراجع الدولار، ارتفع الجنيه الإسترليني بنسبة واحد بالمئة في آسيا إلى 1.0805 دولار وارتفع بنسبة خمسة بالمئة تقريبا عن أدنى مستوى سجله أمس عند 1.0327 دولار. وارتفع اليورو بنسبة 0.5% كما ارتفع الدولار الأسترالي بنسبة 0.75%.
وقدم بنك إنجلترا وعدا مُسكنا إلى حد ما بمراقبة الأسواق ورفع الفائدة إذا لزم الأمر، وسينصب الاهتمام على ظهور كبير الاقتصاديين بالبنك المركزي، هوو بيل، في اجتماع لجنة السياسات النقدية.
وأدى صعود الجنيه الإسترليني إلى تقليص معظم خسائر أمس، لكن كي جاو، محلل العملات في "سكوتيا بنك" في سنغافورة قال إنه قد يكون "قصير الأجل". ولا يزال الإسترليني منخفضا بنسبة 20% هذا العام على خلفية قوة الدولار.
وكان الاسترليني قد انخفض إلى أدنى مستوى له على الإطلاق مقابل الدولار الأمريكي عند 1.035 دولار يوم الاثنين 26 سبتمبر/أيلول 2022، متراجعًا بأكثر من 4٪.
وجاء التراجع غير المسبوق للعملة بعد إعلان وزير الخزانة البريطاني كواسي كوارتنج يوم الجمعة أن المملكة المتحدة ستفرض أكبر تخفيضات ضريبية منذ 50 عامًا في نفس الوقت الذي تعزز فيه الإنفاق.
وقد تم انتقاد الإجراءات المالية الجديدة لخفض الضرائب، والتي تشمل إلغاء خطط زيادة ضرائب الشركات وخفض الحد الأقصى لمكافآت المصرفيين، من قبل حزب العمال المعارض، وحتى تم انتقادها من قبل أعضاء حزب المحافظين.
تأثر الجنيه الاسترليني بسلسلة من البيانات الاقتصادية الضعيفة، ولكنه تأثر أيضًا بالصعود الحاد للدولار الأمريكي، الذي أصبح بمثابة استثمار آمن يشهد تدفقات داخلية في أوقات عدم اليقين.
وتدل التوقعات الاقتصادية في المملكة المتحدة على أن الجنيه الاسترليني يعاني أكثر من غيره، في ظل أزمة الطاقة الكارثية وأعلى معدل تضخم بين دول مجموعة السبع.
لقد كان أدنى مستوى قياسي سابق للجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي قبل 37 عامًا في 25 فبراير 1985، عندما كان الجنيه الواحد يساوي 1.054 دولار.
aXA6IDMuMTQxLjQyLjQxIA== جزيرة ام اند امز