تونس والمغرب.. الفقر والبطالة يقودان "احتجاجات الريف"
احتجاجات متصاعدة قادها الشباب في مناطق ريفية بتونس والمغرب خلال الأسابيع الماضية، وتشابهت الاحتجاجات في التوقيت والأسباب.
احتجاجات متصاعدة قادها الشباب في مناطق ريفية بتونس والمغرب خلال الأسابيع الماضية، وتشابهت الاحتجاجات والمظاهرات التي شهدتها مدينة تطاوين جنوب تونس، ومدينة الحسيمة الواقعة شمال شرق المغرب، في التوقيت، والأسباب التي تؤكد على سوء الأوضاع الاقتصادية وزيادة أعداد البطالة وارتفاع معدلات الفقر بالمناطق الريفية بالبلدين.
وفي تونس اندلعت احتجاجات ومظاهرات بمنطقة تطاوين، من قبل الشباب التونسيين، مطالبين بضرورة توفير فرص عمل مناسبة لهم، وإتاحة الفرص للسفر والعمل بالعاصمة التونسية، والمساواة بينهم وبين سكان الحضر والمدن الكبرى بتونس، خاصة مع تفاقم الوضع وزيادة معدلات البطالة خلال الـ خمس سنوات الماضية.
تونس.. احتجاجات في مواجهة الشاهد
توفير نسبة من فرص العمل في قطاعات الغاز والنفط لجميع الشباب من أبناء المناطق الريفية، وتأسيس صندوق استثمار بتمويل من قبل شركات الغاز والنفط بملايين الدولارات كانت أبرز المطالب، بهدف رفع نسب التنمية والسماح لإقامة مشاريع استثمارية أخري بالمدينة، لإنعاش مستوي الاقتصاد بها، وخفض نسب البطالة التي تصاعدت في وسط وجنوب تونس نحو 26% من نسبة قوة العمل، ما عزز من رفع نسبة الفقر إلى 30% من إجمالي عدد السكان، وتمثل نسبة البطالة من عدد سكان المدينة، حوالي أربع أمثال نسبة الفقر بجميع المناطق والمدن التونسية، وفقًا لتقرير نشرته موقع "الصباح" التونسي.
وفي منتصف مايو/ أيار الجاري، خرج مئات الشباب في تطاوين، رافعين لافتات تطالب بالعيش الكريم وتوفير فرص العمل، وخفض نسب الفقر بمدنهم، الذين يعانون من تراجع عائدات شركات الغاز والنفط بالرغم من أن مناطقهم هي المنتجة للنسب الأعلى في الغاز والنفط، ما زاد من حدة الاحتجاجات والمطالبات خلال الأيام الماضية.
ولم تكن هذه المظاهرات هي الأولى منذ أحداث 2011 التي أطاحت بحكم الرئيس التونسي زين الدين بن علي، بل تصاعدت الاحتجاجات بتونس على فترات متتالية، ولكن تكمن الأزمة فقط في الاحتجاجات والمظاهرات الحالية التي يشهدها ريف تونس، بل تصاعدت بعد التعامل السياسي والأمني من قبل حكومة يوسف الشاهد، التي تسعي جاهدة لإخماد هذه الاحتجاجات دون حلول واضحة ووعود حقيقة للشباب التونسي.
وبحسب مواقع تونسية، ظهر فشل حكومة الشاهد في التعامل مع هذه المظاهرات في أكثر من موقف، بداية من تجاهل الاحتجاجات وعدم استماع لمطالب هؤلاء المتظاهرين، مرورًا بالتعامل الأمني المفرط في القوة، ودهس متظاهرين، وإطلاق الرصاص الحي على أماكن تجمعات للمتظاهرين، كمحاولة لإنهاء الوضع والتعامل مع المظاهرات بالحل الأمني فقط.
وردًا على التصعيد الأمني بمناطق الاحتجاجات، أضرم المتظاهرين النيران في مركزين للشرطة، وبعض السيارات التابعة لقوات الأمن التونسي، لتعلن شركات النفط والغاز الأوروبية الموجودة بالمدينة عن إيقاف حركة الإنتاج بشكل مؤقت لحين انتهاء الاحتجاجات واحتواء الأمر المشتعل بين الأمن والمتظاهرين، ليتبعه قرار الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، بتكليف الجيش للنزول لتأمين مواقع للنفط والغاز في تطاوين وباقي المدن التونسية، بهدف استكمال عملية الإنتاج، واحتواء الأزمة والاحتجاجات الحالية.
