عبدالكريم الزبيدي.. الطبيب الهادئ يترشح لرئاسة تونس
الزبيدي لا تبدو علاقته وطيدة برئيس الحكومة يوسف الشاهد والتحالف الإخواني، فقد كان بحسب المراقبين أقرب المقربين للرئيس الراحل السبسي.
"لن أتأخر عن خدمة البلاد".. كلمات مقتضبة قالها عبدالكريم الزبيدي وزير الدفاع الوطني التونسي، دفعت نواب المجلس التشريعي إلى المسارعة بتقديم 12 تزكية تسمح له بخوض معركة الرئاسة المقررة 15 سبتمبر/أيلول المقبل.
- أعضاء بالبرلمان التونسي يزكون وزير الدفاع لانتخابات الرئاسة
- قبول طلبات الترشح لانتخابات الرئاسة التونسية 2 أغسطس
فالرجل الذي يتسم بالهدوء وقلة الظهور الإعلامي، لا تبدو علاقته وطيدة برئيس الحكومة يوسف الشاهد والتحالف الإخواني، فقد كان بحسب المراقبين أقرب المقربين للرئيس الباجي قايد السبسي قبل وفاته.
بداياته المهنية والسياسية
لم يكن المسرح الحزبي في تونس الحاضنة الأولى لمرشح الرئاسية المرتقب، الذي حظي بنوع من الحفاوة السياسية خلال الأيام التي رافقت مرض ووفاة الرئيس الراحل قايد السبسي.
فمن المجال الأكاديمي في الطب انبثقت تجربة الزبيدي المهنية في بداية الثمانينيات، ليرتقي في خطط التحصيل العلمي حتى نهاية التسعينيات ليتولى سنة 1999 منصب كاتب دولة مكلف بالبحث العلمي والتكنولوجي في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، ثم اختير وزيرا للصحة في 2001 في حكومة محمد الغنوشي الأولى.
وفي 27 يناير/كانون الثاني 2011، أصبح الزبيدي وزير الدفاع خلفا لرضا قريرة في حكومة محمد الغنوشي الثانية، وبقي في نفس المنصب في حكومة السبسي ثم في حكومة حمادي الجبالي حتى 13 مارس/آذار 2013.
وفي 12 سبتمبر/أيلول 2017، عينه يوسف الشاهد ثانية في منصب وزير الدفاع الوطني في حكومته.
ويروي عنه أصدقاؤه انضباطه لمهنة الطب والتزامه الحرفي في معالجة الملفات الإدارية التي تناولها في كلية الطب بمحافظة سوسة الساحلية.
إجماع على مدنيته واستنارته
وبحسب مراقبين، فإن الزبيدي تشبع خلال فترة دراسته بفرنسا في السبعينيات بالفكر المستنير والحداثة.
ويرى البعض فيه المقدرة على الحفاظ على صلابة الدولة من آثام الإخوان السياسية وأمراض التطرف التي رافقت وجودهم في تونس منذ سنة 2011.
ويقول رئيس حزب الشعب الإصلاحي عبدالحفيظ الصحراوي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن "السنوات الأخيرة لم تسجل لعبدالكريم الزبيدي اصطفافا سياسيا أو رأيا خارج المؤسسة العسكرية، وهو محل إجماع على مدنيته وأفكاره المستنيرة".
ويضيف الصحراوي الذي زامله في كلية الطب بأن "الزبيدي الذي تخرج في جامعة كلود برنار في مدينة ليون الفرنسية تشبع بأنوار الحداثة وحافظ على استقلاليته".
تزكيات برلمانية وصمت نقابي
وتسمح الـ12 تزكية التي وقعها النواب للرجل الستيني بخوضه معركة الرئاسة دون الحاجة إلى جمع توقيعات من 10 آلاف تونسي على وثيقة منح الثقة.
ويؤكد فيصل التبيني رئيس حزب الفلاحين وعضو البرلمان لـ"العين الإخبارية" أن "الزبيدي نجح في مهمته العسكرية على رأس وزارة الدفاع، وبإمكانه النجاح في قيادة البلاد إلى واقع أفضل، موضحا أنه سحب ترشيحه للرئاسية لصالح الزبيدي".
وفي الوقت الذي سارع فيه النواب بتزكية الزبيدي، سادت حالة من الصمت لدى الاتحاد العام التونسي للشغل على إمكانية ترشيحه، إلا أن دوائر القرار داخل المنظمة النقابية الأكثر وزنا في تونس تفيد في تسريبات إعلامية بأنها ستذهب إلى إعلان مساندتها رسميا للزبيدي عندما يقوم بتقديم ترشحه رسميا انطلاقا من يوم 2 أغسطس/آب المقبل.
قطع الطريق على الشاهد
ويرى مراقبون أن الزبيدي لا يمثل عنصر اطمئنان للشاهد وفريق تحالفه الإخواني، وأن العلاقة بينهما لا تبدو جيدة، وقد كان مقربا للرئيس الراحل السبسي.
وخلق هدوؤه ورصانته السياسية وكبْت تهافته على الرئاسة أنصارا له من خارج منظومة الأحزاب.
واعتبر رمزي القرطبي الباحث في العلوم السياسية في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن "صعود الزبيدي في بورصة الرضا الشعبي جعل من رئيس الحكومة يجتر هزيمة قاسية قبل شهر ونصف من الانتخابات الرئاسية".
وقد أعلن الشاهد في تصريح إعلامي أنه لا يفكر في الترشح للرئاسية.
تصريح يقرأه القرطبي من باب إعلان الرجل لخسارة أوراقه السياسية، مشيرا إلى أن تحالف الشاهد مع الإخوان كلفه انحسارا في منسوب الرضا الجماهيري على أدائه الاقتصادي الذي عجل لدى التونسيين بالرغبة في إيجاد أسماء بديلة.
وقررت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس، تنظيم الموعد الرئاسي في دوره الأول يوم 15 سبتمبر/أيلول، فيما يكون تقديم الترشيحات من 2 إلى 9 أغسطس/آب المقبل.
وفرضت وفاة السبسي على الهيئة إجراء انتخابات رئاسية مبكرة خلال مدة تتراوح بين 45 و90 يوما، وهي المهلة التي يحددها الدستور في الفصل 84 ويتولى خلالها رئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر رئاسة البلاد مؤقتا إلى حين انتخاب رئيس جديد.
وأبقت الهيئة العليا للانتخابات التونسية على موعد الانتخابات التشريعية المقررة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول.