تراس تغادر من الباب الخلفي.. أقصر مدة حكم في تاريخ بريطانيا
سلسلة من المشكلات والأزمات في شهرين فقط صنعت أقصر مدة لرئيس وزراء في بريطانيا، ودفعت ليز تراس للخروج من الباب الخلفي.
وفي وقت سابق من اليوم، أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية، تراس، استقالتها، وأكدت أنها "لا تستطيع الوفاء بالتزاماتها في ظل الظروف الحالية"، لتصبح رئيسة الحكومة الأقصر خدمة في تاريخ بريطانيا (٤5 يوما).
ويبدو أن تراس البالغة من العمر 47 عاما، تخلت عن سمعتها الطويلة في "كراهية الخسارة"، وتعهدها أمس بـ"القتال وعدم الانسحاب"، تحت وطأة ضغوط كبيرة من داخل حزبها الحاكم.
الضغط الأكبر جاء من النائب المحافظ البارز كريسبين بلانت، صباح اليوم، إذ قال إن ليز تراس تفتقر إلى "المعرفة الذاتية"، لتدرك أنها "لم تكن لديها القدرة" بالأساس على أن تكون رئيسة للوزراء، وطالبها بالاستقالة.
لكن الضغوط على تراس المولودة في أكسفورد لعائلة يسارية، لم تكن فقط من داخل نخبة الحزب، بل من القواعد الشعبية والمحافظة.
فرئيسة الوزراء المستقيلة أصيبت بجروح بالغة من عدة أزمات متتالية ما ضرب مصداقيتها، وبات 10% فقط من الناخبين يوافقون على قيادتها للحكومة.
فيما عبر 80% من الناخبين البريطانيين عن وجهة نظر سلبية عن تراس، وهي نتيجة أسوأ بكثير حتى من بوريس جونسون عندما استقال قبل أشهر.
وداخل الحزب الحاكم، عبر 55% من مؤيديه عن رغبتهم في خروج تراس من السلطة، وفق استطلاع رأي نشر قبل أيام ونقلته وسائل إعلام بريطانية.
الضغوط على تراس في الأيام الأخيرة، وصلت إلى حد تدشين صحيفة ديلي ستار البريطانية، بثا مباشرا على اليوتيوب، في صورة تحدي صمود بين رئيسة وزراء بريطانيا "ورأس خسة (نبات)".
ظروف صعبة
لكن السيدة التي رٌبطت قبل أسابيع فقط بمارجريت تاتشر المرأة الحديدية في السياسة البريطانية، تولت منصبها وسط ظروف صعبة للغاية، إذ توفيت الملكة إليزابيث الثانية في غضون أيام قليلة.
كما فاقم ملف الإشراف على انتقال السلطة إلى الملك الجديد، تشارلز الثالث، التحديات الشائكة التي تواجه الحكومة، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا والتهديد الاسكتلندي بالانفصال، فضلاً عن أزمات الطاقة والتضخم الحادة.
تسرع تراس أو ما وٌصف صحفيا بـ"تكتيكات الصدمة والرعب"، دفع حكومتها قبل أسابيع لعرض ميزانية مصغرة تتضمن تخفيضات ضريبية وامتيازات للطبقات الأكثر ثراء، ما حرك عاصفة انتقادات وتراجعا في معدلات الاقتصاد على حد سواء.
ولم تستطع تراس التعاطي مع هذا الخطأ بشكل فعال، واكتفت في النهاية بإقالة وزير المالية، كواسي كوارتينج بعد 38 يوما فقط في المنصب.
وتفاقمت أزمة الحكومة ورئيسة الوزراء أمس، مع الإعلان عن استقالة وزيرة الداخلية البريطانية، سويلا بريفرمان، بسبب خرق أمني واضح يتعلق بإرسال وثائق عبر بريدها الإلكتروني.
"فشل غير معتاد"
السياسية المحافظة التي لعبت على التحولات الكبرى من أجل صنع قفزات مفاجئة، فتركت الديمقراطيين الليبراليين من أجل الحزب المحافظ، ومن تأييد البقاء في الاتحاد الأوروبي لتأييد الخروج، لم تنجح في صياغة تحول جديد يبقيها في منصبها الأرفع.
كما أن تقليد تراس للسياسية الراحلة المحبوبة في الحزب تاتشر، من خلال الملابس والمظهر الخارجي مثل ارتداء قبعة من الفرو، لم يشفع لها أيدا داخل الحزب الذي كان أول من انقلب عليها ووضعها في الزاوية.
وتعد استقالة تراس، اليوم، الخيار الآمن لحزب المحافظين، الذي يجنبه انتخابات عامة يمكن أن يخسرها بنسبة ساحقة في ضوء نتائج استطلاعات الرأي، ويبقيه في الحكم عبر اختيار رئيس وزراء جديد، وفق مراقبين.
aXA6IDE4LjExNi4xNC40OCA=
جزيرة ام اند امز