وذكرت المواقع التونسية، إلى أن أزمة تطاوين الأخيرة هي بمثابة ورقة ضغط جديدة على حكومة الشاهد، خاصة مع تزامن المظاهرات مع تراجع الوضع الاقتصادي بتونس، ومحاولات للحصول على مساعدات وقرض من صندوق النقد الدولي، خاصة مع تراجع قيمة الدينار التونسي أمام باقي العملات الأجنبية، ما أثر بالسلب على الميزانية، وقيمة العملة في الاستثمارات، ونسبة مساهمة السياحة في الدخل القومي لتونس، لترتفع البطالة خلال 2016 نحو 15% من إجمالي قوة العمل.
وفي الوقت نفسه حذر خبراء أمن تونسيين خلال تصريحات منفصلة لوسائل إعلام تونسية، من خطورة الوضع لاسيما وأن التعاطي الأمني مع الاحتجاجات يتسم بالإفراط والقوة، مطالبين قوات الأمن بضبط النفس وعدم اللجوء لإطلاق الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين، وأن عملية حفظ الأمن هي بداية للجلوس مع ممثلي الحكومة والدخول في مفاوضات مباشرة، بدلًا من اتباع العنف والعنف المقابل
وفي إجراءات تبدو انها تتجه نحو التهدئة، فتح عدد من التحقيقات في الأحداث التي شهدتها مدينة تطاوين، لبحث أسباب حرق الممتلكات العامة التابعة لجهاز الشرطة، وحقيقة استخدام الرصاص الحي والخرطوش في تفريق المحتجين.
المغرب .. اختبار لحكومة العثماني
وبعد 7 أشهر من الاحتجاجات بإقليم الحسيمة عقب مقتل بائع للسمك على أيدي رجال الشرطة، اندلعت احتجاجات جديدة في المدينة المغربية، التي تعاني من تزايد معدلات البطالة، وزيادة نسب الفقر، ما يضع عقبة جديدة أمام حكومة سعد الدين العثماني التي تسلم المهمة من رئيس الحكومة السابق عبد الإله بن كيران، عقب 5 أشهر من فشل المفاوضات بين الأحزاب.
كما تصاعدت احتجاجات واعتصامات من قبل العاملين في المناجم وعائلاتهم، لتصل الاحتجاجات ذروتها باعتصام أمام المناجم المغلقة، بعد تراجع الشركات المالكة لهذه المناجم عن التزاماتها نحو العاملين وأسرهم كما وعدتهم من قبل.
وبدأ الاعتصام في 3 مواقع لمناجم تحت الأرض، والتظاهر في مناطق أعلى المناجم بارتفاع 40 مترا من الأرض، ليقف العمل بهذه المناجم بعد استحواذ المعتصمين المغاربة على ساحات كبري من الأنفاق وبالقرب منها، كرد فعل من قبل العاملين بشركات المناجم لقيام الشركات بطرد مجموعة من زملائهم بالعمل.
وتمثلت مطالب المتظاهرين في الحسيمة، بضرورة توفير فرص العمل، والعمل على تنمية المناطق، خاصة وأن المجتمع الريفي بالمغرب يعاني من احتفان اجتماعي لغياب مناطقهم عن خريطة التنمية والرعاية وإتاحة فرص العمل.
وتعد المظاهرات الحالية هي اختبار حقيقي لحكومة العثماني، وطبيعة الإجراءات التي ستتخذها الحكومة المغربية أمام الاحتجاجات الثانية التي يشهدها الريف في أقل من 7 سنوات، خاصة وأن نفس المدينة شهدت اضطرابات عقب مقتل بائع السمك على يد قوات الأمن المغربي، وتصاعدت بالتعامل الأمني المفرط في القوة، عقب الانتخابات التشريعية التي تصدرها حزب العدالة والتنمية في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
ووفقًا لموقع "هسبيريس" المغربي، يعد الاحتجاجات هذه المرة غير مسبوقة في الحسيمة، وريف المغرب، مطالبة باتخاذ إجراءات على المستوي الاقتصادي والاجتماعي والتنموي، ليوجه المتظاهرون انتقادات لاذعة لحكومة العدالة والتنمية ورفضهم لإيجاد مخرج وتهدئة الاحتقان بالإقليم.
ليقدم رئيس مجلس المستشارين المغربي حكيم بنشماش، استدعاء لرئيس الحكومة العثماني لاجتماع حول مطالبات الحركات الاحتجاجية، وطبيعة الخطوات المتوقعة من قبل الوزراء لمواجهة حراك الريف الذي يعاني من وضع محتقن لتدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي خلال السنوات الماضية في ظل حكومة بن كيران الأولي.
وخلال مناقشة الميزانيات الفرعية لقانون مالية 2017 بمجالس المستشارين، جاءت تحذيرات عديدة من قبل البرلمانيين خوفًا من انتقال الاحتجاجات إلى مناطق وأقاليم أخرى تعاني من سوء الوضع الاقتصادي وغياب فرص العمل، وتدهور الخدمات الصحية والاجتماعية للمواطنين المغاربة.
aXA6IDE4LjExNy4yMzIuMjE1IA== جزيرة ام اند امز