قيس سعيد يقتحم "دهاليز" الدستور ويضع الإخوان في "متاهة"
لم تمر ذكرى تأسيس قوات الأمن التونسية الـ65 بردا وسلاما على إخوان تونس، إذ وجّه الرئيس قيس سعيد ضربة موجعة لخصومه ووضعهم في متاهة.
فأستاذ القانون الدستوري الذي جاء من خارج المنظومة السياسية في انتخابات 2019، فاجأ أمس الأحد، خصومه في حركة النهضة؛ الذراع السياسية لتنظم الإخوان الإرهابي في تونس، بإعلان نفسه القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والأمنية، الرجل الأول الذي يشرف على كل الأجهزة المسلحة، بوصفه رئيسا للجمهورية.
وبإعلانه هذا، يصحح قيس سعيد مسارا استقر منذ 2014، حين سيطر الإخوان على السلطة، بذريعة تفسيرهم الخاص للقاعدة الدستورية.
وقال قيس سعيد في خطاب حضره الغنوشي ورئيس الحكومة: "من يريد تأويل تمسكه بالدستور على أنه رجوع للديكتاتورية مخطئ؛ بل العكس صحيح إذ هو تثبيت للقانون فوق الجميع".
وأضاف: "القوات المسلحة يجب أن تكون في خدمة الشعب وأسوة له في تطبيق القانون.. النص واضح ومن لم يتضح له سنة 2014 فليكن له واضحا من اليوم".
الإعلان الذي يستند إلى خبرة سعيد الدستورية، يتوقع مراقبون للشأن التونسي أن يكون منعرجا فاصلا في مسار الصراع المفتوح بين الرئيس التونسي وجبهة الإخوان الإرهابية التي تبحث منذ فترة على آليات لإقصاء سعيد وعزله من موقعه.
كما يتوقع مراقبون أن يعطي هذا الإعلان الرئيس التونسي أدوات أنجع لمقاومة المد الإخواني في البلاد.
انزعاج حركة النهضة وأدواتها ظهر سريعا؛ حيث انطلقت "ماكينة" التشويه الإخواني التي تعمل على استهداف الرئيس التونسي حتى إن بعض قيادات الحركة دعت إلى تجييش أنصارها للتظاهر ضد سعيد.
مصادر مقربة من الرئيس التونسي، كشفت لـ"العين الإخبارية"، أن قيس سعيد فقد الثقة في جدوى التحاور مع الإخوان بعد اطلاعه على ملفات هامة تدين تورطهم في الإرهاب.
وبينت ذات المصادر أن سعيد سيترأس قريبًا اجتماعًا لمجلس الأمن القومي التونسي (يضم قيادات أمنية وعسكرية عليا) لطرح ملف الجهاز السري للإخوان وتقديمه للقضاء، مؤكدة أن الرئيس اطلع خلال لقائه الجمعة الماضية بمحافظ البنك المركزي التونسي، على التمويلات المشبوهة التي تصل حركة النهضة عبر جمعيات خيرية.
وقد بلغت ثروة راشد الغنوشي وفق تقارير إعلامية وأمنية خاصة أكثر من مليون دولار، مصدرها تهريب الأسلحة والتمويلات الخارجية والاتجار بالبشر؛ عبر تسفير الشباب التونسي بمقابل مادي إلى بؤر التوتر في العالم.
مواجهة إرهاب الإخوان
ويكشف محمد العزازي القيادي في حملة قيس سعيد الانتخابية في تصريحات لـ"لعين الإخبارية الخطوة القادمة من الرئيس التونسي بعد إعلان صلاحياته العسكرية والأمنية.
وقال العزازي إن "سعيد لا يريد الفصل بين القوات الأمنية والعسكرية في الحرب على الإرهاب، و إعلانه بأنه القائد الأعلى لكل الأسلاك المسلحة هو توحيد للقوة الأمنية في مواجهة الإرهابيين".
وقد اشتغلت حركة النهضة منذ سنوات -حسب العزازي- على التفرقة بين مختلف الأجهزة الأمنية من أجل إضعافها حتى يتم اختراقها بسهولة، وخلق جهاز أمن موازٍ يخدم فقط مصالح الإخوان.
وأكد القيادي في حملة سعيد أن توحيد كل الأسلحة العسكرية تحت قيادة رئيس الجمهورية، سيضعف من محاولات التمكين الإخواني، وسيغلق الباب أمام كل محاولة من راشد الغنوشي للانقلاب على الرئيس التونسي، وسيغلق الباب على نشاط الجهاز السري لحركة النهضة في المؤسستين الأمنية والعسكرية.
ومن المنتظر أن يدفع قيس سعيد إلى إعلان وزير جديد للداخلية، وهو المنصب الذي يحتفظ به رئيس الحكومة هشام المشيشي، منذ ثلاثة أشهر.
انقلاب فاشل
وكانت مصادر أمنية خاصة أكدت في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية" بأن راشد الغنوشي اتصل سرا بقيادات أمنية عليا في مطلع شهر أبريل/نيسان الجاري، يرجح بأن الهدف منها عزل الرئيس وإبعاده من موقعه.
وأفادت هذه المصادر بأن زعيم إخوان تونس اشتغل على إعداد ملف طبي مزور يثبت عم قدرة سعيد على الرئاسة، وبالتالي يصبح الغنوشي رئيسا للبلاد.
ويعطي دستور 2014 الأحقية لرئيس البرلمان بترأس البلاد في حال حدث شغور في موقع رئيس الجمهورية.
سيناريوهات مفتوحة
يرى مراقبون بأن كل السيناريوهات مفتوحة في حرب قيس سعيد ضد الإخوان؛ فإصرار الرئيس التونسي على تقريعهم في كل خطاب وفضح مخططاتهم، دفع بالإخوان إلى التلويح باستخدام ورقة الشارع للتخريب والتهديم؛ وهو أسلوب إخواني في لحظات العزلة السياسية، وتضييق الخناق.
التهديدات الإخوانية بدت جلية في صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي يديرها رفيق عبد السلام صهر راشد الغنوشي، والذي حرّض في عديد التدوينات على السلامة الجسدية للرئيس التونسي.
ويرى المحلل السياسي بسام حمدي تصريحات لـ"العين الإخبارية" بأن معركة كسر العظام بين الغنوشي وسعيد لن تنتهي قريبا، مشيرا إلى أن محاولات التقريب بين الجانبين فشلت في الفترة الأخيرة.
وأوضح بأن مخاوف كبرى من انتقال هذا الصراع إلى الشارع، قد تحول تونس إلى مواجهات ميدانية بين أنصار الرئيس التونسي والجماعات الإخوانية.
ضربة الأمس التي وجهها سعيد لخصومه، ما هي إلا باب جديد في فصل المواجهة بين الرئاسيات الثلاث، بعد معارضة الرئيس تعديلات وزارية أجراها المشيشي، وأخرى تتعلق بالمحكمة الدستورية.