"توك توك" لبنان.. باب رزق بما يخالف القانون
حضر "التوك توك" مؤخرا بقوة في لبنان، هذه المركبة التي لطالما التصقت بالفوضى والفقر، أضحت باباً للارتزاق يحمي صاحبه من البطالة.
واستغل العديد من الشبان رخص ثمن هذه الآلية، حيث تباع بين 2300 دولار، و3500 دولار أمريكي، كما أن مصروفها للوقود قليل جداً لتكون باب رزق، فتحولت مطعماً صغيرا، وكافيتريا متنقلة، وسيارة ديليفري، وتاكسي.
انتشر "التوك توك" بشكل كبير في مناطق محافظة البقاع اللبناني، والشمال حيث الوضع الاجتماعي متردياً إضافة إلى الطابع القروي لهذه المناطق ما يسمح بتحرك هذه الآلية بالشوارع والحارات الضيقة، ويبعد عنها شبح الملاحقات القانونية التي عادة تكون مشددة بالمدن بعكس القرى.
دليفري وتاكسي
العديد من القصص ترافق "التوك توك"، وأغلبها تتشابه، محمد الضايع من قرية كفريا الصغيرة في البقاع الغربي، يخبر "العين الإخبارية" أنه كان يعمل في طلاء المنازل، لكن مع الأزمة الاقتصادية وانتشار فيروس كورونا ضعف عمله بشكل كبير وأصبح عاطلاً عن العمل.
وقال: "كان لدي دراجة نارية أتنقل بها، بعتها واستدنت مبلغاً من المال وقررت الاستثمار في التوك توك، وضعت صورة على صفحتي عبر فيسبوك مع رقم هاتفي فتجاوب أهل قريتي، وأصبحت أعمل بخدمة توصيل الأغراض للمنازل".
وأضاف: "ومن بعدها أصبحت استعمله كسيارة تاكسي للقرى المجاورة القريبة بسعر يبلغ ربع السعر الذي تتقاضاه سعر سيارة التاكسي، ثم لنقل العمال إلى المشاريع باعتبار منطقتنا منطقة زراعية".
وعن التسعير، أوضح أن ذلك يعتمد على نوعية الطلب، فإذا كان مثلاً توصيل حاجة بسيطة إلى المنزل كبعض الأغراض أو الخضار إلى المنزل، أعتمد على كرم صاحب المنزل، أما نقل العمال أو توصيل الأشخاص فبحسب المسافة وهي تتراوح بين ألفين ليرة وخمسة آلاف ليرة.
وأكد "الضايع" أن هذه الآلية انتشلته من البطالة والفقر الذي كان يمر وفتحت أمامه أبواب حتى في عمله الأصلي، فقد دخلت إلى أغلبية المنازل في قريتي وأصبحت تجمعني بهم علاقات.
"الضايع" راض عن عمله الجديد، ويقول: "صحيح أن لا دخل ثابت فهي تعمل كل يوم بيومه، فيمكن أن تحصل في يوم واحد على مئة ألف ليرة لبنانية ويوم آخر لا تعمل، لكن بالمجمل أمن لي مورداً مقبولاً وأبعد عني شبح العوز وهذا أكثر من كاف في الظروف التي نعيش بها".
قهوة متنقلة
لـ"حامد" في منطقة سعد نايل البقاعية قصة أخرى مع "التوك توك"، كان يملك محلاً صغيراً للقهوة، ولكن بعد انهيار سعر الصرف قرر المالك رفع بدل الإيجار بشكل كبير، وكان يدفع 250 ألف ليرة كبدل شهري، وبحسب صاحب المحل كان يعادل 175 دولاراً أما اليوم فقيمتهم أقل من 20 دولاراً بما لا يناسبه، وطالبه بدفع 750 ألف ليرة كبدل شهري، ما دفعه إلى ترك المحل وبالتالي إغلاق باب رزقه، ويقول: بدأت أرى عدد من "التكاتك" في المنطقة فخطرت ببالي الفكرة، فلماذا لا يكون قهوة متنقلة؟ وهكذا جرى.
ويضيف: بعت قطعتين من الذهب كنت أملكهما، واشتريت "توك توك"، وضعت عليه آلة صنع القهوة، وأصبحت أجول بين الأحياء وقرب التجمعات، وفي باحة المسجد أوقات الصلاة، مشيراً إلى أن الأمور سارت بشكل جيد، لكنه. يشتكي من ملاحقة السلطات.
لا حلول قانونية
ورغم الانتشار بشكل كبير جداً يبدو أن لا يوجد حلول قانونية في القريب المنظور لاستصدار قوانين ترعى سير هذه الآلية، فهذا الأمر بحاجة إلى مشروع قانون من وزارة الأشغال والنقل يٌقدم إلى مجلس النواب ويدرس في اللجان النيابية لتقره الهيئة العامة، وهذه الإجراءات تحتاج إلى وقت طويل في لبنان في ظل البطء في التعاطي مع القوانين، أضف إلى ذلك أن حكومة لبنان مستقيلة والوزراء بمهمة تصريف الأعمال، وتشكيل حكومة جديدة لا زال متعذراً والمسؤولين مشغولين بالأزمة الاقتصادية وبالقوانين المالية.
رئيس اتحاد نقابات قطاع النقل البري بسام طليس قال لـ"العين الإخبارية"، إنه ليس هناك من قانون رسمي وواضح ينظم عمل أي آليه في السير العام، فـ"التوك توك" مخالف، وبالتالي على القوى الأمنية مباشرة توقيفها من دون طلبنا.
وكشف أنهم كنقابة قدموا اعتراضاً لدى وزارة الداخلية وتم الاتفاق على صدور قرار من المحافظين في المناطق يمنع سير الـ"توك توك" على الخط العام، كما يمنعها من نقل الركاب وبتغريم كل من ينقل الركاب بواسطتها.
aXA6IDMuMTQyLjIxMC4xNzMg جزيرة ام اند امز