في عين العاصفة.. عقد "لوبينغ" يفاقم عزلة إخوان تونس
حين بدأ مركب إخوان تونس بالغرق لم يجدوا قشة يتمسكون بها سوى اللجوء إلى لوبي دعائي خارجي، في محاولة للطفو من جديد ورأب جدرانهم المتصدعة.
عقد "لوبينغ" جديد لحركة النهضة الإخوانية في تونس يدق المسمار الأخير بنعش تنظيم زلزلته تدابير استثنائية للرئيس قيس سعيد، في 25 يوليو/تموز الماضي، نصت على تجميد عمل البرلمان وتعليق حصانة أعضائه، وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي.
عقد تداوله إعلام تونسي قال إن "النهضة" وقعته مع شركة دعاية بالولايات المتحدة الأمريكية لتلميع صورتها في الخارج مقابل 30 ألف دولار، في خطوة جاءت بتاريخ 29 يوليو/تموز الماضي، أي بعد أربعة أيام فقط من قرارات سعيد.
ولئن سارعت الحركة -كعادتها- بنفي الخبر، إلا أنه بالتدقيق في سجل صادر عن وكالة تسجيل مصالح القوى الأجنبية التابعة لوزارة العدل الأمريكية، يمكن الوصول إلى الوثيقة التي يرى مراقبون أنها قد تقود -في حال تأكيد صحتها- إلى حل الحركة.
البيت الأبيض.. هدف الإخوان
الاحتجاجات الشعبية العارمة التي سبقت قرارات الرئيس التونسي وما تلاها من تطورات، كشفت جليا تآكل شعبية الإخوان بشكل كبير ونضوب خزانهم الانتخابي، متأثرا بأداء حكومي واهن قاد البلاد إلى حافة الانهيار.
كشف حساب فضح الإخوان أمام التونسيين وكتب نهاية فرعهم بالبلاد، لكن يبدو أن التنظيم الذي تقوم أدبياته على الدم مقابل احتكار السلطة لم يحترم قرار الشارع، ووصف إجراءات سعيد بـ"الانقلاب"، وكان يعتقد أنه سيكون قادرا على حشد قواعده لخلق ثقل شعبي ودولي مضاد يجبر سعيد على التراجع.
لكن عزوف القواعد عن النزول إلى الشوارع، والدعم الدولي الكبير الذي حظيت به قرارات سعيد، ضيق الخناق على الإخوان، ويبدو أنه دفعهم للمسالك غير القانونية التي يحذقونها على الدوام، وهي الترويج لصورة كاذبة عنهم تبدأ من البيت الأبيض، وتنتهي في تونس.
وبحسب العقد الجديد، تحاول الحركة الاعتماد على لوبي دعائي خارجي للإيهام بوزنها في تونس، ما يشجع لاحقا الدوائر الخارجية على المراهنة عليها، في هدف أساسي يقوم على التأثير على موقف الإدارة الأمريكية والرأي العام الأمريكي ودفعه نحو تبني موقف من تطورات تونس على أنها "انقلاب على الديمقراطية" وليس تصحيحا لأخطائها القاتلة.
في الأثناء، ذكرت تقارير إعلامية تونسية أن النيابة العامة شرعت في التحري بشأن صحة الوثيقة قبل اتخاذ القرارات اللازمة حيالها.
سيناريو الحل
الفصل 19 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر/أيلول 2011 والمتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية في تونس ينص على أنه يحجر على الأحزاب السياسية قبول تمويل مباشر أو غير مباشر نقدي أو عيني صادر عن أي جهة أجنبية، أو تمويل مباشر أو غير مباشر مجهول المصدر.
فيما تنص الفقرة الثالثة من الفصل 28 من ذات المرسوم على أنه يتم حل الحزب، وذلك عندما يتمادى في ارتكاب المخالفة رغم التنبيه عليه"، ما يعني أن النهضة الإخوانية قد تتلاشى قريبا بفعل القانون تماما كما اضمحلت بحكم الشعب.
وبتداول الوثيقة، استنكر نشطاء سياسيون في تونس لجوء الإخوان إلى لوبي للدعاية الخارجية، محذرين من أنهم يسعون للتأثير على السياسة الداخلية وصياغة رأي عام مناهض لسعيد، بما قد يقود نحو الفوضى والاقتتال الداخلي.
كما استنكروا المسار غير القانوني للحركة الإخوانية، والذي يفتح أبواب التدخل الخارجي في شؤون تونس.
نص قانوني واضح يحجر على الأحزاب تلقي تمويلات أجنبية، ما يفجر التساؤل حول مصدر الأموال التي دفعتها الحركة مقابل عقد الدعاية، وهي التي تدعي أن إيراداتها متأتية من مساهمات أعضائها، في مبالغ لا يمكن أن تضاهي حجم العقد في جميع الأحوال.
كما أن العقد الجديد يشير إلى مقر فرع الحركة في لندن الكائن في مبنى برج "ماربل أرتش" الذي تقول تقارير إعلامية إنه لمالكين قطريين.
سوابق
لا يعتبر عقد اللوبينغ الأول من نوعه لإخوان تونس، ما يعزز احتمال حل الحركة هذه المرة باعتبار السوابق المسجلة بحقهم بهذا الصدد.
ففي 2020، كشف تقرير لمحكمة المحاسبات التونسية، أعلى هيئة قضائية رقابية بالبلاد، حول الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة، أن حركة النهضة تعاقدت مع شركة ضغط أمريكية من أجل تلميع صورتها.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قالت المحكمة إن قيمة العقد الذي أبرمته الحركة الإخوانية بلغ ربع مليون دولار، مشيرة إلى أنه لم يتسن لها معرفة مصادر تلك الأموال.
ولم تبت المحكمة في هذا الملف لعدة اعتبارات في مقدمتها سيطرة الإخوان على مفاصل الدولة قبل 25 يوليو، ما يمنع تقديم أي ملف يهدد وجودهم.
وفي 2012 أيضا، نشر موقع "ميديا بارت" الفرنسي خبرا مفاده أن الحركة الإخوانية وقعت عقدا مع شركة ضغط أمريكية لذات الهدف.
aXA6IDMuMTUuMzQuNTAg جزيرة ام اند امز