بذكرى اغتيال بلعيد الـ11.. جلسة محاكمة جديدة تنعش آمال القصاص
في ذكرى مقتل المحامي التونسي شكري بلعيد الـ11، ومع تساقط أوراق تنظيم الإخوان، ينطلق الثلاثاء، فصل جديد من فصول محاكمة المتورطين في اغتيال القيادي اليساري.
جلسة تعقد تحت شعار «الشهيد يستنطق قاتليه»، والذي أطلقته هيئة الدفاع عن شكري بلعيد، الذي اغتيل في السادس من فبراير 2013، في حادث يحمل بصمات حركة النهضة الإخوانية.
ففي تصريح سابق لـ«العين الإخبارية»، قالت إيمان قزارة، المحامية وعضو هيئة الدفاع عن شكري بلعيد، إن «الدائرة الجنائية المختصة بالنظر في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس قررت تأجيل النظر في قضية الاغتيال إلى جلسة يوم 6 فبراير/شباط للترافع (مداولات) فيها».
وأضافت قزارة، أنّ «تأخير القضيّة للترافع يعني أنّ الملف جاهز للفصل فيه بعد ترافع المحامين من فريقي الدّفاع والمتّهمين».
في السياق نفسه، قال المنجي الرحوي الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (حزب شكري بلعيد) إنه يسجل بإيجابية التقدم الخاص في ملف القضية، خاصة بعد مسار 25 يوليو/تموز 2021 (الإطاحة بحكم الإخوان)، داعيًا إلى مزيد من التسريع في كشف الحقيقة كاملة ومحاسبة كل المتورطين.
وجدد اتهامه لـ«عناصر الإخوان وقياداتها»، متهمًا إياها بالتورط في اغتيال بلعيد وفي كل جرائم الإرهاب التي شهدتها تونس خلال العشرية السوداء».
وأشاد بـ«مجهود هيئة الدفاع عن شكري بلعيد التي تخوض ملحمة أسطورية في مواجهة السياسة الممنهجة لطمس معالم الجريمة خلال حكم الإخوان والمتحالفين معهم».
مسار القضية
في 23 يناير/كانون الثاني 2012، أعلم شكري بلعيد عميد المحامين بكونه محل مراقبة ورصد ليتم مراسلة وزارة الداخلية وإخبارها بذلك، فكان ردها بتاريخ 8 فبراير/شباط 2012 أن «التحريات أكدت عدم صحة مزاعم بلعيد».
وفي 6 فبراير/شباط 2013، اغتيل شكري بلعيد برصاص أمام منزله في العاصمة التونسية، لتبدأ فصول المحاكمة، بفتح قضيتين، الأولى بمحكمة أريانة الابتدائية من أجل القتل العمد والثانية أمام محكمة تونس الابتدائية من أجل جريمة إرهابية نتج عنها القتل.
وبعد الضغط الشعبي وخروج الآلاف من التونسيين في مظاهرات عارمة، تم إضفاء الصبغة الإرهابية على الجريمة والتخلي عن جريمة الحق العام في اليوم نفسه.
وفي 25 فبراير/شباط 2013، أعلنت السلطات التونسية عن هوية منفذ عملية الاغتيال كمال القضقاضي، واضعة إياه محل التفتيش.
وبدأ منذ ذلك الوقت معركة هيئة الدفاع عن شكري بلعيد مع قاضي التحقيق التابع للإخوان البشير العكرمي (حاليا في السجن بتهمة التستر والتواطؤ في قضية الاغتيالات).
خروقات إخوانية
معركة تسلحت هيئة الدفاع فيها بعدد من «الخروقات»؛ بدءًا من عدم الاطلاع على فحوى حاسوب المتهم الرئيسي أحمد الرويسي إلى أن تمت سرقته، مرورًا بعدم حجز سيارة من نوع «فيات» التي شاركت في عملية اغتيال بلعيد، إلى عدم حجز محتويات قاعة الرياضة الموجودة وسط العاصمة، حيث تدرب القضقاضي.
ومن بين «الخروقات» كذلك: إخلاء سبيل المتهم شكري بن عثمان، الإمام بجامع حي الخضراء، والذي حرض على اغتيال بلعيد، إضافة إلى عدم توجيه الاتهام لمن ثبتت مشاركتهم في عملية الاغتيال.
تلك الخروقات دفعت هيئة الدفاع عن شكري بلعيد إلى تقديم شكاوى ضد قاضي التحقيق البشير العكرمي، إلا أن المتحدث الرسمي باسم النيابة العامة سفيان السليطي (مسجون حاليا) رد عليها -آنذاك- بأن القضاء مستقل وأنهى التحقيق في القضية.
وفي أغسطس/آب 2016، تمت ترقية قاضي التحقيق المكلف بقضية الاغتيال، البشير العكرمي إلى رتبة وكيل الجمهورية (المدعي العام) بالمحكمة الابتدائية بتونس والمشرف الوحيد والرئيسي على القطب القضائي لمكافحة الإرهاب (محكمة مختصة).
أوضاع جعلت الأمور تتعقد أكثر -حينها- بالنسبة لهيئة الدفاع، ما جعلها تبحث عن الحقيقة خارج الملف القضائي عبر تجميع الملفات الإرهابية.
وفي 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، كشفت هيئة الدفاع عن ملف مصطفى خذر (المشرف على الجهاز السري للإخوان) الذي تعود أحداثه إلى تاريخ 19 ديسمبر/كانون الأول 2012، وهو ملف الجهاز السري لحركة النهضة والذي يرأسه راشد الغنوشي زعيم إخوان تونس، وقدمت حينها شكوى جزائية أمام المحكمة العسكرية، ضد 27 شخصا على رأسهم راشد الغنوشي تضم أمنيين وقيادات من النهضة.
وفي 26 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أعلن عن وجود الغرفة السوداء في مقر وزارة الداخلية، وجرى معاينتها ورفع جميع محتوياتها بالاستعانة بالحرس (الدرك) الوطني وإيداعها بالخزينة لقطب مكافحة الإرهاب.
ورغم ذلك، إلا أنه جرى المماطلة في القضية، إلى أن التقت هيئة الدفاع بالرئيس التونسي الراحل الباجي قائد السبسي، لتنجح في 2018، في فتح تحقيقات أولية، وانطلاق جلسات استماع بخصوص الجهاز السري للإخوان.
وفي مايو/أيار 2022، قرر قاضي التحقيق حظر سفر عدد من المتهمين المنتمين لحركة النهضة الإخوانية؛ بينهم الغنوشي، وتسجيل فرار بحق آخرين، مثل: رضا الباروني ومصطفى خذر وعبد العزيز الدغسني.
وأدركت السلطات القضائية -آنذاك- أن هناك مواد إثبات جنائية سرقت من مستودعات حكومية للغرفة السوداء، بالإضافة إلى سرقة محاضر منذ فبراير/شباط 2020، وأقراص ليزرية خاصة بالتحقيق مع عامر البلعزي وهو الشخص الذي قام بإخفاء مسدس الاغتيال.